الوصف
لما كان زمن القرآن واحد وقد مضى : فقد جعل الله تعالى في آياته مرونة لتشمل كل زمان .. ولو كان كل شيء محكم : لكان محكم بالنسبة لزمانه فقط والذي نزل فيه القرآن !!.. وأما كون هناك مساحة من تقليب النص على عدة أوجه تحتملها الكلمات والتعبيرات والبيان : فهذا أحد كنوز الفقه الإسلامي لمَن يتدبر .. والتي جعلت من الإسلام مع مستحدثات كل زمان : دينا ًغضا ًطريا ًلا يوصف بالتحجر ولا التخلف إلخ إلخ : بعكس كل تشريعات وقوانين العالم مما سواه : وباعتراف المنصفين أنفسهم !!! ( لا ننسى مثلا ًاعتماد الكثير من التشريعات الفرنسية منذ أكثر من قرن من الزمان على أحد كتب الفقه الإسلامي ! وغير ذلك مما يصعب حصره) ..
مقالة
لماذا توجد آيات متشابهات في القرآن : ولم تأت كلها محكمة لمنع الخلاف ؟
(سؤال من إحدى الأخوات) ..
(سؤال من إحدى الأخوات) ..
الرد ..
أختي الكريمة .. لنسأل أنفسنا أولا ًسؤالا ًوهو :
متى يكون وجود الآيات المتشابهات وهي الغير واضحات المعنى بما لا يحتمل اللبس : عيبا ً؟!!!..
أقول :
يكون ذلك عندما تجيء على وجه النقص الذي لم يستطع صاحبه إلا أن يظهر منه رغما ًعنه ...!
والسؤال هنا هو :
هل عندما وضع الله تعالى بحكمته هذه الآيات المتشابهات في قرآنه : هو من هذا النوع ؟!!!..
أقول : حاشا لله ..
بل له حكمٌ كثيرة : لا تخفى على مَن يستجمع عقله وتفكيره للتدبر والتفكر ولو لدقائق يسيرات ..
ولكن .. وقبل أن ألمح لك ببعضها ..
اقرأي معي المثال التقريبي التالي :
ولله تعالى المثل الأعلى ..
لدينا أب .. وثلاثة أبناء ..
والأب يحثهم على طاعته دوما ً.. سواء في غيابه أو في حضوره .. (أي حينما يروه وحينما لا يروه) ..
وفي أحد الأيام : أراد أن يختبر تلك الطاعة التي عندما يسألهم عنها (نظريا ً) : يجيبونه بأنهم يطيعونه !
فماذا فعل ..؟؟..
هو يعلم أنهم يحبون التفاح ...
فجاء بكرتونة (مغلقة) كبيرة من التفاح : ووضعها على المنضدة ...
ثم ناداهم .. وأمرهم ألا يأخذوا منها شيئا ًحتى يعود .. وأن يلتزم كل منهم بحجرته لعمل ما وراءه من أعمال وواجبات ..
وأعلمهم أن تلك أمانة في أعناقهم : لأنه بالطبع لن يستطيع أن يعد التفاح ...
ثم أمرهم بالدخول إلى غرفهم حتى ينصرف ...
فلما دخلوا غرفهم : ذهب إلى باب الشقة : ففتحه : ثم أغلقه - وهو لم يزل بداخل الشقة لم يخرج - :
ثم عاد مسرعا ًإلى غرفة مكتبه : يراقب من ثقب بابها ماذا سيحدث ؟؟؟..
والسؤال هنا أختي الكريمة هو - ولله المثل الأعلى - :
هل ما كان الأب قادر ٌعلى إخفاء أمر الكرتونة عنهم ابتداء ًأصلا ً؟؟؟!!.. بلى : كان يقدر !!..
هل ما كان قادر على أن يحضرها بصورة عادية ولا يخبرهم عما فيها ولاسيما وهي مغلقة ؟؟..
هل هل هل هل ؟
أعتقد أنك فهمت ِالمغزى الذي أريد ...
والآن ..
نعود إلى الآيات نفسها التي أورد الله تعالى فيها ذكر وجود آيات متشابهات في القرآن ..
ولنقرأها معا ًونسأل أنفسنا :
هل أراد الله تعالى ابتداء ًمن كل مسلم أن يعرف تأويل ومعنى ( كل ) ما في القرآن ؟!!!..
أم أنه سبحانه :
أراد أن تكون هناك مساحة من المتشابهات :
تظهر فيها تأويلات كل قوم وكل فئة : بما يعكس حقائق قلوبهم ونوازغ أفكارهم ؟!!!..
