مقالة
(خرافة التطور -افتراض وجود الأعضاء الضامرة) (الجزء الأول)
الأعضاء الضامرة أو الأثرية أو اللاوظيفية هي أعضاء لم يكن العلماء يعرفون وظيفة لها بعد في القرن التاسع عشر، فاستغلها مؤيدو نظرية التطور فقالوا أنها بقايا وآثار من الأسلاف والجدود الحيوانية التي لم يعد لها وظيفة في جسد الإنسان أو غيره وأنها دليل على صحة التطور[1]، بدأ ذلك منذ 1893 عندما تم الإعلان عن قائمة ال86 عضوا في جسد الإنسان، فمثلا في تلك القائمة كانت الغدد الصماء مثل الغدة النخامية والصنوبرية والزعترية لأنه في وقته لم يعرف شيء عن الهرمونات أصلا ولا الخلية وبروتيناتها، لكن مع التقدم العلمي تم اكتشاف أن لكل تلك الأعضاء دورا يلعبه في الجسم[2]، حيث إنه لا يمكن تحديد الأعضاء التي ليس لها وظائف دون لبس، الطريقة التي يبنى بها النقاش المستخدَم في هذا الموضوع ليست ذات قيمة علميا، فالأعضاء الضامرة لا تشكل أي دليل لصالح نظرية التطور قطعا[3].
زائدة دودية
الزائدة الدودية في الإنسان اكتشف أنها ضرورية للجسم منذ 1997 تقريبا اتضح أن لها وظائف هامة جدا منذ تكون الجنين في صنع عددا من هرموناته، وكذلك دورها المناعي بالتداخل مع الجهاز اللمفاوي للحماية من الهجمات البكتيرية الضارة بما تختزنه هي من بكتيريا وجراثيم نافعة، أو تمد الجسم بهذا النافع من البكتيريا والجراثيم إذا فقدها في بعض الحالات مثل مرض الكوليرا أو الإسهال الشديد الذي يستفرغ الأمعاء منها، وقد أجريت أبحاث تنص على أهميتها في حماية الجسم من هجوم البكتيريا وفوائد قد تنقذ حياة الإنسان[4]، فللإنسان زائدة دودية بينما هي لا توجد لدى أقربائه البعيدين من فصيلة القردة الدنيا، ولكنها تظهر مرة أخرى بين ثدييات من مراتب أدنى مثل حيوان الأبوسوم[5] الأمر الذي يعارض أن تكون ضامرة. كما أن نتائج فحص الزائدة الدودية تحت الميكروسكوب أشارت إلى احتوائها على نسيج لمفاوي بنسب كبيرة إلى حد ما، ويتشابه هذا النسيج وتراكمات نسيجية أخرى يمكن رؤيتها في أجزاء أخرى من جهاز المناعة، وتتمتع هذه الأنسجة بالقدرة على التعرف على الجينات المضادة الموجودة في المواد التي تدخل الجسم عن طريق البلع، كما اثبتت التجارب التي أجريت على الأرانب أن الأفراد حديثي الولادة الذين خضعوا لعملية استئصال الزائدة الدودية قد أصيبوا بخلل في التطور المناعي للغشاء المخاطي، كما أظهرت نتائج الدراسات المورفولوجية والوظيفية التي أجريت على الزائدة الدودية عند الأرانب أن لها دور معادل للأكياس الهوائية الموجودة في الثدييات، هذه الأكياس تلعب دورا أساسيا في تطور المناعة السائلة عند الطيور، وظهرت أوجه التشابه المجهرية والمناعية بين الزائدة الدودية عند الأرانب والإنسان أن الوظيفة التي تؤديها في الإنسان مشابهة لوظيفتها في الأرانب، فالزائدة الدودية عند الإنسان لها أهمية كبيرة ويعود السبب وراء ذلك إلى أنها تتعرض لتغيرات كبيرة بعد الميلاد بفترة قصيرة، ومع تقدم العمر تتراجع هذه التغيرات تماما مثلما يحدث مع الأجزاء والأعضاء الأخرى، فليست كما يُزعم أنها مجرد عضو انكمش حجمه مع مرور الزمن وفقد أي فائدة[6].
