الوصف
رغم أن الموضوع قد يتشعب وقد تكثر تفصيلاته – إلا أننا سنحاول جمعه واختصاره في نقاط مرقمة ومركزة – فتابعوا معنا ….
مقالة
الخلق من منظور علمي وديني في مقابل خرافات التطور – مقال للاحتفاظ به
رغم أن الموضوع قد يتشعب وقد تكثر تفصيلاته – إلا أننا سنحاول جمعه واختصاره في نقاط مرقمة ومركزة – فتابعوا معنا ….
=================
أولا : الخلق في مقابل التطور من الناحية العلمية
=================
إن مشكلة الإيمان بـ (الخلق) مقابل (التطور) في العلم المادي العلماني الحالي : ليست هي ضعف أدلة وجود خالق حكيم قادر مُريد ومُدبر وصانع مُتقِن .. أبدا .. فكل ما في الكائنات الحية يدل على صانع له هدف وغاية .. هذه من أبسط بدهيات العقل عندما يرى أي لغة .. فاللغة تدل على معاني والمعاني تدل على ذات نتج عنها (ترميز) لهذه المعاني إما في شكل أصوات أو رسومات وحروف أو …… أو شيفرات وراثية مثل التي تم اكتشافها في حمض نووي خلايا كل كائن حي من حيوان أو نبات تحمل صفات وتعليمات عمل جسم الكائن الحي كله !!
يقول بيل جيتس أشهر مبرمجي العالم صاحب مايكروسوفت ويندوز :
” الحمض النووي DNA أشبه ببرنامج الكمبيوتر !! بل أكثر تطورا بكثير من أي برنامج تم عمله إلى اللحظة ”
“DNA is like a computer program but far, far more advanced than any software ever created.”
المصدر :
Gates, The Road Ahead, Penguin: London, Revised, 1996 p. 228
هذه وحدها – أي لغة برمجة الصفات الوراثية في خلية كل كائن حي من 4 حروف (وهي القواعد النتروجينية الأدنين والثايمين والجوانين والسيتوزين) – كافية كما قلنا لأي عاقل أن يعترف على الفور بأن خلفها خالق قدير حكيم له غاية وهدف من الخلق. وهذا ما فعله ريتشارد دوكينز نفسه في لقائه مع المذيع اليهودي بين شتاين في فيلم (المطرودون غير مسموح بالذكاء Expelled: No Intelligence Allowed) عام 2008م – عندما اعترف أنه لن يندهش إذا وجد توقيعا للخالق داخل الخلية !! ولا ننسى الملحد الشرس أنتوني فلو والذي كان من أحد أسباب تركه لإلحاده بعد أكثر من 50 سنة هي اكتشافات الحمض النووي الوراثي التي أذهلت الملحدين – فألف كتابه الشهير (هناك إله There Is a God)
بل وكل يوم يقترب العلم المادي نفسه من تأكيد الإشارات التي جاءت بمعظمها الأديان السماوية شيئا فشيئا !! حتى العناصر المعروفة في جسم الإنسان إلى الآن هي نفسها من عناصر الطين Clay تحديدا (أي التراب والماء) وليس حتى من (الرمل والماء) لأن التراب كيميائيا غير الرمل !!
هذا خبر من جامعة كورنيل الشهيرة يؤكد أن الخلايا الأولى نشأت في الطين لتفسير عناصر جسم الكائن الحي :
Before cells, biochemicals may have combined in clay
وحتى مجلة نيتشر التطورية نفسها نشرت هذا الاعتراف :
Enhanced transcription and translation in clay hydrogel and implications for early life evolution
إذن – وكما قلنا – المشكلة مع الإيمان بالخلق ليست في أدلته (والتي تتجلى الآن بصورة علمية أكاديمية في الخارج تحت ما أسموه بنظرية : التصميم الذكي Intelligent design والتي تنفي العشوائية عن نشأة وتنوع الكائنات الحية) – المشكلة هي في المنهج المادي نفسه الذي يريد العلمانيون فرضه على نواحي العلم بأن يوهموا الناس أن كل غير مرصود ماديا أو لا يوجد طريقة لرصده (مثل الإله الخالق عز وجل) = غير موجود أو = خرافة أو = علم زائف !!
