تواصل معنا

معرفــــــــة الخالــــــــــق ‏ (مقالة)

الوصف

مقالة

أنت أيها الإنسان مخلوق ، فهل عرفت خالقك؟ وهل عرفت صفاته؟ ‏

معرفة المالك : ‏
أنت أيها الإنسان لا تملك من نفسك شيئاً، لا تملك يدك، ولا عينك، ولا قدمك ، ولا أصغر ‏عرق أو خلية من جسمك، لأنك لم تخلق شيئاً من نفسك، فهل عرفت مالكك الحق الذي يملك ‏كل شيء فيك؟ ‏

معرفة المنعم: ‏
أنت أيها الإنسان لا تملك الماء الذي تشرب ، ولا الهواء الذي تتنفسه، ولا الطعام الذي تأكله ، ‏ولا الأرض الذي تسكن فيها ، ولا تملك شيئاً في كل ما تنتفع به وتستخدمه، وتتصرف به في ‏هذا الوجود ، فهل عرفت مالك كل هذه النعم؟ ‏

معرفة الدين :‏
وأنت أيها الإنسان قد منحت مقدرة على عمل ما تشاء في هذه الأرض، وأعطيت صلاحية ‏التعرف في كثير من الأشياء ، فهل عرفت من الذي استخلفك على هذه الأرض، ومن الذي ‏خولك هذه الصلاحيات؟ وهل عرفت ما الذي يرضيه من عملك؟ وما الذي يغضبه من فعلك؟
‏﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾[الشورى: 21] .‏

معرفة الحكمة من الخلق : ‏
وأنت أيها الإنسان محدود المهلة على هذه الأرض ، وأيامك عليها معدودة، وأنت منها خارج ‏كما دخلت عليها: ‏
‏﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ﴾[الأنعام: 94] ‏‏.‏
فهل عرفت لماذا جئت إلى الدنيا؟ إن لأنفك حكمة ولم يخلق عبثاً ، وإن لعينك حكمة ولم تخلق ‏عبثاُ ، وإن لقدمك حكمة ولم تخلق عبثاً ، وإن للعرق الصغير وللشعيرة الدموية في جسمك ‏حكمة ولم يخلقا عبثاً ، ولكن هل علمت ما هي الحكمة من وجودك بأكملك؟ ولماذا جئت إلى ‏هذه الدنيا؟ إنك لن تعرف إلا بتعليم من خالقك وحده ، لأنه هو الذي خلقك وفقاً لإرادته التي ‏أرادها من خلقك ، ولن تعلم إرادته التي خلقك وفقاً لإرادته التي أرادها من خلقك ، ولن تعلم ‏إرادته التي خلقك من أجلها إلا بتعليم منه وحده ، فإرادته سبحانه لا تعلم إلا بتعليم منه ، تماماً ‏كما لا يعلم الناس بالحكمة من أي آلة أو جهاز إلا بتعليم من صانعها وحده .‏

الجاهلي الأكبر :‏
ولكي تفهم أهمية معرفة الحكمة من وجودك ما هو رأيك في الشخص الذي لا يعرف الحكمة ‏من عينه. وما رأيك في الشخص الأكثر جهلاً منه الذي لا يعرف الحكمة من عينه وأنفه وأذنه. ‏وما رأيك في الشخص الأكثر جهلاً الذي لا يعرف الحكمة من عينه ولا أنفه ولا أذنه ولا فمه ‏ولا رأسه ولا يده؟ فهل علمت الآن من هو الجاهلي الأكبر؟ إنه ذلك الشخص الذي لا يعرف ‏الحكمة من وجوده على هذه الأرض. ‏

معرفة المصير :‏
وأنت أيها الإنسان سائر إلى ما سار إليه الأولون ، ومنتقل من هذه الدار كما انتقلت من دار ‏الرحم الصغير ، إلى هذه الدنيا ، فهل عرفت إلى أين المصير؟ وما الذي ينتظرك بعد موتك؟!! ‏

معرفة أسباب النجاح:‏
وأنت أيها الإنسان لا شك محاسب أمام من استخلفك ، ولا بد أن تجد جزاء عملك الذي علمت ‏في هذه الدنيا ، وأنه لا يمكن لك أن تعلم ما هي الأعمال المرضية لخالقك وما درجتها عنده؟ ‏وما ثوابها؟ ومثلها الأعمال السيئة التي تغضبه سبحانه؟ وما مقدار سوئها؟ وما عقابها؟ فهل ‏تعرف شيئاً من ذلك أيها الإنسان؟

