الوصف
في هذا المنشور سنتحدث باختصار عن نقاط ضعف الملحد فيمكننا القول :
مقالة
الإلحاد ضد الفطرة العقلية والبديهية
كما أشرنا من قبل : الإلحاد تهدمه الفطرة العقلية والبديهية البسيطة جدا بدون أي تعقيد – وذلك لأن دين الله تعالى لم يقصره على درجة تعلم معينة أو مستوى اجتماعي وفكري معين للناس – فالدين ودلالات وجود الخالق هي من أوليات التفكير سواء لدى القروي أو البدوي البسيط أو العالم – وليس التخصص العلمي أو الفكري أو الفلسفي في الرد إلا لتمام إقامة الحجة على الملحد فقط – وتتمثل الفطرة العقلية والبديهية في الأشياء التي يعلمها كل إنسان بدون الحاجة إلى تلقين أو تعليم أو إثبات من أحد – مثل أن الشيء الواحد مع الشيء الآخر من نفس نوعه = 2 ومثل أن الـ 9 أكبر من الـ 5 ومثل أن الكل أكبر من مجموع أجزائه – وهكذا … فهي كلها فطريات عقلية وبديهية يمكن كذلك تعميمها على كل ما لم نره في الكون – فهي أساسيات وجودية – فلا يتخيل أحد مثلا أن هناك مكان ما في الكون أو زمان ما لا تكون الـ 9 فيه أكبر من الـ 5 !! أو لا يكون الواحد من الشيء مع آخر من نفس الشيء = 2 وهكذا … وهذه الأساسيات تتناقض دوما مع الإلحاد (لذلك الإلحاد شذوذ فكري لا أكثر ولا أقل) !! ولولا بهرجه والإعلام ما كان تمر خرافاته وأكاذيبه على أحد – ولنأخذ بعض الأمثلة عن نقاط ضعفه كالآتي :
علامات الخلق والصنع
يعرف كل إنسان – بل كل طفل – بالفطرة أن الشيء الظاهر فيه الدقة والعناية الظاهرة والتصميم والتقدير المسبق لأداء وظيفة معينة : أنه يدل بلا أدنى ذرة شك على وجود صانع – وأن أي تهرب من الملحد في هذه المسألة غير مقبول عقلا ولا حسا ولا فطرة بل ولا حتى مقبول علميا ولا يستطيع إثباته أبدا (تخيلوا في كل تاريخ الإلحاد وحتى خرافة التطور وإلى اليوم لم يقدم أحدهم أي دليل عملي على نشأة النظام الغائي بالصدفة أو العشوائية) ولذلك يحاولون الالتفاف بالألاعيب اللفظية والمتشابهات العلمية وتم الرد على كل ما زعموه كما سنرى – والشاهد : أن هذه نقطة بديهية لا ينفيها عدم رؤية الخالق نفسه أو معرفة صفاته الذاتية لأنه لا علاقة لذلك بوجوده وعلامات وآثار خلقه أو تقديره وصنعه – تماما مثلما ترى أي شيء من آلاف الأشياء التي حولك يوميا : فترى فيه علامات الصنع والتقدير التي تدل على أن له صانع (مثلا اللابتوب أو السيارة أو الساعة) : رغم أنك لا تعرف شيئا عن صفات ذلك الصانع لا اسمه ولا شكله ولا بلده إلخ : ولكنك على يقين من وجوده وتستطيع وصف قدرته وعلمه وخبرته وحكمته – بل حتى الملاحدة أنفسهم يشتركون في مشاريع البحث عن حياة عاقلة أو ذكاء في الفضاء والكون : ويتتبعون أي علامة على الصنع أو التصميم الذكي بدءا من أي إشارة لاسلكية مشفرة أو بتتابع رياضي عاقل وانتهاء ولو بمبنى منتظم على أي كوكب أو قمر !! والسؤال : هل ساعتها سيتوقفون عن القبول بوجود هذه الحياة العاقلة أو الذكاء لأنهم لم يروا أصحابها ؟؟!! ناهيكم عن هذا التناقض حينما يتركون أقوى العلامات في خلق الإنسان والمخلوقات بل وفي كل خلية وشفرة الحمض النووي ليذهبوا للبحث في الفضاء !!