وذلك رغم أن هذا العلم المادي نفسه يبيح لنفسه الحديث عن عشرات الأشياء بمجرد رصد آثارها فقط من غير أن يراها أحد بالفعل !!
فالإلكترونات والفوتونات والبروتونات والبوزونات والكواركات والمادة المظلمة والطاقة المظلمة وحتى الثقوب السوداء لم يرها أحد على الحقيقة كما قد يظن أغلب غير المتخصصين !! إذن لماذا تستثنون إثبات الخالق ؟؟
شيء آخر هام .. وهو وقوع المعترضون على الخلق في مغالطات منطقية مضحكة وغاية في السخرية !!
مثلا قولهم أننا ندرس تفاصيل الكون والكائنات : ولا يضرنا وجود خالق من عدمه !! والرد : أننا عندما نحضر مثلا موتورا جديدا لمجموعة من الباحثين ليدرسوه ويعرفوا طريقة عمله : فبالفعل لن يتأثر بحثهم ومشاهداتهم واستنتاجاتهم بمعرفة صانعه أو مخترعه أو مصمم – هذا بديهي بالفعل ومفهوم ولكن ……….
هل يوجد إنسان لديه ذرة عقل يقول أنهم ببحثهم ومعرفة كيفية عمل الموتور : يخرجون بنتيجة أنه ليس له صانع أو مخترع أو مصمم ؟
هل يقول عاقل أنهم سيستنتجون أن الموتور تجمع وتركب بكل دقة وهدف وغاية : صدفة وعشوائية ؟!
هذا اسمه (هراء) ولا يمت للعلم بصلة ولا حتى للعقل !!
الخلاصة :
ليست مشكلة الإيمان بالخلق علميا هي في غياب أدلة على وجود الخالق وإنما : عدم تقبل العلم العلماني المادي الشاذ لوجود خالق خارج عن الرصد والخضوع تحت ميكروسكوباته !! وكأنه من المفترض على الخالق أن يكون من نفس مادة المخلوق مثلا (وحاشاه سبحانه)
ولو كان لهذا التعنت الإلحادي والعلماني علاقة حقيقية بالعلم فعلا وتقدمه : لما كان أعظم علماء المسلمين في العالم مؤمنين بخالق ورغم ذلك أبدعوا وتقدموا وأرسوا قواعد ما فيه ازدهار العلوم اليوم !! وكذلك أكابر علماء الغرب نفسه سواء قديما من فلاسفة الإغريق واليونان المؤمنين بخالق أو مَن جاءوا بعدهم بقرون وإلى اليوم مثل :
جاليليو – كوبرنيكوس – بيكون – نيوتن – ماكس بلانك – وحتى أنشتاين بعبارته الشهيرة للرد على عجائب فيزياء الكم واحتمالاتها الغريبة :
” إن الإله لا يلعب النرد مع العالم أو الكون”!
God doesn’t play dice with the world
المصادر :
William Hermanns. (1983).Einstein and the Poet: In Search of the Cosmic Man Paperback (pp. 58) Brookline Village, MA: Branden Press
Letter to Max Born (4 December 1926); The Born-Einstein Letters (translated by Irene Born) (Walker and Company, New York, 1971) ISBN 0-8027-0326-7
حيث كان يؤمن أنشتاين بإله غير مشخص – أي غير محدد كما في الديانات المحرفة مثلما وصفته اليهودية والنصرانية بالنقص والندم والجهل إلخ –
وعلى هذا : فيُخطيء كل الخطأ مَن ينتظر من المسلمين أو المؤمنين بإله أنهم سيعطونه بديلا (مرصودا) لعملية (الخلق الإلهي المعجز) في مقابل نسفهم لخرافات (التطور) !! هذا محال ولا ينتج عن إنسان فهم الفارق بين الخالق والمخلوق !! بل لو فعلها أحد لصار هو الخالق بدلا من الله !! يقول جل في علاه :
” ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا ” الكهف 51
وسوف نتعرض للخلق الإلهي في النصف الديني من المقال ولكن …
لماذا نصر دوما على وصف التطور بأنه (خرافة) ؟؟
ولماذا على المسلم – وحتى غير المسلم إذا كان عاقلا محترما لنفسه وعقله – أن يرفض التطور حتى ولو لم يكن لديه البديل ؟ – ومثلما فعل مثلا ديفيد برلنسكي اللاأدري اللاديني الشهير David Perliniski
فليس معنى أنه ليس لدي بديل (على فرض ذلك) : أني أقبل بمجموعة قصص وخرافات تحول بقرة أو دب إلى حوت وديناصور إلى طائر بجناحات !!