لنقرأ معا ً.. يقول تعالى :
" هو الذي أنزل عليك الكتاب ..
منه آيات محكمات : هن أم الكتاب (أي فيها أصل الدين ولا اختلاف) ..
وأ ُخر متشابهات (وهي التي تحتمل أكثر من معنى بحسب إرادة مؤولها) ..
>> فأما الذين في قلوبهم زيغ (وهؤلاء هم الصنف الأول من المتعاملين مع المتشابه) :
فيتبعون ما تشابه منه (أي ويتركون المحكم) :
ابتغاء الفتنة ..! وابتغاء تأويله ..!
وما يعلم تأويله إلا الله (وهذا غلق باب المحاجة في بعض آيات القرآن التي لا طاقة لنا بمعرفتها إلا الظن)
>> والراسخون في العلم يقولون (وهم الصنف الثاني الأمثل في التعامل مع المتشابهات) :
آمنا به .. كل ٌمن عند ربنا (أي كل ٌمن الآيات المحكمة : والمتشابهة) ..
وما يذكر (أي هذه الحقيقة الإيمانية والقرآنية في امتحان الله تعالى بها للناس) :
إلا أولوا الألباب " !!!..
هذه الآية رقم 7 من آل عمران : قد حوت حكما ًعظيمة لمَن يُفرغ عقله وقلبه للتدبر ..
وأما من أوجه الحكمة الأخرى في وجود مساحة للاختلاف الفقهي والتفسيري هي :
1...
ابتلاء وامتحان لدواخل كل عالم فقه أو مفسر أو مُحدث أو متكلم إلخ ..
2...
تنشيط أمة الإسلام دوما ًعلى البحث والتقليب في دينها : ولو كان كله محكما لركدت علومهم وهمتهم عبر التاريخ إلخ ولشاخت علوم الدين بغير تجديد تصانيف ومؤلفات ونحوها ..
3...
استخراج عجائب القرآن التي لا تنتهي : والتي يعجز العقل الواحد أن يقف عليها جميعا ً!!!..
فكانت اجتهادات واختلافات عقول وأفهام وذكاء وفطنة مَن يتعرضون لها : هي البوابة لكشف تلك الدرر على مر القرون ولم تزل ..
4...
لما كان زمن القرآن واحد وقد مضى : فقد جعل الله تعالى في آياته مرونة لتشمل كل زمان .. ولو كان كل شيء محكم : لكان محكم بالنسبة لزمانه فقط والذي نزل فيه القرآن !!.. وأما كون هناك مساحة من تقليب النص على عدة أوجه تحتملها الكلمات والتعبيرات والبيان : فهذا أحد كنوز الفقه الإسلامي لمَن يتدبر .. والتي جعلت من الإسلام مع مستحدثات كل زمان : دينا ًغضا ًطريا ًلا يوصف بالتحجر ولا التخلف إلخ إلخ : بعكس كل تشريعات وقوانين العالم مما سواه : وباعتراف المنصفين أنفسهم !!! ( لا ننسى مثلا ًاعتماد الكثير من التشريعات الفرنسية منذ أكثر من قرن من الزمان على أحد كتب الفقه الإسلامي ! وغير ذلك مما يصعب حصره) ..
هذا ما يحضرني الآن والذهن مشوش من إجهاد العمل ...
ولا أشك في ذكائك على استنباط حكما ًأخرى إن كنت تركت أنا بعضها إجهادا ًأو نسيانا ًأو تخفيفا ًللجواب وعدم الإطالة ..
وفقك الله ...
-------------------------
فرددت عليّ الأخت بكل خير : بل وزادت بعض الحكم من اجتهادها فقالت :
-------------
فهمت جزاك الله خيرًا، و معك حق فبمجرد التفكير يجد الامر في هذا المتشابه حكمًا غابت عنه: منها
5...
تعليمهم ان اليقين بخبر السماء لا يكون الا بوحي لا بتعقل ولا فلسفة
6...
و فرعٌ عن هذا توجيهيم الى الاهتمام لما يحصل به اليقين و الفائدة من الفقه العملي بدل الكلام..
7...
اختبار لهم كي لا يخلطوا كلام الناس بكلام الله ليحاولوا تحصيل علم الغيب
8...
فيه اشارة لقدر اهل العلم و ترغيبٌ بان يُحصل المرء منزلتهم والتماس العلم عندهم
9...
قطع لتشهي النفس معرفة علم الغيب خصوصًا بآيات الصفات