أيضا من ميزة ملاحظة علامات الخلق والصنع أنها لا تنهدم بوجود أشياء لم ندرك وظائفها بعد – مثال : إذا دخلت فيللا كبيرة رائعة الجمال والتصميم : فأنت تدرك في كل ما تراه أنه له مصمم أو صانع – ولن يضير العاقل في هذه الحالة وجود شيء لا يعرف وظيفته (مثلا أول مرة ترى طفاية حريق ولا تعرف ما استخدامها أو ترى مصعد خاص للطعام ولا تعرف وظيفته إلخ) – لكن للأسف الملحد والتطوري وغيره من الماديين يظنون أن ذلك يعطيهم حجة ضد الخلق والتصميم !! وكما ترون : كلها تهربات مكشوفة أمام أبسط إنسان يستخدم عقله وبديهيته والأمثلة من الواقع
السببية
تعد السببية من الفطريات العقلية والديهيات – ولذلك فهي من أقوى أدلة وجود الخالق عز وجل – وقاعدتها تقول : أن لكل حادث لم يكن موجودا ثم ظهر إلى الوجود : مُحدث له بالتأكيد – أو علة لظهوره بالتأكيد – أو سبب لظهوره بالتأكيد – ونرجو هنا ملاحظة خطأ البعض : لكل موجود موجد !! لأن الله تعالى موجود !! فعلى كلامه المفترض أن له موجد !! وهذا خطأ لدى غير المتخصصين للأسف ويورط نفسه به في الحوار – بل لكل حادث محدث – وبما أن تسلسل الأسباب أو العلل إلى مالانهاية مستحيل عقلا : إذن يثبت من ذلك موجود (أزلي) ليس له بداية ولم يمر عليه وقت لم يكن موجودا ثم وجد – بل هو أصل الوجود نفسه وبدونه كان عدم محض ولم أكن أنا ولا أنت موجودين ولا أي شيء – ودليل ذلك المثال الشهير للجندي والرصاصة :
فلدينا جندي يريد أن يضرب رصاصة من مسدسه – ولكنه ينتظر سببا لذلك وهو أمر قائده – ولكن قائده ينتظر أمرا من قائده – وقائده ينتظر أمرا من قائده – وهكذا .. فلو افترضنا أن الأمر يستمر إلى ما لانهاية من الأسباب (أو القادة المتسلسلين) : فلن تنطلق الرصاصة أبدا !! ولكن إذا انطلقت الرصاصة : فسنتيقن ساعتها أن هناك قائد متميز (أو سبب خاص مختلف عن بقية الأسباب) قد أوقف هذا التسلسل – قائد لا ينتظر أمرا من أحد – ولا يسبقه أو يعلوه أحد – وهذا بالضبط تبسيط لفكرة وجود الكون – إذ لو أن الكون عبارة عن مجرد أسباب مادية متسلسلة إلى الأزل : فلم يكن ليوجد أصلا ولا أنا ولا أنت – ولكن طالما وجد الكون وأنا وأنت : إذن هناك سبب أول (أزلي) – وهذا يثبت وجوده – لكن مهلا ….
فها هنا نقطة هامة جدا ستساعدنا كثيرا فيما بعد – حتى في الحوار مع اللاديني – ألا وهي : أن تلك (الأزلية) و (الأولية) لها صفات لازمة يمكننا تعريفها واستخراجها كذلك مثل :
أن هذا الأزلي والأول : هو (واجب الوجود) – فكل شيء في الكون هو (ممكن الوجود) – أي يمكن تخيل وجوده أو عدمه ولن يتأثر وجود الكون نفسه في شيء – بعكس (واجب الوجود) الذي إذا لم يوجد : فلن يوجد أي شيء أصلا كما رأينا في مثال الجندي والرصاصة – أيضا يجب أن يكون (واجب الوجود) كامل الصفات ليس ناقص !! لأن الناقص سيحتاج من يكمله !! وهذا الذي يحتاج إليه إما أن يكون موجودا قبله أو معه !! (مثلا الإنسان يحتاج الماء والماء معروف قبل حاجة الإنسان – والطفل يحتاج اللبن للرضاعة واللبن معروف قبل ولادته وهكذا) – وذلك يطعن في كون (واجب الوجود) هو أول كل شيء كما قلنا !! إذن يجب أن يكون (كاملا) غير ناقص وإلا لم يصح كل ما سبق عقلا – وبناء على هذا الكمال : فهو غني عن كل ما سواه – لأن الحاجة نقص – والنقص منفي عنه – وهو صادق غير كاذب – لأن الكذب نقص وضعف – وهكذا …
وكما قلنا : هذه النقطة يجب أن تقام حجتها على الملحد : وحتى على اللاديني الذي يقول لك أنا مؤمن بوجود إله (يريد تخطي الحوار في الإلحاد) – فيجب أن تعرفه أن اعترافه بوجود إله يجب أن يكون في إطار (كمال) هذا الإله – فإذا وافق فاستمر معه – وإذا لم يوافق : فاستخدم معه نفسه الحجة مثل الملحد لأنها ستفيدك كثيرا عند الحديث في لادينيته
يتبقى شيء أخير وهو :