———————————-
1- في أي نظرية علمية محترمة : توجد أولا مشاهدات لحقائق واقعة – ثم تأتي أفكار واستنباطات وفرضيات لتفسير هذه الحقائق : ثم تدعم هذه الاستنباطات والفرضيات أدلة – فإذا صحت هذه الأدلة : تتسبب في تثبيت النظرية واعتمادها .. وكلما كانت الأدلة قوية : كانت النظرية قوية ومقبولة
2- التطور في أحسن حالاته لم يخرج عن كونه مجموعة أفكار خرافية تولدت بعد الثورة العلمانية في أوروبا – ولم تأت على يد داروين أو غيره إلا بمجموعة ضخمة من الفرضيات غير المدعومة بأدلة صحيحة !! حيث لم يقودها في الحقيقة للأسف إلا قادها الرغبة في إيجاد (بديل) عن فكرة (الخلق) الدينية لا يكون فيه أي تدخل (إعجازي) من الخالق وإنما : الطبيعة العمياء والمادة الصماء والعشوائية التي لا هدف مُسبق لها ولا تقدير ولا غاية !! وعلى هذا إذا عاملنا خرافة التطور بما تستحق لقلنا أنها علم زائف لزيف أدلتها وخطأها .. ولعشرات التزوير والغش والتزييف والخداع الذي انتهجه العديد من التطوريين أنفسهم لتقديم أدلة غير صحيحة إلى العالم لعشرات السنين
3- وتتجلى هذه الخرافة في :
– قبل داروين كانت توجد تصنيفات للكائنات الحية بدون القول بالتطور
– قبل داروين أيضا كان يوجد طب وصيدلة وتشريح بدون القول بالتطور
– فالخالق الواحد له بصمة واحدة في مصنوعاته بعكس العشوائية !!
– أيضا التدرج في ظهور أنواع الأحياء في الأرض هو تدرج منطقي
– فالنباتات ستظهر قبل الحيوانات التي ستظهر قبل الإنسان !!
– كل ذلك لم ير فيه أحدا دليلا على التطور المزعوم الذي لم يره أحد
– عدم وجود بقايا آثار وحفريات كائنات وسطية بين الأنواع المتطورة
– رغم أنه من المفترض عددها أضعاف أضعاف أنواع الكائنات الحالية
– ورغم أن اكتشافات الحفريات وصلت لأقدم ظهور كائنات حية
– بل الفاضح أن كل كائن حي تظهر حفرياته فجأة ولا تتغير إلى الآن
– هذا الكلام اعترف به متخصصون ومنهم تطوريون مثل :
– روبرت كارول Robert Carroll
– ستيفن جاي جولد Gould, Stephen J
– فرانسيس هيتشينج Francis Hitching
– أيضا لا يوجد طفرات ((إضافة)) لأي صفة أو عضو جديد في الكائن
– وإنما الطفرات كلها عشوائية وضارة والنافع النادر فيها يكون (فقد)
– مثال طفرة فقد: طفرة تفقد البكتريا مكان تأثير المضاد الحيوي عليها
– هنا الطفرة جاءت بشيء نافع في هذه الظروف فقط – ولكنها (فقد)
– فكيف يعتمد التطور على طفرات (فقد) لا تضيف للمحتوى الجيني ؟
– أيضا لماذا لا نرى طفرات كثيرة مفيدة في الكائنات الحية الآن ؟
– فلو كان كلامهم صحيحا لوجب رصدها في ملايين أنواع الكائنات الآن
– وحتى لو قالوا أنها بطيئة : فهي بطيئة في النوع الواحد وليس كلهم
– وحتى لو افترضنا أنها بطيئة في الجميع معا !! فهذا ضد آليات التطور
– لأن التغييرات البطيئة على آلاف وملايين السنين ليس لها معنى !!
– وهكذا سيتخلص منها الانتخاب الطبيعي لأنه لا يقرأ الغيب !!
