تواصل معنا

التخاطب مع الكينونات.. وثنية في ثوب جديد (مقالة)

الوصف

مقالة

يقول ابن خلدون: “المغلوب مولَع أبدًا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيِّه ونحلته وسائر أحواله وعوائده، والسّبب في ذلك أنّ النّفس أبدًا تعتقد الكمال فيمن غلبها وانقادت إليه؛ إمّا لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه، أو لما تغالط به من أنّ انقيادها ليس لغلب طبيعيّ إنّما هو لكمال الغالب. فإذا غالطت بذلك واتّصل لها صار اعتقادًا، فانتحلت جميع مذاهب الغالب وتشبّهت به، وذلك هو الاقتداء. أو لما تراه والله أعلم من أنّ غلب الغالب لها ليس بعصبيّة ولا قوّة بأس، وإنّما هو بما انتحلته من العوائد والمذاهب. تغالط أيضًا بذلك عن الغلب وهذا راجع للأوّل، ولذلك ترى المغلوب يتشبّه أبدا بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتّخاذها وأشكالها، بل وفي سائر أحواله”([1]).

وهذا الذي ذكره ابن خلدون هو ما نراه الآن بعينه، من تقليد للغرب الكافر تارة، أو للشرق الملحد تارةً أخرى. حتى دخلت عليهم الديانات الشرقية الملحدة من البوذية والهندوسية والجنية والطاوية وغيرها في عقر دارهم.

وتولى كبر هذا الأمر من يسمُّون أنفسهم أصحاب -حركة العصر الجديد- فدخلوا على الناس بصور شتى ومصطلحات براقة عن طريق:

  • الاستشفاء والطب البديل.
  • تطوير الذات والتنمية البشرية.
  • وفي الحقبة الأخيرة عبر الأطروحات الروحانية الصوفية التي تقوم على الاعتقاد بوحدة الوجود، ونسبية الحقائق والقيم.

والعجب أن الناظر المدقّق في هذه البرامج لا يجد فيها إلا التجارة بالأفكار والطعن في الدين والشرائع.

فالمشاهَد أن هذه المحاضرات تقام الآن في أفخم الفنادق، وبأسعار باهظة، وبعناوين جذابة، تحت غطاء الدورات، فهناك دورات في العلاج بالتنويم المغناطيسي-الإيحائي-، ودورات في البرمجة العصبية، ودورات في العلاج بالطاقة، حتى أمست هذه الدورات مظهرًا من مظاهر التفاخر والعلو، لا سيما بين الفتيات والنساء.

وأعجب من ذلك ما ينفق على هذه الدورات من أموال، حتى بلغ ثمن الدورة الواحدة التي لا تستغرق أكثر من أربع محاضرات (1200) يورو([2])، ومحاضرة لعدة ساعات تبلغ (500) يورو.

وأعجب من هذا وهذا ما يحصل عليه من يحضر هذه الدورات من شهادات مجهولة المصدر، يكتب فيها: الباحث فلان، والدكتور فلان، الباحث في علم الطاقة، أو ما وراء الطبيعة أو الميتافيزيقا، أو الخبير، أو الممارس المعتمد من أمريكا وكندا!!

وجلهم عند التحقيق إما أنهم لم يحصلوا على شيء أصلًا، أو حصلوا على شهادات غير معترف بها، وإنما تباع وتشترى بالمال.

فيتعالى بها على غيره، ويخرج في البرامج الفضائية بألقاب رنانة وشهادات مجهولة، فيلبس على الناس، وأحيانًا كثيرة يشعر المتلقّي بالملل؛ لطول السيرة الذاتية للمحاضر الذي جاء يحكي بطولاته وأعماله الخارقة، وهو لم يحصل إلا على دورات لعدة ساعات أو أيام، فيطلق عليه: أستاذ علم التفكير الإبداعي.

وليت الأمر يقتصر على هذا، إذ يأتيك مقدم المحاضرة ليزيد من البهرجة، فيقول: سنستمع إلى المحاضرة الشيقة والجذابة والفريدة من نوعها، من المحاضر الفريد الجهبذ، فينتفخ المحاضر وينتفش؛ لأنه اطمأن إلى أن هذه المقدمة قد خدرت تفكير المحاضرين، ولن يجرؤوا على النطق بأي انتقاد، حتى لا يرموا بالجهل والسفه([3]).

ومن هذه الدورات ما يسمى بـ: دورات: العالم الروحي (التخاطب مع الكينونات)

دورات التحرر النفسي -دورات الأكسس بار-:

تعريف الكينونة:

الكينونة لغة:

أصلها من الفعل كانَ، يَكُون، كُنْ، كَوْنًا وكِيانًا وكَيْنُونَةً، فهو كائِن. فالكَيْنُونَة هي مصدر كانَ([4])، فيقال: كَانَ الأَمْرُ أي: وُجِدَ، وكَأَنْ لَمْ يَكُنْ أي: لَمْ يُوجَدْ([5]).

تعريف الكَيْنونَة في الفلسفة الحديثة:

الكَيْنُونَة عند أصحاب الفلسفة الحديثة هي الحياة، إنها الوجود، لنكون تعني: لنعيش، أو لنتواجد، تجد الكَيْنُونَة أو الوجود تعبيرًا لها في مختلف نواحي الحياة: في التفكير والتكلم والعمل والاختبار والشعور، إن جميع نواحي الحياة لها أسسها في الكَيْنُونَة([6]).

وتعرفها عائشة السماحي([7]): بأنها جوهر الوجود، أو هي كل شيء غير مرئي، فهي طاقات ليس لها جسد مثل الأرواح والجن الموجودة من حولنا([8]).

والمقصود بالكينونة في دورات الأكسس بار: كل كيان كان له جسد ولم يعد له جسد الآن مثل أرواح الموتى([9]).

تقول آمي شاين: الكينونة هي أي شيء يتم تعريفه، أي شيء وضعنا عليه تعريف هو كينونة، فأنا كينونة، لدي اسم وثقافة وبلد نشأت فيه، لدي هويات معينة تجعلني كينونة، لكن عندما نتحدث عن الكينونات في كورس التخاطب مع الكينونات نحن نشير إلى الكينونات التي هي كيانات لم تعد لها أجساد، أو كيانات كان لديها أجساد ولم يعد لها أجساد، مثل الأشخاص الذين عرفتهم وتوفوا([10]).

أنواع الكينونات عند أصحاب الفلسفة الحديثة:

تقول آمي شاين: بعض الطاقات المختلفة التي قد تلتقيها في عالم الأرواح، والتي هي كينونات الناس، الكينونات التي في نوع ما من السيناريوهات التي يسببها المخدرات، إذا كان لديك كينونات مع أجساد، مثل بعض الكيانات التي كان لديها جسد وتعاطت الكثير من المخدرات والكحول، وبعد أن ماتوا قتلوا أجسادهم بالمخدرات والكحول ما زالوا عالقين، لذا فهم لم يمضوا قدمًا، فهذا نوع من الكينونة، ولدينا أدوات في كورس التخاطب مع الكينونة للتعامل مع ذلك.

ومن أنواع الكينونات:

كينونات النور للوعي.

زملاء الفريق، وهم مجموعة فريدة من الكائنات الموجودة في فريقك.

كينونات الدخان.

كينونات مخادعة.

كينونات للحيل.

كينونات للمقالب.

كينونات الملائكة.

أرواح الطبيعة([11]).