أنه لما كان لنقطة السببية كل هذه القوة وما يترتب عليها : فإلى اللحظة يستميت الملاحدة لإثبات أنها قاعدة غير وجودية وغير مستمرة في الكون أو الوجود !! ويحاولون الاستدلال على ذلك ببعض غرائب عالم الكم (العالم المختص بدراسة حركة وفيزياء الجسيمات الأصغر من الذرة) – والادعاء بأن هناك جسيمات تظهر من (العدم) بغير سبب !! وأن هذا يهدم السببية – وسوف نرى الرد العلمي على كل هذه الادعاءات بإذن الله
العقل أو الوعي وحرية الإرادة
لعل أكثر كلمة يدعيها الملحد هي أنه ألحد عن (عقل) !! وذلك من التأثير النفسي الذي يحاول به خداع نفسه أو الآخرين وإيهامهم أن إلحاده كان عن تفكير وبحث !! والحقيقة أنه لا معنى للعقل (أو قرارات التفكير) أصلا في الإلحاد !! وذلك لأنه وفق الإلحاد نفسه فإن المخ أو الدماغ وما ينتج عنه من تفكير وآراء وقرارات : إنما نتج عبر عملية (تطور) عشوائي عبر الزمن !! فمن أين لنا أن نثق فيها !! هل يمكنك أن تثق في كل تفكير أو قرارات أي حيوان مثل القرد أو الشيمبانزي أو البقرة أو الكلب ؟ وهذه المعضلة قد تنبه إليها داروين نفسه ووقف عندها كثيرا مثل عشرات المعضلات الأخرى التي تهدم التطور – وسوف نبينها فيما بعد – أيضا الوعي – فالوعي هو شيء غير العمليات الكيميائية والفيزيائية التي تحدث في المخ أو الدماغ !! تماما مثل اختلاف فكرة المبرمج عن العمليات الكهربية التي تحدث في أسلاك الكمبيوتر ومكثفاته ودوائره الكهربية !! فالملحد وكل تفكير مادي هنا يحاول إيهام نفسه والناس بأن العقل أو الوعي : ما هو إلا هذه الإشارات الكهربية التي في أسلاك الكمبيوتر : وليست فكر المبرمج نفسه وفهمه ووعيه !! ورغم سذاجة الفكرة (وكل الإلحاد ساذج) إلا أننا سنعرض أيضا الأفكار ونرد عليها فكريا وقول الفلاسفة الغربيين أنفسهم والعلماء فيها – وأخيرا : حرية الإرادة !! إن أي تفكير إلحادي لا يمكن له أن يثبت وجود حرية إرادة لدى الإنسان أو غيره !! وذلك لأنه يؤمن بأن الإنسان ما هو إلا ذرات مثله مثل أي صخرة في الكون أو الأرض !! وعليه : فمعلوم أن الذرات لا تملك حرية إرادة !! بل التفاعل الكيميائي الواحد لو كررناه في نفس الظروف مليارات المرات لأعطى نفس النتائج دون تغيير – ولن تأتي ذرة مثلا في إحدى المرات لتقول أنها (لا تريد) التفاعل اليوم !! أو أنها (لا تحب) التفاعل مع هذه الذرة أو تلك !! فلا حرية لها أصلا – وعلى هذا تأتي المعضلة : من أين جاءت حرية الإرادة وحرية الاختيار ؟ وهي شيء يعترف كل عاقل بوجوده ولا ينكره إلا مطموس العقل والفطرة من الجبريين أو الملاحدة ؟ بل الملاحدة أنفسهم يعملون (جاهدين) لتغيير قناعات الناس والشباب ليتركوا الأديان (وهذا الترك يؤكد على وجود حرية إرادة) بل : أشهر دعاة الإلحاد أنفسهم معظمهم أو كلهم قد ولدوا كأتباع لدين معين : إلى أن قرروا أن يلحدوا (وهذه حرية إرادة) !! ولكن : يستحيل عليهم إثبات وجودها في نظرتهم المادية والإلحادية !! لذلك يميلون إلى نفيها حتى لا يواجههم أحد بإثبات كيفية ظهورها !! وهذا من إحدى سخافاتهم كما قلنا أن سخافاتهم كثيرة !! أو يقولون أن الكون كله بقوانينه بالبشر بكل شيء : ما هو إلا كيان واحد ووعي كلي واحد (شيء أشبه بعقيدة وحدة الوجود لدى الفلاسفة الملحدين) – وهذا أيضا تهرب مكشوف
الصواب والخطأ ومعضلة الأخلاق
وهي تعد أيضا من أكبر نقاط الضعف لأي ملحد – وخاصة ذلك الملحد الذي لا يجيد (أو ليس عنده) إلا مهارة استعراض المآسي والشرور التي في العالم : كإشارة منه إلى عدم وجود خالق وإلا ما كانت توجد هذه المآسي والشرور – والحقيقة أن الملحد بمجرد أن يدخل من هذا الباب : فقد أسقط إلحاده بنفسه وهو لا يدري إذ : أن هناك تبرير بالفعل لوجود هذه المآسي والشرور وهو أن الدنيا أصلا هي دار (ابتلاء وامتحان وإقامة حجة على الأخيار والأشرار) – ولكي تقام الحجة على الأخيار والأشرار كان يجب ترك الفرصة للمأسي والشرور بالظهور – ثم يوم القيامة وبعده يكون الثواب أو العقاب – فهذا كله أمره سهل – لكن المعضلة التي أوقع الملحد نفسه فيها هنا دون أن يدري هي :
ومن أين جئت أنت أصلا بالحكم على الأشياء بأنها صواب أو خطأ ؟ بأنها خير أو شر ؟ بأنها مقبولة أو غير مقبولة ؟!!
