بمجرد النظر الى النتيجة المتمثلة في هذه الصورة لا يمكن الحكم:
1- هل هذا التوافق بين (الصورة) و (الشرط أ) ظهر نتيجة صدفة آنية؟
2- أم ظهر نتيجة قانون يُلزم الحاسوب على احترام (الشرط أ) كل مرة؟
والفرق بين (1) و (2) هو نفس الفرق بين النظامين في هذا الرابط حيث:
1- النظام الأول: يوزع العناصر (المربعات) كيفما اتفق، دون أن يخالف بالطبع القوانين الإلكترونية.
لكنه نظام لا يكترث (للشرط أ)، فكما أن هناك إمكانية لتوافقه صدفة مع النتيجة.. هناك إمكانية لمخالفتها.
2- أما النظام الثاني: فهو شبيه بالأول، علاوة على احترامه (للشرط أ) الذي فرضه الإنسان على الحاسوب كقانون جديد.
وعند تحديثك للصفحة ستحصل كل مرة -في النظام الثاني- على حالات مختلفة كلها تحترم (الشرط أ).
لا منهجية الملحد في خلطه بين الصدفة والحتمية
أحيانا يرى الملحد أن من مصلحته الخلط بين (الحتمية) و (الصدفة) بحجة أن في النظام المادي كل حدث له أسبابه التلقائية وبالتالي لا فرق بين الصدفة والحتمية. وهذا الخلط يرجع لجهله بتعريف الحتمية، الذي لا يستقيم دون تحديد الشرط محل الدراسة، وتحديد المحيط الذي تحقق فيه ذلك الشرط:
1- فالصدفة تعني إمكانية توافق (النتيجة) مع (شرطٍ لا يمثل أي قانون في ذلك المحيط).
2- أما الحتمية فتعني عدم مخالفة (النتيجة) لأي (شرط يمثل قانونا مُلزما لذلك المحيط).
وعليه يصبح الفرق بين الحتمية والصدفة في الرابط السابق كالتالي:
1- توافق نتيجة (النظام الأول) مع (الشرط أ) يحتاج الى صدفة.. لأن (الشرط أ) لا يمثل أي قانون في (النظام الأول)!
2- أما توافق النتيجة في (النظام الثاني) مع (الشرط أ) فهو أمر حتمي.. لأن (الشرط أ) يمثل قانونا في (النظام الثاني)!
بعبارة أخرى: التوافق الآني بين (النتيجة في النظام الأول) وبين (الشرط أ)
لا يعني أن ذلك الشرط يمثل قانوناً أصيلاً في المحيط الذي ظهر فيه!
ولا يعني أن (النظام الأول) تحول تلقائيا الى ما يشبه (النظام الثاني)..
تطبيق1: مكعب "روبيك" وغاية الأعمى.
ما يسري على المثل السابق يسري أيضاً على البروتين... فكما أن التوافق الآني (للنتيجة) مع (الشرط أ) لا يعني تحوله الى قانون، كذلك التوافق الآني لأية حالة مادية مع أي (شرط بيولوجي) لا يعني ظهور (القانون البيولوجي). وليتضح الأمر أكثر يمكن الاستشهاد بكلام فريد هويلي الذي قارن:
• احتمال الحصول على البروتين عن طريق تصادف توليفة من الأحماض الأمينية.
• بنظام شمسي مليء برجال عُمي يحلّون في نفس الوقت لعبة "مكعب روبيك"
ربما (البروتين الأول ) أقل تعقيداً.. إذاً لتستبدل بلايين الرجال الذين يشغرون مكانا بحجم المجموعة الشمسية، بعدد أقل بكثير: فقط خمس رجال! لا أكثر!!! ومع ذلك يبقى حلهم لمكعب روبيك في نفس الوقت احتمالا خرافيا، لكن إمعانا في تحدي الملحد، لتفترض أن تلك الصدفة تحققت بالفعل، أي أنه في لحظة ما أصبحت كل المكعبات مرتبة بطريقة صحيحة. ثم ماذا كان؟ هل ظهرت قوانين جديدة؟ بالطبع لا! لن يظهر أي قانون جديد يسعى الى الحفاظ على تلك الصدفة وتميزها عن غيرها، لأن الفرق بين الترتيب الصحيح والغير صحيح للمكعب لا معنى له إلا في عين من له غاية مسبقة، بحيث يكون (معيار الخطأ) هو (مخالفة تلك الغاية). ولا يوجد أي سبب لتوقف العُمي عند تلك الصدفة ليبحثوا عن آلية جديدة للحفاظ على غنيمتهم! بل سيستمر سلوكهم التلقائي نفسه لتضيع تلك الصدفة بعد ثانية واحدة. نفس الأمر بالنسبة للأحماض الأمينية فهي ليس كائنات عاقلة حتى تفضل نوعية من التوليفات دون غيرها، بل الحالات الصالحة والغير صالحة من المنظور البيولوجي كلها توليفات ممكنة وصالحة فيزيائيا.