دورات الأكسس بارز -مسارات الوعي- Access Consciousness أو Access Bars

تعريف دورات الأكسس:

يعرفها أصحاب الفلسفة الحديثة بأنها: تقنية علاجية نشأت في الولايات المتحدة يملكها غاري دوجلاس([12])، وتعتمد هذه التقنية على 32 نقطة في الرأس، وهذه النقاط تحتوي على جميع الأفكار والمفاهيم والمعتقدات والعواطف والاعتبارات التي جربتها واحتفظت بها في أي وقت من حياتك، وتخلص الشخص من تلك الأفكار والمعتقدات التي تعيق وتمنع حياته من تلقيها، وكل نقطة مرتبطة بجانب من جوانب حياتك، كما أنّ مسارات الوصول عبارة عن طريقة تساعد الفرد على التعرف على نفسه ككائن لانهائي حقًّا، والخطوة في خلق حياة تتجاوز ما هو عليه وما يعتقد، فكل الأشياء ممكنة طوال الوقت ولدى الفرد الحرية المطلقة في الاختيار([13]).

أو هي: تقنية علاجية لتطهير وشفاء الجسد والروح، هناك 32 بارات من الطاقة التي تمر عبر وحول رأسك، والتى تتصل بجوانب مختلفة من حياتك. عن طريق لمس مسارات الطاقة الخاصه بكل نقطه تبدأ المعتقدات التي خزنها عقلك الباطن طيلة حياتك بالذوبان والتقلص.. كل معتقد لم يعد يخدمنا أو يشكل عقبة في طريقنا يساهم البارز بفتحه وتفكيك قيود وهمية بنيت كسجن حول المخ([14]).

حقيقة الأكسس بارز:

يمكن أن نلخّص التعريف السابق للأكسس بأنه التخلص من كل أنواع المعتقدات والعادات والتقاليد التي يتربى عليها الفرد، وينشأ عليها المجتمع، فحقيقة دورات الأكسس بارز أنها نوع من أنواع العبادات الغامضة، وغير الأخلاقية للغاية؛ لأنها لا تنتمي لأي ميزان عقائدي أو علمي.

أو هي عبارة عن أفكار غامضة في السيانتولوجي([15]) يتم إلقاؤه كطريقة جديدة للوصول للوعي التام والبدء في العمل ككائن واعي([16]).

نشأة الأكسس بارز -الوصول إلى الوعي-:

يرجع أصل الأكسس بارز ونشأته إلى تخاريف غاري دوغلاس، حيث أقر أنّه استوحاها من فتح قناة مع الساحر الروسي راسبوتين([17]) في القرن ١٩، حينما حضّر روحه بزعمه، وتصدر هذا الساحر المعاصر غاري شاشات التلفاز الأمريكية هو ومساعده د. دين هير حينما كانوا يمارسون الشعوذة عبر الشاشة([18]).

فهذه الدورات لا تمت للعلم بأي صلة باعتراف غاري دوغلاس، فقد أقر أنه استوحاها عبر فتح قناة مع الساحر راسبوتين.

وبعد فترة وجيزة من أول لقاء لغاري مع راسبوتين قيل: إنه سافر إلى كولورادو لحضور وعمل خلوة التأمل، قام غاري بعمل لقاءات مع مجموعة من المخلوقات أو الكائنات غير البشرية، يسميها غاري: “نوفيان” Novian، قيل: إن هذه الكائنات Novian لم يتحملها جسد غاري، ولهذا فقد طالب بنقل المعلومات إليه بطريق صديقه راسبوتين، في اليوم التالي بدأ راسبوتين يتحدث من خلال غاري حول ما يعرف الآن باسم: الوصول إلى الوعي أو ما يعرف بــ: (Access Consciousness bars).

ومن غاري علم راسبوتين أن هناك 32 “bars” أو نقطة على الرأس وعند لمسها “ستزيل كل القيود التي لديك عن تلك المنطقة المرتبطة في جزء من حياتك”، وهذا ما يدعيه جميع من تعلم هذا الموضوع.

وعلى الرغم من هذه الأصول الغامضة الفاضحة جدًّا لهذا الموضوع، إلا أن الناس يشتركون في دوراتها ليصبحوا ممارسين لوعي الوصول (Access Consciousness) أو (Accessories) كما يطلق عليهم، والذين سيشاركون أيضًا في تحضير الأرواح -channeling- في الجلسات([19]).

الهدف من هذه الدورات الغامضة:

يزعم مدربو هذه الدورات أن لها مجموعة من الأهداف، منها:

أولًا: أنها تعطيك أدوات تكتسب بها القدرة على تغيير الواقع بكل يسر وسهولة، تسطيع بها خلق الواقع الذي تريده، تسطيع أن تكون عندك المعرفة التي وجدت بداخلك من أول كينونيتك([20]).

ثانيًا: معرفة الأدوات التي تمكنك من التواصل مع الأرواح والعالم الآخر، تقول آمي شاين: “هو كرس متخصص في (أكسس كونشسنس -الوصول للوعي-) يعلمك حقا بأدوات براغماتية يمكنك استخدامها لتيسير التواصل مع عالم الأرواح لتحصل على وحدانية مع عالم الأرواح”([21]).

ثالثًا: الزعم أن الإنسان يستطيع أن يحصِّل بالأكسس من الأدوات ما يستطيع به أن يكون هو المصدر والمسيطر على هذا العالم.

رابعًا: أن المتدرب يستطيع أن يصل إلى التعامل مع أرواح لأجساد ماتت مرتبطة بالمكان تحتاج فقط أن تعرف أن الجسد مات([22]).

خطورة هذه الدورات على عقائد المسلمين:

في كتاب “دكتاتورية المستنيرين.. روح الإنسانوية العابرة وأهدافها” لتشتفي ريكوفا أولغا نيكولايفنا، سلطت الضوء على العديد من الجماعات الفكرية العلنية منها والسرية، وإبراز القضايا التي عملت عليها من أجل تحقيق أهدافها المتمثلة بمحاربة الله الخالق، وإلغاء الدين والتأسيس لدين جديد يضع الشيطان مكان الله.

وجاء الفصل الثالث تحت عنوان “العلماء السحرة”، قالت: “وقد أصبحت الأطروحات الفئوية التي كونت ما يسمى بناء هيرميس البناء الذي يمثل خليطًا غيبيًّا من السيكولوجية الغنوصية والمكانيكا السحرية، هذا البناء وظف بوصفه تعليمات روحية لاستغلال العالمين.

وقام على أمرين: الأول الأفلاطونية الجديدة في المسيحية والأفكار الهيرمطيقية -السحر- أما الثاني فقد دمج الهيرمقطا مع القابالا وقدم لأوربا قواعد العالِم الساحر، الذي ينظر إلى الإنسان على أنه روح حية، بمساعدة أدوات السحر”.

إلى أن تقول نقلًا عن الباحثة فرانسيس إيتس: “لقد هيأت نظرية النهضة حول العالم الروحي الذي يدار عن طريق السحر، لدخول نظرية العالم الميكانيكي الذي يدار رياضيًّا، وهذا يتعلق بدرجة أكبر بالخمياء التي تمثل علمًا هجينًا يجمع التجارب المادية والتقنية النفسية، كان هدف الخمياء هو الحصول على ذلك المفتاح: حجر الفلاسفة، الذي يتيح إدارة الأرواح، بمعنى التحكم بالطاقات المخلوقة، أو بطاقات القوى الكونية؛ كي يصل الإنسان إلى الحالة الربوبية والخلود”([23]).

وأما الباحث ديفيس مؤلف كتاب “تكنولوجيا الغنوصية.. العالم والسحر والصوفية في العصر الرقمي”، فكتب يقول: “السحر هو ما تحت وعي التكنولوجيا، وهو الاستحضار غير العقلاني لها، عالمنا التكنولوجي المعاصر ليس الطبيعة الثانوية، ما فوق الطبيعة، وكلما بحثنا بحدود الوعي والمادة بكثافة كانت ثمار صناعتنا المحبطة تصطدم ببلاغة ما فوق الطبيعة”([24]).