حيث إذا كان كل شيء هو ذرات كما يزعم الإلحاد – والذرات تتفاعل بدون حرية إرادة ولا اختيار – بمعنى : أنه لا يمكن وصف تفاعل ما بأنه صواب أو خطأ أو خير أو شر !! لأنه بمجرد وقوع معطيات التفاعل وظروفه فسوف يتم بدون تفكير ولا تردد !! والسؤال : من أين جاء الملحد بالتقييم أو الاعتراض على مواقف وحوادث في الوجود والكون والعالم ؟! من أين له : إلا إذا كان هناك مصدر أعلى قد وضع فيه هذه المعرفة والتمييز بين الصواب والخطأ والخير والشر ؟
” ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح مَن زكاها وقد خاب مَن دساها ” سورة سورة الشمس !!
من أين للملحد أن يقف في طريق الحتمية والجبرية التي تسير بها كل الذرات إلا إذا أعلمه مصدر أعلى بقيمة الصواب والخير ؟! فالسمكة التي تعيش طوال عمرها في الماء لن تعرف معنى (البلل) !! أما الإنسان فيعرف معنى (البلل) لأنه يعرف ضده وهو (الجفاف) كما قال المفكر سي إس لويس !! أيضا لن تصف الخط بأنه مستقيما إلا إذا كنت تعرف معنى أن يكون الخط منحنيا !! وهكذا ….
إذن : معضلة معرفة الصواب والخطأ ومعضلة الشر : هي تهدم إلحاد الملحد بمجرد أن يثيرها وهو لا يدري (وسوف نفصل أكثر في ذلك في وقته) – وعليه : فلا معنى أيضا لأي حديث للملحد عن (الأخلاق) !! لأن الأخلاق تقوم على هذه المعاني من الصواب والخطأ والخير والشر !! وبفقدان هذه القيم لا معنى لأي خلق !! ومهما حاول الملاحدة والتطوريين زعم أصل مادي لظهور الأخلاق : فهم يفشلون دوما في إقناع الناس بذلك – مما يدعوهم إلى مزيد من الأفكار المضحكة والشاذة مثل فكرة (الجين الأناني) مثلا للملحد التطوري ريتشارد دوكينز !! والتي يمكن تمثيلها بالأمثلة التالية من أحد فيديوهات التطوريين أنفسهم لشرح الجين الأناني (وتخيلوا إلى أي حد يتم نسف المعنى القيمي للأخلاق في الإلحاد والتطور)
:https://www.youtube.com/watch?v=59JlHTiG5xg
فالرجل يخون زوجته مع أكثر من امرأة : لأن ذلك يعطيه فرصة أكبر للإنجاب وبالتالي فرصة أكبر لبقاء أبناء أكثر مما لو اكتفى بالزواج (المقصود هو أن الجينات هي التي تقود الناس للخيانة لتمرير أنفسها وبقائها عبر الأجيال وليس هناك يد فعلية للرجل في الخيانة !!)
وكذلك الأم كبيرة السن (فوق الخمسين) عندما تتخذ قرارا للتضحية بنفسها من أجل أبنائها الثلاثة : فإن الجينات في الحقيقة هي التي دقعتها إلى ذلك لأنها كامرأة فوق الخمسين تضاءلت فرصة إنجابها وتكاثرها – لكن بنجاة أبنائها الثلاثة فكل منهم سينجب ويتكاثر !!
إذن :
لا الرجل الذي خان نستطيع ذمه في خرافة الإلحاد والتطور وماديتهم في محاولة تفسير الأخلاق !! ولا الأم حتى نستطيع مدح تضحيتها لأنها لم تفعل ذلك من الإيثار أو من نفسها !! فما رأيكم في هذا الشكل المزري لتدني الإلحاد والتطور عندما يتدخل في الأخلاق ؟
وكما قلنا :
سنفصل في الكثير من ذلك فيما بعد