– وحتى الذين قالوا أن التغيرات كان لها فائدة وقتها فلا دليل لهم
– والأمر برمته أصلا طي الخرافة بعد اكتشاف شيفرة الحمض الوراثي !
– فكل صفة في الجسم يقابلها شيفرات غاية في النظام والتعقيد
– ومعنى ذلك أن أي تغيير مفيد في الكائن ليس خاضعا للعشوائية
– وإنما يجب أن يقابله برمجة كاملة في آلاف وحدات الحمض النووي !
– أيضا لم تعد تنطلي على أحد خدعة احتجاج التطور بالجهل العلمي
– حيث يستغلون جهل وظائف بعض الأعضاء ليقولوا أنها نتاج صدفة
– ثم يأتي العلم فيكتشف لكل هذه الأعضاء وظائف ويفضح التطوريين
– هذه الخدعة لا زالوا يمارسونها الآن بكل بجاحة ويسخر منها العلماء
– فمن أتفه التفاهة أن تترك جسما مليء بالإعجاز وأدلة الصنع المتقن
– ثم تحاول التحجج بأشياء لا تعرف وظيفتها بعد فيه !!
– والعاقل فقط يعرف أن مَن أبدع النظام الكامل لن يخطيء بأقل منه !
4- ولكل هذا الضعف والتهافت وعدم وجود أي أدلة محترمة على خرافات التطور : لجأ التطوريون إلى تسمية بعض المظاهر العادية بأنها (تطور أصغر) : يقود في زعمهم إلى (التطور الأكبر) بعد وقت طويل !!
هذه المظاهر مثل :
الطفرات – التكيف – التهجين
فهي كفيلة بأنه عندما يسخر أحد منهم أن يقولوا له ساعتها : التطور الآن يُدرس في كل جامعات البيولوجي والطب وعليه أبحاث !! وهم يقصدون في الحقيقة إذا سألتهم هذه المظاهر التي هي موجودة بالفعل ولكن لا صلة لها بتحول أو تطور نوع إلى نوع أو ظهور عضو جديد أو صفة جديدة تماما لم تكن في نوع كائن حي من قبل !!
5- فأما الطفرات العشوائية : فلم ولن ويستحيل أن ينتج عنها في يوم من الأيام (إضافة) محتوى وراثي له معنى في أي كائن حي – وإنما أفضل حالاتها إذا كان لها فائدة فتكون في طفرة (فقد) وليس (إضافة) !! وعلى العموم : كل الطفرات المفيدة (الفقد) المرصودة – وأغلبها في البكتريا وحيدة الخلية – لم ينتج عنها في يوم من الأيام عضو واحد جديد لم يكن فيها من قبل فضلا عن أن تتطور إلى نوع آخر من الكائنات الحية !! فهي بكتريا قبل الطفرة – وهي بكتريا بعد الطفرة !!
6- وأما التكيف فهذا معضلة جديدة تضاف في وجه التطوريين وليس لهم !! وذلك لأنه عملية غائية واعية معقدة جدا تحدث في جسم الكائنات الحية استجابة لبعض التغيرات البيئية من حولهم (واليوم يبدأ العلماء اكتشاف آلياتها في الوراثة فوق الجينية Epigenetics – فمثلا جسم الإنسان يتكيف مع ارتفاع درجة حرارة الصيف ومع انخفاضها في الشتاء !! وكذلك يتكيف إذا عاش لمدة في الارتفاعات الكبيرة فوق الجبال أو في الانخفاض لفترة تحت الماء – وهكذا … وعلى العموم : فأيضا التكيف لا ينتج عنه عضو جديد لم يكن في الكائن من قبل فضلا عن أن يتطور إلى نوع آخر من الكائنات الحية !! فالكائن قبل التكيف هو نفسه بعد التكيف !!
7- وكذلك التهجين : هو عبارة عن حوضين : مهما خلطت ما بهما من صفات فلن يأتيك صفات من حوض ثالث خارج عنهما !! فكل كائن حي محكوم بحوضه الجيني Genetic Pool الذي ينتمي إليه ويستحيل أن يتخطاه أو يخرج عنه إلى غيره !! نعم يمكن تهجين بعض الأنواع والفصائل المتقاربة ولكن : يستحيل أن يخرج الهجين ولا أبوه ولا أمه عن الأحواض الجينية لهم ولهذا السبب يكون الهجين في حالتهم هذه عقيما في العادة !! داروين نفسه اعترف أن باب التهجين ومهما فعلوا فيه فله نهاية وحد لا يتخطاها أبدا !! ولكنه – وككل ناسفات خرافاته – قال أنه (ربما) في المستقبل يؤدي التهجين إلى التطور بين الأنواع !!