وإنما نقلنا هذه النقول المهمّة لكُتّاب ليسوا مسلمين؛ لنبين خطر هذه الدورات على العقائد عمومًا، وعلى عقائد المسلمين خصوصًا؛ وليكون الكلام أوقع في نفس القارئ، وحتى لا نُتهم بمحاربة العلم، وليعلم الجميع أن هذه خرافات وأباطيل، وإن قُدمت للناس في صورة دورات، ودُفعت فيها الأموال الطائلة.

ولقد ذكر الغزالي رحمه الله الأساليب والخطوات التي يستخدمها أصحاب هذه الدعوات الهدامة لهدم عقائد المسلمين فقال: “وَقد نظموها على تسع دَرَجَات مرتبَة، وَلكُل مرتبَة اسْم، أولها: الزرق والتفرس، ثمَّ التأنيس، ثمَّ التشكيك، ثمَّ التَّعْلِيق، ثمَّ الرَّبْط، ثمَّ التَّدْلِيس، ثمَّ التلبيس، ثمَّ الْخلْع، ثمَّ السلخ، والزرق: هو انتقاء المدعو إلى الضلال، والتأنيس: موافقة المدعو في أفعال يتعاطاها، والتشكيك: هز العقائد والأحكام الراسخة وزعزعتها عند المدعو، والتعليق: تعليق الشكوك، فلا يوجد لها إجابات، ثم وهمه بأنها أسرار لا يطلع عليها إلا الخواص، والربط: ربط المدعو بالوعود الموثقة والأيمان المغلظة على إبقاء السر مكتومًا، والتدليس: التدرج في البوح بالأسرار، والتلبيس: البدء بالمقدمات الصحيحة للوصول إلى النتائج الباطلة، ثم الخلع والسلخ: وهما خلع الشرع وسلخ الاعتقاد([25]).

ومن خطورة هذه الدورات على العقيدة:

أولًا: أنها دعوى لنشر المذاهب الروحية وتحضير الأرواح.

ثانيًا: أنها دعوى للتواصل والصداقة مع الشياطين.

ثالثًا: زعمهم قدرة الإنسان على تغيير أقداره.

رابعًا: الوقوع في السحر.

خامسًا: القول بوحدة الوجود.

سادسًا: التحرر من المعتقدات الحقَّة.

سابعًا: نفي وجود الخير والشر.

ثامنًا: الاعتماد على العلاج بالطاقة.

تاسعًا: المنع من ممارسة أي شعائر دينية نهائيًّا في البرنامج.

عاشرًا: غرس الخوف في نفوس المتدربين.

حادي عشر: نشر الفاحشة بين المتدربين.

ثاني عشر: الحث على الاختلاط.

ثالث عشر: أنها دعوى للتخلي عن العقل.

رابع عشر: أنها تؤدي إلى الجنون والأمراض النفسية.

وهذه النقاط السابقة يمكن تفصيل بعضها فيما يلي:

أولًا: أنها دعوى لنشر المذاهب الروحية وتحضير الأرواح:

الأصل الذي تُقام من أجله دورات الأكسس بارز أو التخاطب مع الكينونات هو التدريب على التواصل والتخاطب مع الأرواح، تقول عائشة السماحي: والمقصود بالكينونة في دورات الأكسس بارز كل كيان كان له جسد ولم يعد له جسد الآن مثل أرواح الموتى([26]).

فهي تابعة في منبعها وأصلها للروحية الحديثة، وهي: “دعوة هدامة وحركة مغرضة مبنية على الشعوذة، تدَّعي استحضار أرواح الموتى بأساليب علمية، وتهدف إلى التشكيك في الأديان والعقائد، وتبشر بدين جديد، وتلبس لكل حالة لباسها”([27]).

وأما عملية تحضير الأرواح فهي: “الشعيرة التي تؤمن بأن الأحياء يمكن أن يتّصلوا بأرواح الموتى، ولهذه الشعيرة طقس خاصّ، ويقود هذه العملية وسيط تستطيع الأرواح من خلاله الاتصال بالأحياء”([28]).

وبناءً على مزاعم الروحانيين ودعاة التحضير فإنه يتم استدعاء الأرواح من عالَمها طوعًا أو كرهًا، عبر وسيط وبشروط معينة، وفي أجواء خاصة، وبطرق متعدّدة، ينتج عنها الاتصال بعالم الأرواح وإحداث ظواهر روحية خارقة([29]).

والوسيط يكون بشريًّا، ذكرًا كان أو أنثى، والشروط أبرزها الانسجام بين أعضاء جلسة التحضير وإظلام الغرفة وإشعال الأنوار الخافتة والهدوء، كل هذا في أجواء خاصة، مشحونة في بدايتها بالموسيقى والتراتيل الدينية -قرآن، إنجيل، توراة- أو كلها مجتمعة، أو ما من شأنه أن يحدث الانسجام بين أفراد المجموعة المختلطين من الذكور والإناث، بعد تشابك أيديهم وتبادل أماكنهم، ومن ثم لزوم الهدوء، خاصة إذا حضرت الروح([30]).

تاريخ ظهور ظاهرة تحضير الأرواح:

لم يعرف لها مؤسس في أوروبا وأمريكا، ولكن الدعوة إليها قد نشطت في بداية هذا القرن الميلادي -القرن العشرين- من قبل عدة شخصيات، منها:

– جان آثر فندلي، وكتابه المشهور: على حافة العالم الأثيري.

– أدين فردريك باورز، وكتابه المشهور: ظواهر حجرة تحضير الأرواح.

كما ظهرت لها في تلك البلاد عدة مؤسسات مثل: (المعهد الدولي للبحث الروحي) بأمريكا و(جمعية مارلبورن الروحية) بإنجلترا.

أما في العالم الإسلامي فقد تحمّس لها عدة أشخاص وحملوا رايتها، منهم:

– الأستاذ أحمد فهمي أبو الخير -أمين عام الجمعية المصرية للبحوث الروحية- وقد أصدر مجلة عالم الروح، وهي الناطقة باسم هذه الدعوة الهدامة، وقد بدأ نشاطه منذ سنة 1937م، وقام بترجمة كتابَي فندلي وباورز سابقي الذكر.

– حسن عبد الوهاب، وكان سكرتيرًا لجمعية جمعية الأهرام الروحي لفترة، ثم اكتشف زيف الروحية الحديثه، وأزاح الله عن عينيه غشاوة الضلال، واكتشف ما في هذه الدعوة الماكرة من سموم، وثبت له يقينًا أن الشخصيات التي تحضر في جلسات التحضير وتزعم أنها أرواح من سبقونا من الأهل والأحباب إن هي إلا شياطين وقرناء من الجنّ يلبّسون على الناس ما يلبسون([31]).

وفي أواخر عشرينيات وأوائل ثلاثينيات القرن العشرين كان هناك تقريبا ربع مليون ممارس للروحانية، وما يقارب ألفي مجتمع روحاني في المملكة المتحدة، إضافة إلى ازدهار ثقافات الوساطة الروحية.

وتستمر ممارسة الروحانية في المقام الأول في كنائس المذاهب الروحانية المختلفة في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والمملكة المتحدة، وفي المملكة المتحدة تفتح أكثر من 340 كنيسة ومركزًا روحانيًّا أبوابها للجمهور، وتُجرى عروض مجانية للوساطة الروحية بانتظام([32]).