أضراس العقل في الإنسان
أضراس العقل تظهر متأخرة في فم الإنسان من عمر 18 إلى 25 عاما تقريبا وهي فترة كمال البلوغ والإدراك العقلي، فمنظومة الأسنان والضروس في الإنسان هي آية بكل المقاييس على سابق تدبير الخالق، فمجرد تطابق أشكال الأسنان والضروس العلوية مع السفلية وتناسبهما في الحجم معا يعد دليلا غير مردود على أسبقية الإعداد والغائية، وكذلك تعاقب الأسنان اللبنية في فترة عمر الإنسان المبكرة كالطفل وتناسبها مع طعامه اللين ثم سقوطها لتحل محلها أخرى أقوى منها تستمر معه باقي العمر لهو خير دليل كذلك على الواعي السابق بكل هذه المخططات المسبقة، كما لو أن للمادة عقلا، فالأمر أشبه بميقات إدرار اللبن الذي سيرضعه المولود بعد ولادته وبكامل تكوين اللبن المغذي والفريد والذي يصاحبه غريزة مص ثدي الأم، فكيفية الحدوث لكل ذلك وطريقة تخطيطه مسبقا إذا كانت الحياة تنشأ بالصدفة والعشوائية التطورية المزعومة والطفرات غير المنتظمة هي مدار تساؤل. فقد اعتمد مؤيدو نظرية التطور على خطأ شائع وهو أن استئصال العضو إذا لم يؤدي إلى مضاعفات فورية أو الوفاة فهو بغير فائدة، واعتمادهم هذا يعتبر مغالطة أخرى وهي الاحتجاج بتدهور قوة الإنسان وضعف نظامه الغذائي في المدينة الحديثة للتدليل على عدم وجود فائدة لضروس العقل. والصواب أن ضروس العقل تضم جميع الأسنان وتغلق الفراغات المفتوحة بينها وبين الضروس لعدم تراكم الفضلات الضارة بالفم، ولذلك فإن نظام الطعام اللين والحديث والمصنع الذي أصبح هو الأساس اليوم لدى الملايين قد تسبب في ضيق فراغ الفم المخصص لبزوغ ضروس العقل فيه، وظهور مشاكل انحشارها في الفم أو اللثة، في حين لا يوجد ذلك الإشكال في الفئات التي لا زالت تعتمد على الأكل الطبيعي المتنوع في طعامها مثل أهل البادية والقرويين والغابات أو من يسلك مثلهم من أهل المدن. وفي دراسة أجريت لأهالي جزر تونجا سنة 1939 حيث كانوا يعتمدون على الأغذية الطبيعية قبل الحرب العالمية الأولى ولم تظهر لديهم أية مشاكل في أضراس العقل، وذلك بعكس ما تغيرت أنظمتهم الغذائية للاعتماد على المواد المصنعة بعد انفتاحهم على الحياة المدنية بعد الحرب وظهور مشاكل أضراس العقل لديهم[7] [8] [9]. فالعلم يثبت أن ضرس العقل يدعم باقي الأسنان ويمنع حدوث خلل في الأضراس التي تسبقه ويمنع حدوث خلل في طول طقم الأسنان في الإنسان، وأن نظافة الفم تقي من أي أعراض أثناء نمو الضرس، على عكس ما اتبعه مؤيدو التطور فلا يوجد شيء عندهم اسمه غير معلوم الوظيفة بعد، لكن حكموا بسرعة أنه ضامر وبلا وظيفة، فوفقا للداروينيين فإن الإنسان في طريقه لأن يفقد ضروس العقل حيث أنها تنموا بمرحلة عمرية متأخرة وتسبب مشاكل في بعض الأشخاص ولا توجد منها فائدة، إلى أن جاءت الأبحاث العلمية وأثبتت غير ذلك، فلا توجد أدلة جينية تتجه نحو القضاء على أضراس العقل كما يدعون[10]، فبدراسة آثار إزالة ضرس العقل يتبين أن إزالته تسبب انحرافا في الضرس الذي يليه تاركا فراغا ضيقا بينه وبين الضرس الأول فوجود ضرس العقل الثالث يمنع حدوث ذلك الانحراف في الضرس الثاني، [11] فله وظيفة وليس كما أشيع أيام داروين. كما أنه يمنع حدوث عدم الانتظام في الأسنان، فالأشخاص الذين ليس لديهم هذا الضرس (أي لم يتكون أصلا) أسنانهم لا تكون منتظمة بنسبة أكبر من الذين لديهم ضرس العقل[12]، كما أن الأشخاص الذين يزيلون ضرس العقل معرضون للالتهابات وإصابة بعض الأعصاب وأضرار اللثة وفقدان العظام وتأثير المضاعفات المعهودة لجراحة خلع الأسنان[13]، ويصير لديهم خلل في طول طقم الأسنان والمسافة بين الأنياب اليسرى