ولهذا كله :
فاليوم تشهد الساحة العلمية العالمية – حتى التطورية منها – اتجاهين نشيطين في الورقات البحثية المُحكمة (البيرريفيو) وهما :
> اتجاه يهدم كل آليات وافتراضات خرافات التطور
> اتجاه يقدم أدلة على استحالة نشوء الحياة والأعضاء عشوائيا
وبالطبع – وكما شرحنا أعلاه – ليس من مهمة هذه الأبحاث – ولن يُقبل منها أصلا – أن تشير أي إشارة إلى خالق أو إله .. فهذا خارج الإطار المادي العلماني المفروض على العلم في الخارج
نكتفي بهذا القدر بين الخلق والتطور من الناحية العلمية ..
=================
ثانيا : الخلق في مقابل التطور من الناحية الدينية
=================
لا شك أن القائلين بالتطور من المؤمنين بإله هم واحد من ثلاثة :
– إما مخدوع بأدلة التطور الزائفة والمغشوشة التي خدعوا بها العالم
– إما يعرف بزيف أدلة التطور ولكنه يخشى على الشباب المفتون بها وبالعالم العلماني الغربي من أن يلحدوا إذا قيل لهم أن الدين يخالف (حقيقة) أو (نظرية أكيدة) مثل التطور
– إما جاهل يخوض في نصوص الدين مغرورا يحسب أنه يُبدع !!
وأشهر الأمثلة على النوعين الأول والثاني : الدكتور عبد الصبور شاهين – الدكتور عمرو شريف – وإن بدأ يغير بعض أفكاره مؤخرا –
وأشهر الأمثلة على النوع الثالث : عدنان إبراهيم – عماد محمد بابكر حسين
والرد على الأنواع الثلاثة يكفي أن يكون علميا ليفضح تدليساتهم وكذبهم على الله تعالى إذ لا يسلم أحدهم من أن ينسب إلى الله :
– أنه لم يخلق وإنما ترك الصدفة والعشوائية والتي نتج عنها أخطاء !!
– أن خلق الله أصلا هو بالعشوائية المنظمة !!
ولا يستحي أحدهم أن ينسب إلى المخلوقات أخطاء في (التصميم) !! مشيا على نفس المغالطة التطورية الشهيرة في استغلال الجهل للأسف – بل وكل ما يذكرونه قد صار مكشوفا اليوم عن حكمته وغائيته !!
كل ذلك : والله تعالى يتحدى الناس والكفار أصلا في قرآنه بروعة خلقه وإحكامه وتقديره وصنعه المتقن فيقول مثلا :
” فتبارك الله أحسن الخالقين ” المؤمنون 14
ويقول تعالى :
” إنا كل شيء خلقناه بقدر ” القمر 49
ويقول جل في علاه :
” الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ” السجدة 7
وفي حوار موسى عليه السلام مع فرعون عن رب العالمين :
” قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ” طه 50
” ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ” ؟! الملك 3
” أفمَن يخلق كمَن لا يخلق أفلا تذكرون ” ؟! النحل 17
” صنع الله الذي أتقن كل شيء ” النمل 88 !!
فهل الذي أتقن كل شيء : يترك أعضاء بغير فائدة ولا وظيفة أو ضامرة وخردة ؟؟!!
————————————
والحقيقة أن الخلق الإلهي الأول هو معجز بكل المقاييس = إعجاز الفارق بين الحياة والجماد !!
فالذرات التي في الصخرة والسيارة والكمبيوتر والرمال والتراب والماء : هي نفسها الذرات التي في الكائنات الحية والسؤال :
لماذا هذه لا تدب فيها الحياة ويعجز كل علماء العالم عن ذلك : في حين تدب الحياة في ذرات الكائنات الحية ؟
إنه إعجاز أن يُصور الله تعالى بيديه آدم عليه السلام من تراب وماء (طين) ثم صلصال ثم ينفخ فيه الروح فتدب في ذراته الحياة بكل تفاصيلها من دم ولحم وخلايا وبروتينات وعظام إلخ إلخ !!