هل يمكن أن يلتقي الأحياء بأرواح الأموات يقظة؟

من المعلوم الثابت عقلًا وشرعًا أن عالم الأرواح من الغيب الذي يختلف عن عالمنا، وعلى هذا فلا يجوز لأحدٍ أن يتكلّم فيه برأيه، بغير دليل صحيح يُعتمد عليه، والله عز وجل يقول: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، ولما سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الروح، وهل الْمُفَوَّضُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَمْرُ ذَاتِهَا أَوْ صِفَاتِهَا أَوْ مَجْمُوعِهِمَا؟ أجاب بقوله: “وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ هَلْ الْمُفَوَّضُ إلَى اللَّهِ أَمْرُ ذَاتِهَا أَوْ صِفَاتِهَا أَوْ مَجْمُوعُهُمَا؟ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ الْكَلَامِ فِي الرُّوحِ؛ بَلْ لَا يَجُوزُ لِأَحَد أَنْ يَقْفُوَ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، وَلَا يَقُولَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا يَعْلَمُ. قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36]… وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ نُهُوا أَنْ يَتَكَلَّمُوا فِي الرُّوحِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، لَا فِي ذَاتِهَا وَلَا فِي صِفَاتِهَا، وَأَمَّا الْكَلَامُ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَذَلِكَ مُحَرَّمٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ”([33]).

فبين شيخ الإسلام ابن تيمية أن الروح غيب، وأن الكلام فيها بغير دليل تقوُّل على الله بغير علم، وأن الكلام فيها لا يكون إلا بما دلّ عليه الدليل من القرآن وصحيح السنة.

وعليه فلا يصحّ أن نأتي في هذا الباب بشيء ليس عليه برهان من الكتاب والسنة، وهذا الحال في جميع الأمور الغيبية، الأصل فيها أن نقف حيث وقف السلف، ويسعنا ما وسعهم، إن أردنا أن يسلم لنا ديننا.

وهذه المسألة المقصودة وهي: هل يمكن أن يلتقي الأحياء يقظة بأرواح الأموات؟ لم تثبت لأحدٍ من البشر إلا للنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك في ليلة الإسراء والمعراج، لما صُعد به صلى الله عليه وسلم إلى السماء التقى بجميع الأنبياء، وحادثهم، وخاطبهم، وتذاكروا أمر الساعة، وجرى بينهم صلوات الله عليهم وبينه صلى الله عليه وسلم ما قصّه النبي صلى الله عليه وسلم علينا([34]).

وهذا اللقاء كان بين الأنبياء بأرواحهم، وبين النبي صلى الله عليه وسلم روحًا وجسدًا، إلا عيسى عليه السلام، فإنه رُفع بروحه وجسده.

قال الحافظ في الفتح: “رؤيته صلى الله عليه وسلم إياهم في السماء محمولة على رؤية أرواحهم، إلا عيسى؛ لما ثبت أنه رُفع بجسده، وقد قيل في إدريس أيضًا ذلك”([35]).

وعلى هذا فلا يمكن اللقاء بين أهل الدنيا وأهل الآخرة يقظة بإطلاق؛ لاختلاف ما بين الدارَين، ولانشغال أهل الآخرة بما هم فيه من نعيم أو عذاب، ولا نصوص عندنا تثبت ذلك، وما كان من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فحالة خاصة، وفي ظروف معينة، شاء الله أن يريه من آياته ما شاء.

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب بروحه وجسده، والتقى بتلك الأرواح في دار إقامتها، فهو المسافر وهو الضيف، ولم يحصل لتك الأرواح أن تجاوزت برزخها فزارته في داره الدنيا يقظة أبدًا، وبذا يُعلم بطلان دعاوى بعض النصارى والصوفية في رؤية الأموات يقظة، كما تبطل دعاوى تحضير الأرواح بصفة عامة، وأرواح الأنبياء بصفة خاصة، فإنما رأوا الشياطين وحضروا الجن([36]).

وعلى هذا فمن زعم أنه تحدث مع روح أو رآه بعد وفاته، فهو إنما رأى شيطانًا أو جنيًّا تمثل في صوته أو صورته، كما كانت الشياطيين تتمثل قديمًا للمشركين فتكلّمهم من داخل الأصنام فيصدقوها.

قال شيخ الإسلام: “وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْأَوْثَانَ يَحْصُلُ عِنْدَهَا مِنْ الشَّيَاطِينِ وَخِطَابِهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ مَا هُوَ مِنْ أَسْبَابِ ضَلَالِ بَنِي آدَمَ، وَجَعْل الْقُبُورِ أَوْثَانًا هُوَ أَوَّلُ الشِّرْكِ، وَلِهَذَا يَحْصُلُ عِنْدَ الْقُبُورِ لِبَعْضِ النَّاسِ مِنْ خِطَابٍ يَسْمَعُهُ وَشَخْصٍ يَرَاهُ وَتَصَرُّفٍ عَجِيبٍ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْ الْمَيِّتِ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ مِثْلَ أَنْ يَرَى الْقَبْرَ قَدْ انْشَقَّ وَخَرَجَ مِنْهُ الْمَيِّتُ وَكَلَّمَهُ وَعَانَقَهُ، وَهَذَا يُرَى عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَصَوَّرُ بِصُوَرِ الْإِنْسِ وَيَدَّعِي أَحَدُهُمْ أَنَّهُ النَّبِيُّ فُلَانٌ أَوْ الشَّيْخُ فُلَانٌ، وَيَكُونُ كَاذِبًا فِي ذَلِكَ”([37]).

الغش والخداع والاحتيال في جلسات تحضير الأرواح:

ما يدعيه هؤلاء الدجالون من تحضير الأرواح ما هو إلا نوع من الكهانة والدجل والغش والخداع والاحتيال، وما هذه الأرواح إلا أرواح شياطين، لبست على هؤلاء الجهال؛ ليعبدوها من دون الله عز وجل، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية فيما يعتقد أنه روح ميت: “هو شيطان تمثل في صورته، فيظنونه إياه”([38]).

وقال أيضًا: “وَكَثِيرٌ مِمَّنْ يَسْتَغِيثُ بِالْمَشَايِخِ فَيَقُولُ: يَا سَيِّدِي فُلَانٌ أَوْ يَا شَيْخُ فُلَانٍ اقْضِ حَاجَتِي، فَيَرَى صُورَةَ ذَلِكَ الشَّيْخِ تُخَاطِبُهُ وَيَقُولُ: أَنَا أَقْضِي حَاجَتَك وَأُطَيِّبُ قَلْبَك، فَيَقْضِي حَاجَتَهُ أَوْ يَدْفَعُ عَنْهُ عَدُوَّهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ شَيْطَانًا قَدْ تَمَثَّلَ فِي صُورَتِهِ لَمَّا أَشْرَكَ بِاللهِ فَدَعَا غَيْرَهُ. وَأَنَا أَعْرِفُ مِنْ هَذَا وَقَائِعُ مُتَعَدِّدَةٌ؛ حَتَّى إنَّ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِي ذَكَرُوا أَنَّهُمْ اسْتَغَاثُوا بِي فِي شَدَائِدَ أَصَابَتْهُمْ، أَحَدُهُمْ كَانَ خَائِفًا مِنْ الْأَرْمَنِ، وَالْآخَرُ كَانَ خَائِفًا مِنْ التتر، فَذَكَرَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَغَاثَ بِي رَآنِي فِي الْهَوَاءِ وَقَدْ دَفَعْت عَنْهُ عَدُوَّهُ. فَأَخْبَرْتهمْ أَنِّي لَمْ أَشْعُرْ بِهَذَا وَلَا دَفَعْت عَنْكُمْ شَيْئًا؛ وَإِنَّمَا هَذَا الشَّيْطَانُ تَمَثَّلَ لِأَحَدِهِمْ فَأَغْوَاهُ لَمَّا أَشْرَكَ بِاَللَّهِ تَعَالَى”([39]).