واليمنى فضرس العقل يقلل من حدوث ذلك الخلل[14]، ففي سنة 2015 نشر علماء من لوس أنجلوس ورقة علمية يؤكدون أن حوالي ثلثي عمليات إزالة ضرس العقل في الولايات المتحدة الأمريكية غير ضرورية بل قد تودي بحياة الفرد، كما أكدوا أن خمسين في المائة من الحالات التي يتم تشخيصها كانحشار في ضرس العقل هي في الحقيقة أمر طبيعي ولا ينتج عنه أي خلل طقم الأسنان، وأكدوا أن فقط 12 في المائة من حالات الانحشار هي التي تستدعي إزالة له كحالات انتشار السن وغيرها، وفي النهاية أكد الباحثون أيضا أن الآلام التي قد تصاحب الضرس الذي ينمو تكون نتيجة عدم نظافة الفم ويمكن تجنب ذلك بالاعتناء بنظافة الفم،[15]. كما أن الأغلبية من أطباء الأسنان في الولايات المتحدة الأمريكية والسويد يؤكدون أن ضرس العقل يعطي قوى أمامية للأسنان لكن لا يسبب عدم انتظامها[16].
المصادر
-1^ Futuyma D.J. 1995. Science on trial: the case for evolution. Sunderland, MA: Sinauer p49 ISBN 0-87893-184-8.
2-.^ Dr. Duane T. Gish: Evolution? The Fossils say no, creation-life publishers, san diego, california, pp 180-181
3-.^ S. R. Scadding, "Do 'Vestigial Organs' Provide Evidence for Evolution?", Evolutionary Theory, Vol 5, May 1981, p. 173
4-.^ أخبار الطب اليومية: The Appendix Protects Us From Germs And Protects Good Bacteria 9 أكتوبر 2007 نسخة محفوظة 31 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
5-.^ H. Enoch, Creation and Evolution, New York: 1966, pp. 18-19
6-.^ Aabaco نسخة محفوظة 20 أكتوبر 2009 على موقع واي باك مشين.
7-.^ Weston A. Price “Nutrition and Physical Degeneration : A Comparison of Primitive and Modern Diets and Their Effects” Written in 1939 the book at Amazon.com (8th edition, 2008)
8-.^ Nutrition and Physical Degeneration نسخة محفوظة 27 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
9-.^ العلم المباشر: مشاكل انحشار ضرس العقل[وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 2020-04-05 على موقع واي باك مشين.
10-.^ دراسات واسعة النطاق تتجه عكس ما يروجه مؤيدوا نظرية التطور
11-.^ The effect of removal of all third molars on the dental arches in the third decade of life بتاريخ 12 يناير 1994 نسخة محفوظة 23 سبتمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
12-.^ Clinical relevance of third permanent molars in relation to crowding after orthodontic treatment. 1997 نسخة محفوظة 23 سبتمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
13-.^ ألفا: أضرار إزالة أضراس العقل وخطرها[وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 26 يوليو 2014 على موقع واي باك مشين.
14-.^ The effect of extraction of third molars on late lower incisor crowding: a randomized controlled trial بتاريخ 25 ماي 1998 نسخة محفوظة 23 سبتمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
15-.^ دراسة أمريكية: عمليات إزالة أصراس العقل بالولايات المتحدة الأمريكية وما يصاحبها من أخطار The Prophylactic Extraction of Third Molars: A Public Health Hazard نسخة محفوظة 18 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
16-.^ Opinions of American and Swedish orthodontists about the role of erupting third molars as a cause of dental crowding نسخة محفوظة 24 سبتمبر 2016 على موقع واي باك مشين.