مرحلة التشكيل :
1) التراب – ” ومن آياته أن خلقكم من تراب ” الروم 20
2) الطين (التراب + الماء) – ” هو الذي خلقكم من طين ” الأنعام 2
3) الطين اللازب (وهو الطين الذي يلتصق باليد) – ” إنا خلقناهم من طين لازب ” الصافات 11
4) الحمأ المسنون (وهو الطين المتغير الرائحة) – ” ولقد خلقنا الإنسان من صلصال ٍمن حمأ مسنون ” الحِجر 26
5) الصلصال (وهو الطين بعد تيبسه) – ” ولقد خلقنا الإنسان من صلصال ٍمن حمأٍ مسنون ” الحِجر 26
6) صلصال ٍكالفخار (أي كالطين المطبوخ بالنار) – ” خـَلقَ الإنسان من صلصال ٍكالفخار ” الرحمن 14
مرحلة نفخ الروح :
7) الروح – ” فإذا سويته ونفخت فيه من روحي : فقعوا له ساجدين ” الحِجر 29
وقد أعطانا الله تعالى مثالا للإيمان بذلك الخلق المعجز من غير تطور – ومن غير آلاف ولا ملايين السنين – ومن غير أي هذه الافتراضات – وذلك في معجزة من معجزات عيسى عليه السلام :
” أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير : فأنفخ فيه : فيكون طيرا ًبإذن الله ” آل عمران 49
وكذلك امتلأ القرآن بالحديث عن آدم عليه السلام في مرحلة الخلق والتكريم – بل وكشخص واحد وليس قوما أو فئة أو نوع أو فصيلة كما طلع بعض المخرفين علينا في وقتنا الحالي ليؤلف كلاما ما أنزل الله به من سلطان
وكل هؤلاء أدواتهم هي : التلاعب بكلمات القرآن للأسف وكذلك إنكارهم الكلي أو الجزئي للسنة وهي تفضح كل أخطاءهم أو تدليساتهم وكذبهم – ومنها الحديث الصريح الصحيح التالي وهو في صحيح مسلم ومسند أحمد وصحيح ابن حبان ومسند الطيالسي وأبي يعلي والروياني وعبد بن حميد غير كتب العقيدة الكبرى وفيه عن أنس رضي الله عنه قال :
” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لما صور الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه ، فجعل إبليس يطيف به ينظر ما هو ، فلما رآه أجوف عرف أنه خلق خلقا لا يتمالك ”
فإذا تركنا التلاعب بالقرآن والسنة للأسف : نجد التلاعب في كتب تاريخ علماء المسلمين ومحاولة الإيهام بحديثهم عن خرافات (التطور) !! في حين أن كل النصوص التي (يستقطعونها) من أماكنها لا تتحدث إلا عن شيئين يتم إخفاء ما قبلهما وما بعدهما حتى لا يظهران للناس وهما : 1- ما كان يسميه القدماء – مسلمون وغير مسلمين – بـ (سلسلة الموجودات العظمى) great chain of being وهي سلسلة ترتب الموجودات من قيمتها ودناءتها إلى أعلاها – فنجد في الأسفل الصخور والجمادات – ثم الأعشاب والنباتات ثم الأشجار – ثم الحيوانات والوحوش ثم الإنسان ثم السماوات ثم الملائكة ثم الإله !! وكما ترون لا يوجد حتى ذكر لتفاصيل مثل الأسمكاك أو الزواحف أو الثدييات لأنها كلها في هذه السلسلة تمثل درجة واحدة من الموجودات !! والملحوظة الأهم هنا : هو أن أحدهم لم يقل أن الإنسان سـ (يتطور) ليصبح ملاكا أو إلها !! هذه الصورة توضح عن ماذا نتحدث مع اختلافات بسيطة : https://palaeos.com/systematics/greatchainofbeing/images/Steps.gif 2- وأما الخدعة الثانية فهي استقطاع الكلام عن علم الكيمياء قديما – وخصوصا ما ذكره ابن خلدون في مقدمته الشهيرة – حيث المسلمون هم الذين فرقوا بين الكيمياء كعلم تجريبي مفيد وبين خرافات السحر والشعوزة وأساطير الخيمياء والسيمياء !! حيث ذكر ابن خلدون الكثير من تلك المفاهيم الخاطئة في مقدمته وسخر منها وذكر كذلك مصطلحاتهم الغريبة التي كان