وما هذه الجلسات إلا نوع من الاستمتاع بين الإنس والشياطين، فالإنسي يخدم الشياطين بعبادتها وتحقيق مطالبها، والشياطين تخدمه بما يطلب زورًا وبهتانًا في انتحالها أسماء من يدعون من الأموات ومخاطبتهم، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 128، 129].

قال شيخ الإسلام: “وَمِنْ اسْتِمْتَاعِ الْإِنْسِ بِالْجِنِّ اسْتِخْدَامُهُمْ فِي إحْضَارِ بَعْضِ مَا يَطْلُبُونَهُ مِنْ مَالٍ وَطَعَامٍ وَثِيَابٍ وَنَفَقَةٍ؛ فَقَدْ يَأْتُونَ بِبَعْضِ ذَلِكَ وَقَدْ يَدُلُّونَهُ عَلَى كَنْزٍ وَغَيْرِهِ. وَاسْتِمْتَاعُ الْجِنِّ بِالْإِنْسِ اسْتِعْمَالُهُمْ فِيمَا يُرِيدُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ كُفْرٍ وَفُسُوقٍ وَمَعْصِيَةٍ، وَمِنْ اسْتِمْتَاعِ الْإِنْسِ بِالْجِنِّ اسْتِخْدَامُهُمْ فِيمَا يَطْلُبُهُ الْإِنْسُ مِنْ شِرْكٍ وَقَتْلٍ وَفَوَاحِشَ، فَتَارَةً يَتَمَثَّلُ الْجِنِّيُّ فِي صُورَةِ الْإِنْسِيِّ، فَإِذَا اسْتَغَاثَ بِهِ بَعْضُ أَتْبَاعِهِ أَتَاهُ فَظَنَّ أَنَّهُ الشَّيْخُ نَفْسُهُ، وَتَارَةً يَكُونُ التَّابِعُ قَدْ نَادَى شَيْخَهُ وَهَتَفَ بِهِ: يَا سَيِّدِي فُلَان، فَيَنْقُلُ الْجِنِّيُّ ذَلِكَ الْكَلَامَ إلَى الشَّيْخِ بِمِثْلِ صَوْتِ الْإِنْسِيِّ حَتَّى يَظُنَّ الشَّيْخُ أَنَّهُ صَوْتُ الْإِنْسِيِّ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ يَقُولُ: نَعَمْ، وَيُشِيرُ إشَارَةً يَدْفَعُ بِهَا ذَلِكَ الْمَكْرُوهَ، فَيَأْتِي الْجِنِّيُّ بِمِثْلِ ذَلِكَ الصَّوْتِ وَالْفِعْلِ، فَيَظُنُّ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَنَّهُ شَيْخُهُ نَفْسُهُ وَهُوَ الَّذِي أَجَابَهُ وَهُوَ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ، حَتَّى أَنَّ تَابِعَ الشَّيْخِ قَدْ يَكُونُ يَدُهُ فِي إنَاءٍ يَأْكُلُ، فَيَضَعُ الْجِنِّيُّ يَدَهُ فِي صُورَةِ يَدِ الشَّيْخِ وَيَأْخُذُ مِنْ الطَّعَامِ؛ فَيَظُنُّ ذَلِكَ التَّابِعُ أَنَّهُ شَيْخُهُ حَاضِرٌ مَعَهُ، وَالْجِنِّيُّ يُمَثِّلُ لِلشَّيْخِ نَفْسِهِ مِثْلَ ذَلِكَ الْإِنَاءِ؛ فَيَضَعُ يَدَهُ فِيهِ حَتَّى يَظُنَّ الشَّيْخُ أَنَّ يَدَهُ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ، فَإِذَا حَضَرَ الْمُرِيدُ ذَكَرَ لَهُ الشَّيْخُ أَنَّ يَدِي كَانَتْ فِي الْإِنَاءِ، فَيُصَدِّقُهُ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ شَهْرٍ وَالشَّيْخُ مَوْضِعَهُ وَيَدُهُ لَمْ تَطُلْ، وَلَكِنَّ الْجِنِّيَّ مَثَّلَ لِلشَّيْخِ وَمَثَّلَ لِلْمُرِيدِ حَتَّى ظَنَّ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا عِنْدَ الْآخَرِ، وَإِنَّمَا كَانَ عِنْدَهُ مَا مَثَّلَهُ الْجِنِّيُّ وَخَيَّلَهُ”([40]).

أما الغش والخداع أثناء هذه الجلسات فكثير جدًّا وله طرق متنوعة، منها: أنهم يقيمون جلسات الوساطة في الظلام حتى تصبح ظروف الإضاءة السيئة فرصة سهلة للاحتيال، ثم يأتون بمادة مصنوعة من القماش القطني والزبدة والشاش والقماش، ويقوم الوسطاء الروحيون بلصق وجوه مقطوعة من المجلات والصحف على القماش أو على الدعائم الأخرى، ويستخدمون الدمى البلاستيكية في جلساتهم للتظاهر بأن أرواحًا تتصل بهم.

كتب لويس سبنس في كتابه موسوعة الغيبيات قائلًا: “يلعب الاحتيال في الممارسات الروحية دورًا كبيرًا في الظواهر الجسدية والنفسية أو التلقائية، ولكن بشكل خاص في الأولى. إن تواتر إدانة الوسطاء الروحيين بالاحتيال دفع العديد من الأشخاص إلى التخلي عن دراسة البحث الروحي، معتبرين أن الجزء الأكبر من الظواهر عبارة عن خدع واحتيال”([41]).

فضلًا عن أن الكثير مما أخبرت به هذه الشياطين عن العلم بالمستقبل والإخبار عن المغيبات لم يقع أصلًا، أو وقع نقيضه.

وعلى فرض وقوعه -وهذا لم يحدث- فلا يعدو أن يكون نوعًا من الكهانة والدجل، فقد أخبرت الأرواح أن العالم مقبل على سعادة عام (2000م)، وأن الخمر لن تُشرب، وستقلّ الزلازل، وسيكون الهواء أنقى والجوّ أصفى، والواقع يشهد بخلاف كل ما ذُكر تمامًا، فالخمر لم تنقطع، والزلازل والفيضانات والأعاصير تتكاثر على نحو مفزع، والحروب والظلم أشد ضراوة مما مضى([42]).

وهذا الساحر الإنجليزي مسكلين كتب مقالة كشف فيها خُدع بعض مدعي استحضار الأرواح ومناجاتها، وبين في مقالته خُدع رجل أمريكي اسمه سلايد، أتى من أمريكا إلى بلاد الإنكليز مدعيًا أنه يستحضر أرواح الموتى، فتحضر وتكلم أقاربها، وكان يأخذ جنيهًا ممن يطلب منه إحضار أحد أقاربه المتوفين، فطلب منه مسكلين أن يريه ما يعمله فأبى، فاستعان بغيره وبحث ودقّق حتى وقف على سرها، ودعي إلى مجلس القضاء كشاهد على نصبه واحتياله وخداعه([43]).

ثانيًا: هذه الدورات تقوم على الكهانة والسحر والشعوذة والتواصل مع الشياطين:

وهذا ما تصرح به آمي شاين فتقول: “الشياطين هي كينونات، إنها طاقة موجودة هنا على الكوكب والتي يمكننا بالفعل، وعندما تحصل على كورس التخاطب مع الكينونات ستتعلم كيف توضح الشياطين أنهم ليسوا صح، أنهم ليسوا خطأ، لدينا أدوات لتوضيحهم وهو أمر رائع”([44]).

فهي تصرح أنه يمكننا ونحن على هذا الكوكب أن نتعامل مع الشياطين، بل نروضهم، ونكوِّن معهم صداقات، وهذا ما يروجون له في دورات الأكسس ودورات التخاطب مع الكينونات.

والمطلوب منك فقط لتكون هذه الصداقة أن يكون عندك الاستعداد لذلك.