الحاجة إلى الرسل:‏
إن كل العلوم السابقة تمثل تحدياً للإنسان فمهما أوتي إنسان من ذكاء؛ فإنه لا سبيل إلى معرفة ‏أي شيء مما سبق، إلا بتعليم من الخالق المالك المنعم المحاسب المتصرف، فكل ما سبق لا ‏يمكن لإنسان أن يعرفه إلا بهدي الخالق وحده، لذلك فالبشرية في أمس الحاجة إلى هؤلاء ‏المرسلين ، الذين يطلعهم الله على تلك العلوم السابقة لتعليمها وإبلاغها للناس . ‏

قال تعالى : ‏
‏﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ﴾[الجن:26، 27] .‏

مقتضى الكمال الإلهي:‏
وإذا كنا نقرر عجز وتقصير أي شركة صناعية ، لا ترسل البيانات الموضحة لفائدة وعمل ‏مصنوعاتها ، عند إرسال هذه المصنوعات للناس، فإن خالق الإنسان المفكر هو الكامل الذي ‏يعجزه ولا ينقصه شيء، ومن كمال قدرته وحكمته أنه لا يخلق إنساناً مفكراً متسائلاً عن ‏خالقه، وصفاته، والحكمة من خلقه ومصيره، وغيرها ثم يتركه لحيرته دون هدى أو بيان، ‏تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. قال تعالى : ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِأَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ ‏حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ ‏

بينات الرسل :‏
ولكي لا يكذب أحد رسل الله ، ولكي لا يدعي كاذب النبوة والرسالة ، أيد الله رسله ببينات ‏تشهد لهم أنهم رسله، وتميزهم عن غيرهم ، وتقوم بهذه البينات والدلائل الحجة على الناس .‏
قال تعالى :‏
‏﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾[الحديد:25]. ‏
فإذا حاج الرسول بعد هذه البينات وخاصمه جاحد ومكابر أجابهم مستغرباً : ‏
‏﴿ أَتُحَاجُّونِي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِي ﴾[الأنعام:80] . ‏
ووصفهم كما وصفهم الله : ‏
‏﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ﴾[يونس:39] . ‏

من بينات الرسل :‏
وهذه أمثلة من البينات التي أيد الله بها رسله ، فلقد أيد الله رسوله صالحاً عليه السلام المرسل ‏إلى ثمود بالناقة .‏
قال تعالى : ﴿ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ﴾[الإسراء:59] .‏
ذلك أن ثمود طلبوا من رسولهم صالح عليه السلام: أن يخرج لهم ناقة من الصخر لتكون دليلاً ‏على صدق نبوته ورسالته ، فأخرج الله لهم ولكنهم لم يؤمنوا بأجمعهم وما آمن له إلا القليل. ‏
وأما سيدنا إبراهيم عليه السلام ، فقد ألقاه أعداؤه في النار، ولكن الذي قدر في النار خاصية ‏الإحراق، أنقذ رسوله من كيد الكافرين . ‏

قال تعالى : ‏
‏﴿ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ(68)قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى ‏إِبْرَاهِيمَ﴾[الأنبياء: 68، 69] .‏
وأما سيدنا موسى عليه السلام ، فقد أيده الله بتسع آيات بينات عندما أرسله إلى فرعون ﴿وَلَقَدْ ‏آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ﴾[من سورة الإسراء:101] .‏

وقال سبحانه :‏
‏﴿ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ ‏كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ‏ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾[النمل: 12-14] . ‏

أما سيدنا عيسى ـ عليه السلام ـ فقد أرسله الله ببينات ذكرها القرآن :‏
‏﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ ‏النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ ‏الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى ‏بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ ‏مُبِينٌ﴾ [المائدة: 110] .‏

وربما كان لهذه البينات القوية ، كإحياء الموتى التي أيد الله بها عيسى عليه السلام فهم معكوس ‏أعان الجهلة والمحرفين على وصف عيسى أنه ابن الله ـ استغفر الله ـ تلك بعض آيات الله ‏التي أيد الله بها رسله ليعرف الناس ويستيقنوا ، بصدق رسالة الرسل والأنبياء . وأنت تجد هذه ‏البينات قد قامت على أساس أن يستصحب الرسول معه أشياء لا يملكها إلا الله ، حتى يكون ‏ذلك دليلاً على أنه مرسل من لدن صاحب ومالك هذه الأشياء ، تماماً كما ترسل بعض ‏الحكومات مندوبيها ومعهم مصفحات أو سيارات شرطة وضباط وجنود، فيكون ذلك دليلاً كافياً ‏على أن المندوب قد أرسلته الحكومة، وأيدته بما تملك وحدها فيكفي ذلك في تصديقه .‏

========================
عن كتاب توحيد الخالق
تأليف : الشيخ عبدالمجيد الزنداني

المرفقات

أضف تعليقا