لا يفهمها إلا المُطلع على أفكارهم – حيث كانوا يهدفون إلى الوصول إلى ما يحول التراب إلى ذهب !! أو يستحيل الأشياء من بعضها إلى بعض (يستحيل أي يتحول) – والذي يقرأ السياق بأكمله قبل ما يقتطعه التطوريون من كلام ابن خلدون سيفهم مدى التدليس والدناءة والاستغفال والغش والخداع : أو مدى الجهل لمَن ينقل بغير علم ولا قراءة !! حيث يتحدث عن استحالة النبات إلى شجر وإلى نخل (وهما أرقى في سلسلة الموجودات) وهكذا الاستحالة إلى حيوان إلخ وفي الملف التالي تجدون الرد بالتفصيل والاقتباسات من كلام أشهر المسلمين القدامى الذين يلصقون بهم القول بالتطور الصدفي العشوائي : http://muslims-res.com/pdf/01_49_PDF.pdf ——————————- ويبقى أخيرا معنا بعض الآيات التي يحاول لوي معانيها مَن يقولون بالتطور من القرآن والرد عليها مثل : 1- قول الملائكة : “أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك” – فالراجح أن الملائكة قالت ذلك مما أعلمها الله تعالى به مما سيكون في الأرض (فخليفة يخلف بعضه بعضا أو يخلف الله في الأرض) ولا ننسى أن من الملائكة مَن يحمل أقدار الناس والأشياء المكتوبة قبل وقوعها 2- بالنسبة لآية : ” إن الله اصطفى آدم” وسؤال السائل : اصطفاه على مَن ؟ فالمرجو قراءة الآية كلها ثم قراءة تفسيرها !! حيث يقول تعالى : “إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين” – أي اصطفى هؤلاء الأشخاص وبيوتهم وذريتهم التي كان فيها النبوة على العالمين – ولم يقل أحد أنه اصطفاهم على أشباه بشر أو بشر سابقين إلخ 3- بالنسبة لآية : “ولقد كرمنا بني آدم” فنفس الشيء – المرجو قراءة الآية كلها وما فهمه المسلمون والمفسرون منها : “ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا” فالإنسان مكرم بأحسن خلقة وتقويم على سائر المخلوقات الأخرى – فهو أذكاها وأعلاها قدرا وعقلا – وليس في الآية أي إشارة إلى أسلاف له – وهذا غريب أن تفهم من قوله تعالى (كرمنا بني آدم) أن لآدم أسلاف !! فبني آدم يعني كل البشر – وأما استخدام الله تعالى لوصف بني آدم تارة والبشر تارة والإنسان تارة : فلكل منها مهمته البلاغية في موضع معين من الآيات يرجى الرجوع فيه أيضا إلى كتب التفسير والبلاغة – وليس القصد أنها أوصاف مختلفة – وكمثال فقط لتقريب الفكرة : إذا كان لك عم صالح اسمه الشيخ حسن وقد ربى أبناءه على الصلاح : ثم حدث من أحد أبنائه شيئا أنت استنكرته عليه : فإنك قد تقول له : يا ابن الشيخ حسن عيب عليك ما فعلت ك أو خطأ ما فعلت – ولكنك في موقف آخر قد تناديه باسمه – وفي موقف ثالث قد تقول له : يا ابن عمي – والسؤال : هل الثلاثة أوصاف تعني أنه شخص مختلف (يعني 3 أشخاص) ؟! 4- بالنسبة لآية : “إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون” – فمصدر الخطأ في تأويلها هنا أن آدم ولد مثلما عيسى ولد : هو الظن بأن المثال يعني تطابق المشبه والمشبه به وحالتهما تمام الانطباق من كل وجه !! وهذا غير صحيح لا عقلا ولا في اللغة والبلاغة نفسها – فآدم عليه السلام ليس له أم ولم يخلق في رحم – وعيسى عليه السلام جاء من أم ومن رحم وولادة – وهذا يشير أن محاولة إيقاع التطابق بينهما ليست صوابا – وذلك لأنها تجاهلت وجه الشبه المقصود هنا – فنحن مثلا عندما نقول : كان إبراهيم في المعركة كالأسد – فلا نقصد هنا أنه كان يمشي على أطرافه الأربعة وله