تقول آمي شاين: “ما الذي تتطلبه لكي يكون لديك شراكة مع عالم الأرواح؟ أنت تتطلب أدوات براغماتية…

أولًا: عليك أن تكون على استعداد للتخاطب مع الكينونات.

ثانيًا: أن تكون على استعداد للمساهمة للكينونات، فإذا لم يكن عندك استعداد للمساهمة لها فلن تعمل”([45]).

فهي علاقة بين طرفين: الإنس والشياطين، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} [الأنعام: 112، 113].

ولا تتعجب من تصريحها أنها دعوى للصداقة مع الشياطين، فهذه عادة السحرة قديمًا وحديثًا، ألم يقل الله تعالى عنهم: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} [الشعراء: 221-223].

قال ابن كثير مبينًا على من تنزل الشياطين: “إِنَّمَا يَنْزِلُونَ عَلَى مَنْ يُشَاكِلُهُمْ وَيُشَابِهُهُمْ مِنَ الْكُهَّانِ الْكَذَبَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ} أَيْ: أُخْبِرُكُمْ {عَلَى مَنْ تَنزلُ الشَّيَاطِينُ * تَنزلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} أَيْ: كَذُوبٍ فِي قَوْلِهِ، وَهُوَ الْأَفَّاكُ الْأَثِيمُ، أَيِ: الْفَاجِرُ فِي أَفْعَالِهِ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي تَنَزَّلُ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ، كَالْكُهَّانِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُمْ مِنَ الْكَذَبَةِ الْفَسَقَةِ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ أَيْضًا كَذَبَةٌ فَسَقَةٌ”([46]).

ومن المعلوم من الدين بالضرورة أن الشياطين لا تصادق ولا توالي إلا أولياءها من الكفار والفسقة والكهان، كما قال تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} [الأنعام: 121]، وكما قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة: 257].

ولقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في التحذير منهم، ومن إتيانهم، وتصديقهم، وبين صلى الله عليه وسلم أنهم ليسوا بشيء، ففي البخاري ومسلم عن عَائِشَةُ رضي الله عنها قالت: سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الكُهَّانِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسُوا بِشَيْءٍ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ، فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ»([47]). وصدق صلى الله عليه وسلم، فهم أكثر الناس كذبًا ودجلًا وتلبيسًا.

ونهى صلى الله عليه وسلم عن إتيانهم، ففي حديث معاوية بن الحكم السلمي قال: وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ، قَالَ: «فَلَا تَأْتِهِمْ»([48]).

وحكم النبي صلى الله عليه وسلم بالكفر على من أتى هؤلاء فصدَّقهم بأقوالهم، فقال: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»([49]).

ونحن لا ندَّعي على أصحاب هذه الدورات ارتباطهم بالشياطين، فهناك من الدلائل على ذلك الكثير، منها:

  • الاضطراب والتغير الذي يعتري الوسطاء الروحانيين، والذي يظهر في الملامح والحركات والأصوات، ويشبه من به مس من الجن، يضطرب، ويظهر زائغ البصر، ولا يشعر بمن حوله، ويظهر أصواتًا مغايره لنبرة صوته، وتتغير ملامح وجهه، وأحيانًا يتخشب كمن به صرع([50]).

وقد ذكر الروحي علي عبد الجليل راضي حال الوسيط أثناء الجلسات، ومنها:

– لا يشعر بالألم الجسدي، كغرس الدبابيس.

– لا يعرف شيئًا عما قاله أثناء نومه.

– يتفوه بأشياء لم يكن يعرفها أثناء يقظته.

– يمكنه أن يقوم بظواهر مادية جديدة عليه كتحريك منضدة ثقيلة([51]).

  • استحواذ الأرواح على الوسطاء الروحانيين وإلحاق الأذى بهم، فتهيمن على يده أو لسانه، وقد تصيبه بالخبل والجنون.
  • قيام الوسطاء الروحيين بأعمال تنبئ عن اتصالهم بالشياطين، وينسبون ذلك إلى الأرواح المحضرة، التي يزعمون أنها أرواح لأموات من البشر.
  • الإخبار بالمغيبات التي توحي بها الشياطين، وهذا أحد الأبواب الواسعة التي ولج منها الروحيون إلى خداع الناس وإضلالهم، مستعينين بما توحي به الشياطين من المغيبات النسبية.
  • استعمال الرموز والإشارات والطلاسم التي يستخدمها السحرة والكهان([52]).
  • اعترافات الكثير من الباحثين من المسلمين وغيرهم بصلة هذه الدورات بالتخاطب مع الشياطين، فقد ساق الروحي أحمد فهمي أبو الخير عن أسقف أنكونا الكاثوليكي قوله: “وقد أعلن أسقف أنكونا بغضب أن الحركة الروحانية من عمل الشيطان”([53]).

ثالثًا: هي دعوى لإحياء الديانات الشرقية القديمة:

فدورات الأكسس والتخاطب مع الكينونات هي دعوى قديمة مقتبسة من الديانات الشرقية كالطاوية والهندوسية والجينية وغيرها.

إن دعوى استحضار الأرواح والتواصل مع الكينونات ومصادقة الشياطين هي دعوى السُّحار في الماضي السحيق، فهي دعوى قديمة، مستقاة من الوثنيات التي ظهرت على امتداد التاريخ في شتى بقاع الأرض، ومن المذاهب الفلسفية والإلحادية القديمة، لكنها ظهرت بما يتناسب مع العصر، وكما قيل: لكل عصر فتنته، فهي حديثة من حيث تطبيقاتها المتنوعة على الأجيال المعاصرة في أمتنا المسلمة، كما أنها حديثة في طرائق عرضها حيث دخلت على شكل استطبابات ودورات ومهارات الحياة، تحت شعارات برّاقة أبرزها: الصحة والسعادة والنجاح والإيجابية والقدرات الخلاقة، التي تمثل صفات الحضارة المادية ومتطلبات الحياة العصرية، في وقت أنهكت فيه الأمة المسلمة بالهزائم ووصمت بالتخلف والسلبية([54]).

وهي قديمة حيث كان يعتقد الهنود أن الأرواح بعد الموت تبقى هائمة، ولما علم عمال الشياطين من السُّحار والمشعوذين تعلق الناس بالأموات زعموا قدرتهم على استحضارها([55]).

فقارن ما كان يعتقده الهنود على اختلاف طوائفهم ومعتقداتهم بهذا الكلام الذي تقوله عائشة السماحي، حيث تقول: “كان هناك إنسان غير واعي تمامًا، مات جسده، والروح لم تفهم أن الجسد مات، فما زالت موجودة حول المكان، فيعمل إزعاج في المكان، فنستطيع من خلال التخاطب مع الكينونة أن نوصل لهذا الكائن رسالة أن جسده مات”([56]).

وتقول آمي شاين: “بعض الطاقات المختلفة التي قد تلتقيها في عالم الأرواح، والتي هي كينونات الناس، الكينونات التي في نوع ما من السيناريوهات التي يسببها المخدرات، إذا كان لديك كينونات مع أجساد، مثل بعض الكيانات التي كان لديها جسد وتعاطت الكثير من المخدرات والكحول، وبعد أن ماتوا قتلوا أجسادهم بالمخدرات والكحول ما زالوا عالقين؛ لذا فهم لم يمضوا قدمًا، فهذا نوع من الكينونة، ولدينا أدوات في كورس التخاطب مع الكينونة للتعامل مع ذلك”([57]).

فهذا هو نفسه ما كان يعتقده الهنود قديمًا في عالم الأرواح، لكنه قُدّم في قالب عصري في فنادق فخمة، بأموال طائلة، فراج على الجهال واللاهثين خلف الرقيّ والتحضر الموهوم.