والفرق بين:
1- ظهور مجموعة من (مكعبات روبيك) في شكل توليفة معينة.
2- وبين ظهور (نظام مادي جديد) يعتني بتلك التوليفة ويسخر لها لغة تشفير ليدونها وينسخها بعد ذلك!
هو نفس الفرق:
1- بين ظهور (البروتين الأول) كتوليفة من الأحماض الأمينية!
2- وبين ظهور (القانون البيولوجي الأول) الذي يعتني بتلك التوليفة ويسخر لها لغة تشفير ليدونها وينسخها!
استحالة ظهور قانون جديد عن طريق الصدفة!
من العبث الجدال حول إمكانية أو استحالة الانتقال التلقائي من الحالة (1) الى (2) في محيط لا إرادة فيه..
دون ضبط العلاقة بين (القانون كتعريف) وبين (الاحتمال كقيمة)، ودون فهم معنى كلمة "قانون" على الأقل!
• فالقانون -في محيطه الآلي- يمثل مجموعة من الشروط، احتمال احترامها يساوي واحد (أي 100%)
• وإذا كان الاحتمال أكبر من صفر وأقل من واحد، فهذا يمثل (الصدفة) التي لا ترقى الى صفة (القانون).
• أما إذا كان الاحتمال يساوي صفر: فهذا يمثل (المستحيل) الذي لا يرقى بالطبع الى (الحالة الممكنة).
وعليه يكون ظهور قانون جديد صدفة هو انتقال (للشرط الجديد)
1- من كونه صدفة (أي احتمال احترامه أقل من واحد)
2- الى قانون مُلزم (أي احتمال احترامه يساوي واحد)!
لكن الانتقال التلقائي من (1) الى (2) مستحيل لأنه:
مهما ألّفت بين (الاحتمالات الأقل من واحد) فلن تحصل أبداً على (احتمال يساوي واحد).
بـيـت الـقـصـيـد!
(قيمة الاحتمال) التي تبحث عنها .. تتوقف على ما تريد إثباته من (إستحالة/أو إمكانية/أو حتمية)
1- فإذا كان السؤال عن ظهور صدفة آنية.. يكفي حينها أن تثبت أن احتمال تحققها هو أكبر من (صفر)!
2- أما إذا كان السؤال عن ظهور قانون جديد.. فلا بد أن تثبت أن احتمال احترامه أصبح يساوي (واحد)!
المشكلة أنك لو راجعتَ حوارات أي ملحد في هذا المنتدى وغيره فستجده يعاني من نفس الحول الفكري المزمن:
تسأله عن (2) يجيب على (1) !!! وهذا دليل على عدم استيعابه لحقيقة الصدفة التي يؤمن بها!! .
تطبيقا لما سبق، يصبح الفرق-من المنظور الرياضي هذه المرة- بين (النظام الأول) و (النظام الثاني) في المثل السابق كالتالي:
1- احتمال توافق نتائج النظام الأول مع (الشرط أ) هو: أقل من واحد!
2- أما احتمال التزام النظام الثاني (بالشرط أ) كقانون: فيساوي واحد!
نتيجة بديهية!
تطبيق2 Matching problem
لمناقشة صدفة تواجد عناصر الجهاز في أماكنها المناسبة التي تمكّنها من تأدية مهام وغايات معينة.. يمكن العودة الى مثل الحاسوب الذي يوزع الرسائل كيفما اتفق. ثم تدرس احتمال ظهور قانون جديد يضع كل رسالة في ظرفها المناسب. وتنازلا مع الخصم يمكن استبدال عبارة (كل رسالة) بــ(رسالة واحدة فقط) حتى لا يتحجج أحد "بالصدف التراكمية"! وليقتصر السؤال فقط على:
• إمكانية الظهور التلقائي لقانون جديد يُلزم الحاسوب على وضع الرسالة (أ) في الظرف (أ).. كخطوة أولى في "رحلة الارتقاء".
فإن قيل "لا تحدد الصدفة التي ينبغي على النظام الآلي الانطلاق منها". حسناً لا بأس من تنازل آخر.. ليقتصر السؤال على:
• إمكانية ظهور قانون جديد يُلزم الحاسوب على وضع رسالة واحدة على الأقل في ظرفها .. دون تحديد الرسالة مسبقاً!
لأن تحديد الرسالة سيغير من طريقة حساب الاحتمال. ولأن قيمة الاحتمال في السؤال الأخير أكبر بكثير من قيمة الاحتمال في السؤال الذي سبقه.. وهذا أقصى تنازل يمكن تقديمه للملحد..