ذيل ولبدة شعر !! ولكن مفهوم من السياق أن وجه الشبه هو القوة والشجاعة – وهكذا أيضا تشبيه الله تعالى عيسى بآدم عليهما السلام : فالمقصود منه الخلق المعجز لكليهما – فأصلهما جميعا من تراب (ويصح لغويا أن تقول أنك من تراب حتى وإن كنت مولودا وذلك باعتبار أصل أبيك الأول آدم – وفي ذلك يقول عز وجل لكل البشر: “والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا”) ثم قال الله تعالى لكل من آدم وعيسى كن فيكون – أي في الخلق الذي حدثنا عنه (آدم من تراب وطين ثم حمأ مسنون ثم صلصال كالفخار ثم نفخة الروح كما مر في الحديث المذكور منذ قليل – وعيسى في مراحل نموه في بطن أمه مريم عليهم السلام) – وذلك ليبين لمَن اتخذوه إلها أو ابن إله أنه مخلوق مثلهم ولكن بخلق معجز من الله – فإن كانوا عطموه كإله أو ابن إله لأنه من أم بدون أب : فكان الأولى بهم أن يعبدوا آدم عليه السلام لأنه ولد لا بأب ولا أم !! 5- آية: “قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق” – أيضا المرجو قراءة الآية كاملة وفهمها من سياقها – إذ يقول تعالى: “قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير” حيث المقصود منها العبرة بقدرة الله تعالى على الخلق وبث المخلوقات وظهورها جميعا من غير إعجاز له ولا تعب (وبالفعل وباعتراف التطوريين كما قلنا مثل ستيفن جاي جولد وغيره فإن أكبر معضلة عندهم هي الظهور المفاجيء لحفريات كل نوع مرة واحدة مكتمل في طبقات الأرض) – فإن الذي سيعي ذلك ويعتبر به : فإنه حري أن يؤمن بإعادة الله تعالى للخلق مرة أخرى في لا شيء (لا ملايين السنين ولا تطور ولا يحزنون) – وهو تكملة الآية التي لا يذكرها أصحاب هذا الاستدلال الناقص للأسف 6- آية: “وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم” – فالمرجو أيضا قراءة التفاسير وقراءة كلمة قوم التي تكررت في القرآن : هل كان مقصود منها حقا (كائنات أخرى) غير البشر أو بني آدم ؟! أم المقصود بها دوما (ناس بشر) ؟! أولا : لدينا 38 آية ينادي فيها الأنبياء والرسل أقوامهم بقولهم : “يا قوم” – ثانيا: استخدامات متعددة وكلها تتحدث عن ناس وبشر : ” أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم” – “يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق” – “فإن كان من قوم عدو لكم” … وهكذا – والسؤال : على أي أساس بعد هذا كله يأتي قائل ليقول أن المقصود بآية الاستبدال هو كائنات أخرى ؟!! 7- آية : ” ما لكم لا ترجون لله وقارا * وقد خلقكم أطوارا ” فالمقصود بالطور هنا هو مرحلة حياة وتكون أو نمو – تماما مثلما نتحدث عن طور الدودة في حياة الفراشة – وطور الشرنقة – وأما في الإنسان : فطور النطفة – وطور العلقة – وطور المضغة – وهكذا .. وليس مقصودا بها لا تطور ولا تطوير !! بل ومعنى التطوير أصلا فيه انتقاص لعلم الله تعالى وكأنه خلق شيئا لم يكن يعلم أنه سيحتاج إلى تطوير فيما بعد !! لكن استخدمه البعض بحسن نية عندما أرادوا التوفيق بأي شكل من الأشكال بين القرآن والتطور ونكتفي بها القدر —————
إذن :
فليتق الله كل مَن يتطاول على كتاب الله تعالى .. وليعلم أن التطور لو كان حقيقة فعلا لكان عرفه الناس ولكان اعترف به الأولون والقدماء – طبعا هناك تدليسات واقتباسات مبتورة من بعض كتب المسلمين لإثبات هذه الخرافات وليس مجال الرد عليها الآن –
والحمد لله رب العالمين