رابعًا: زعمهم قدرة الإنسان على تغيير أقداره وخلق واقعه:

تقول عائشة السماحي وهي تتحدث عن الهدف من دورات الأكسس: “الهدف منها أن تعطيك أدوات تستطيع بها القدرة على تغيير الواقع بكل يسر وسهولة، تسطيع بها خلق الواقع الذي تريده، تسطيع أن تكون عندك المعرفة التي وجدت بداخلك من أول كينونيتك”([58]).

وهذا الباب من أوسع الأبواب التي يدخلون منها على المتدربين: التعظيم من شأن الإنسان، ومن قدراته، وأنه يستطيع أن يخلق واقعه، لا يحتاج لشيء آخر، يستطيع أن يكون ذلك الإنسان السوبر مان، بل يستطيع أن يستغني عن الإله، فهو وحده يملك أمر صحته ومرضه، وسعادته وشقائه.

فهذه الدورات تؤدي إلى تأليه الإنسان لنفسه، فهو لا يحتاج لإله يهديه، ولا يعتمد عليه، ولا يدعوه، ولا يخاف منه.

وهكذا هم يريدون من الإنسان أن يخرج عن كل القوانين، وعن كل الأديان، وعن كل المعتقدات.

استمعت ساعات طويلة لمن يروجون لهذه الدورات، فما سمعت منهم أحدًا يذكر الله مرة واحدة، بل إذا اضطر لذكر الدين يذكره على استحياء دون أن ينتسب إليه.

يقول أنتوني روبنز: “مهما كانت التحديات التي تواجهها فإنَّ اعتقادًا يكمن في أعماقك بأنّ تجربتك في الحياة يمكنها ويجب أن تكونَ أكبر مما هي عليه الآن، فقدرك هو أن تحقِّق النمط الفريد من عظمتك”([59]).

ويقول علي رضا أزمنديان: “إن فكرة إيجابيةً وجميلةً من شأنها أن تخلق عالمًا جديدًا في حياة المرء، وأيًّا كان ما نفكر فيه نخلقه”([60]).

ويقول آخر: “أي شيء تتوقع حدوثه يتحدَّد من خلال أفكارك”([61]).

والله تعالى قدَّر المقادير وكتبها، وليس للشياطين أو التخاطب معها أثر في تغيير ما كتبه الله وقدره، بل وليست سببًا شرعيًّا لتغيير الأقدار أو تشكيل الواقع.

ومثل هذه الدورات تهدم أصول الشريعة، وتنشر الإلحاد في بلاد المسلمين، فأنت من تخلق واقعك بداخلك. فعندهم الكينونة كأنها إنسان بداخلنا نفرح إذا فرح، ونحزن إذا حزن([62]).

ويكفيك لتغير واقعك أن تستطيع التواصل مع كينونتك، وترويض شيطانك، وهذا لا يتطلب أكثر من مجموعة من دروات الأكسس والتخاطب مع الكينونة، يقول بعضهم: “فلو ظننا أن تحقيق ما نريده يتطلب الكثير من الجهد والعمل فسوف نبني حياتنا على الكفاح والنضال.. ففكرة أن تحقيق ما نريده يتطلب الكثير من الجهد والعمل الجادّ هي مجرد اعتقاد زائف”([63]).

خامسًا: التحرر من المعتقدات والمنع من ممارسة أي شعائر دينية:

تتضمن المبادئ الأساسية لمعالجي الـ Access Consciousness الحظر التام لنشر أي معلومات حول معتقداتهم، فمن الممنوع التحدث في الدين أو العقيدة كليًّا، ومن الممنوع ممارسة شعائرك الدينية نهائيًّا أثناء تعلم هذه البرنامج، ويتم تعليم المتدربين التخلي عن كل التفكير الناقد وسؤال المدربين.

ويتم تعليم المتدربين عدم التفكير على الإطلاق، وأهم جملة يرددونها ويحبون ترديدها: “التفكير شيء قذر”([64]).

وفوق ذلك ينشرون الخوف في نفوس المتدربين، وهذه وسيلة أخرى للحفاظ على السيطرة عليهم، مثل التهديد بعزله وإقصائه، والتخلي عن كل من يحاول التفكير استقلالا([65]).

بل وطرح العقل جانبًا، تقول آمي شاين وهي تتحدث عن الهدف من التخاطب مع الكينونات: “تتمكن من البدء بالفعل في الحصول على شراكة ووحدانية مع عالم الأرواح، وهذا يتطلب منك التخلي عن تفكير وفهم العقل”([66]).

وهكذا يتبين أن من أهم أهداف دورات الأكسس والتخاطب مع الكينونات التخلصَ من كل أنواع المعتقدات والعادات، والتقاليد التي يتربى عليها الفرد وينشأ عليها المجتمع، فهم يزعمون أن الأكسس بارز يعمل على مراكز في الرأس تعمل مباشرة على تفريغ الطاقة وتفريغ المسارات الطاقية، وتنظيف الوعي من كل المعتقدات السابقة، حتى هذه المعتقدات التي تتمسك بها جدًّا، وتؤثر عليك في كل نواحي حياتك، ويسمون هذه تقنيات للتحرر من المعتقدات السلبية الموجودة عند المدرب والمتدرب([67]).

وتصرح مدربة -تسمّى أزهار، عراقية الجنسية- أن هذه الدورات عبارة عن محو لكل معتقد قديم تعتقده، وخلق واقع جديد ومستقبل جديد، لتنظيف هذه المعتقدات والأفكار([68]).

وهكذا يصرح هؤلاء بأن الهدف هو إخراج المرء عن دينه ومعتقداته، للحصول على السعادة المزعومة والخلود المنشود، وهذا من تلبيس الشيطان الذي قال لآدم: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى}، وكما قيل: “يكفيك من الشرّ سماعه”، والسعادة والصحة لا تُطلب إلا من مظانها، بالأسباب التي شرعها الله عز وجل، وإلا تكون فتنة لصاحبها، قد تخرجه من دينه وعقيدته إلى الكفر بالله عز وجل.

سادسًا: أنها دعوى لنشر الشرك والبدع:

ومما يدل على بطلان هذه الدورات أن الكينونات التي يتم مخاطبتها ليست إلا سرايا لإبليس وبعوثه لإضلال بني آدم، والعجب أنها تدعو أحيانا لإحياء الشرك والطرق البدعية. فهذا محمد شاهين حمزة أحد دعاة الروحية الحديثة يقول: “في إحدى الجلسات نصحتني روح بالانضمام إلى الطريقة الشاذلية”([69]).

وفي إحدى الجلسات قالت الروح بلهجتها تخاطب ولدها: “المقبرة إلِّي أنا فيها انقلني منها، واعمل لي ضريح في أي مكان بعيد عن المقابر، علشان تزورني ويقرؤوا عندي قرآن كثير، لأنني أحب القرآن، وأنا النهاردة هجيلك في المنام، وأعرفك المكان إلِّي أنت هتعمل لي فيه المقبرة”([70]).

بل وهناك بعد الأرواح تدعو لاعتناق الشيوعية الملحدة، وتمجدها، وتثني عليها، فتقول: “إن روسيا سوف تبرهن على أنها في عداد الأمم المتقدمة، والنتائج التي سوف تحصل عليها سوف تفتح عيون من ينقصون من عزيمتها… ومع ذلك فإنكم تسمونها دولة لا إلهية، ألا إن الله ينادي الإنسان دائمًا إلى الارتقاء”([71]).

سابعًا: هذه الدورات دعوى للاختلاط بين الجنسين والتحرر الجنسي:

فهذه الغرف التي تُقام فيها هذه الدورات تجمع بين الجنسين، بحيث يحدث الامتزاج والاشتباك في جو حالم حالك، مظلم هالك، فتمتزج الأنغام الموسيقية مع التراتيل الدينية، وتشتبك الأيادي النسوية بالأيادي الرجالية؛ لإتمام نجاح الجلسة. وكلما كانت الجلسة على هذا الوصف وتضم الجنسين كانت حرية بالنجاح([72]).

وتقول الوسيطة الروحية هستر سميث: “ومن عجب أنني وجدت للجنس أهمية في نجاح الجلسة، فخير الوسطاء في الجلوس إلى لوحة الحروف الهجائية هما رجل وسيدة”([73]).

ويقول أحمد حلواني مصورًا حقيقة ما يجري في هذه الدورات: “وصارت مجامع تحضير الأرواح مباءات فساد، يجتمع فيها الرجال والنساء، يتعارفون فيها، ويأتون من الآثام ما تقشعر له النفوس الأبية الكريمة، ويهدمون به صرح الأخلاق، فالبنت تذهب لتحضير أخاها المتوفي، أو لتطمئن على أمها، وبعضهن يدعين أنهن أُمرنَ من أرواح الأقارب بأفعال لا يرضاها الشرع، ولا تقبلها الفضيلة، واتخذ كثير من الناس هذه الأحبولة لاصطياد الناس والتغرير بهم”([74]).

بل إن الأمر تعدى إلى الأطفال، فهم يشجعون الآباء على عدم قمع الحياة الجنسية لأطفالهم، وهذا ما يحث عليه غاري دوجلاس([75]).

ثامنًا: هذه الدورات تؤدي إلى الجنون والأمراض النفسية:

وهذه لا شك نتيجة طبيعية للتعامل مع الجن والشياطين، واستحضارها بهذه الطرق، مع البعد عن شرع الله عز وجل، والانغماس في المعاصي، فيتسلط الشيطان على الوسيط الذي لم يتحصن بالأذكار، ولا يقرأ القرآن، فيؤدي ذلك إلى المس والتخبط والجنون.

وحالات التشنج التي تصيب الوسطاء أثناء التحضير تشبه تمامًا حالة الممسوس، حيث تتخشب الأطراف، ويشخص البصر، وبعضهم تنتابه حاله هستيرية وخوف وهلع، وقد يؤدي ببعضهم إلى الانتحار.

يقول الدكتور يعقوب صروف: “إن الذين يصدقون بمناجاة الأرواح ويمارسون ذلك تضعف قواهم العصبية رويدًا رويدًا، وينتهي أمرهم إلى الجنون، وهذا أمر معلوم”([76]).

تاسعًا: هذه الدورات دعوى للاعتقاد بوحدة الوجود:

حيث تقوم دورات الأكسس على ما يسمى: مسارات الطاقة، وهي كما يزعمون 32 مسارًا أو نقطة على الرأس، والتي عند لمسها “ستزيل كل القيود التي لديك عن تلك المنطقة المرتبطة في جزء من حياتك، فعند لمسها من المفترض أن تطلق الشحنة الكهرومغناطيسية، وتربط الشحنة الكهرومغناطيسية مختلف الأفكار والمشاعر والعواطف في عدة مراحل من الحياة، وتجعلها تبدو كما هي عليه اليوم حسب زعمه.

وفقا للموقع الرسمي للمؤسس، فإن القضبان تحتوي على معلومات عن مدى الحياة للفرد في شكل معتقدات وأفكار بحسب زعمه. يتم إعطاء جلسة لتفعيل الخانات (تقسيمات لكل خادم) بحيث يتم طرح الأفكار والمعتقدات والعواطف والمشاعر المرسومة منذ فترة طويلة لإفساح المجال أمام الحقائق الجديدة([77]).

وفي الجلسة تُعمل جلسة لتسهيل طرح المعتقدات القديمة، والتخلص منها، ومعرفة الخيارات المتعددة المتاحة من الكون.

فمثلًا كانت هناك دورة بهذا العنوان: “دورة منهاج ظل النور، سيطِر على حياتك، وتحكَّم بنفسك، واستعمل قدراتك البشرية”([78])، فالإنسان عندهم له قدرات غير محدودة في تشكيل واقعه وأقداره، فإذا استطاع أن يسيطر على أفكاره يمكن أن يشكّل واقعه حسب إرادته، وهذا يرجع إلى الفلسفة الباطنية التي تجعل الوعي هو الوجود الأول، وهو الإله، والحقيقة المطلقة، وكل ما في الوجود ليس إلا تجسيدًا لذلك الوعي، فإذا أدرك الإنسان حقيقة الإلهية التي هي وعي مجرد أمكنه التحكم في الواقع من خلال تحوير الوعي([79]).

إذًا فهي دعوة صريحة للقول بوحدة الوجود، حيث يعتقد هؤلاء أنه يمكن الارتقاء بالوعي الإنساني حتى تتواصل خلاياه بالطاقة الكونية، فتصبح خلاياه كونية غير منعزلة وغير محدودة، فيدرك عندها الإنسان أن كل ما في الوجود هي مظاهر لشيء واحد.

والإله الذي يريده هؤلاء ليس سوى وجود مطلق لا حقيقة له خارج الذهن، والإنسان عندهم لا يزال في تطور مستمر حتى يصل إلى مرحلة الإلهية، ومجرد تصوّر هذه الأقوال كاف لإظهار فسادها، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض المذاهب المنحرفة الباطلة: “إنَّ تَصَوُّرَ مَذْهَبِ هَؤُلَاءِ كَافٍ في بَيَانِ فَسَادِهِ، لَا يَحْتَاجُ مَعَ حُسْنِ التَّصَوُّرِ إلَى دَلِيلٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا تَقَعُ الشُّبْهَةُ لِأَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَفْهَمُونَ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ وَقَصْدِهِمْ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ وَالْمُشْتَرِكَةِ، بَلْ وَهُمْ أَيْضًا لَا يَفْهَمُونَ حَقِيقَةَ مَا يَقْصِدُونَهُ وَيَقُولُونَهُ؛ وَلِهَذَا يَتَنَاقَضُونَ كَثِيرًا فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنَّمَا يَنْتَحِلُونَ شَيْئًا وَيَقُولُونَهُ أَوْ يَتَّبِعُونَهُ. وَلِهَذَا قَدْ افْتَرَقُوا بَيْنَهُمْ عَلَى فِرَقٍ، وَلَا يَهْتَدُونَ إلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ فِرَقِهِمْ مَعَ اسْتِشْعَارِهِمْ أَنَّهُمْ مُفْتَرِقُونَ. وَلِهَذَا لَمَّا بَيَّنْت لِطَوَائِفَ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ وَرُؤَسَائِهِمْ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ وَسِرَّ مَذْهَبِهِمْ صَارُوا يُعَظِّمُونَ ذَلِكَ، وَلَوْلَا مَا أَقْرَنَهُ بِذَلِكَ مِنْ الذَّمِّ وَالرَّدِّ لَجَعَلُونِي مِنْ أَئِمَّتِهِمْ وَبَذَلُوا لِي مِنْ طَاعَةِ نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ مَا يَحِلُّ عَنْ الْوَصْفِ كَمَا تَبْذُلُهُ النَّصَارَى لِرُؤَسَائِهِمْ والْإِسْمَاعِيلِيَّة لِكُبَرَائِهِمْ وَكَمَا بَذَلَ آلُ فِرْعَوْنَ لِفِرْعَوْنَ. وَكُلُّ مَنْ يَقْبَلُ قَوْلَ هَؤُلَاءِ فَهُوَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ: إمَّا جَاهِلٌ بِحَقِيقَةِ أَمْرِهِمْ، وَإِمَّا ظَالِمٌ يُرِيدُ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَفَسَادًا، أَوْ جَامِعٌ بَيْنَ الْوَصْفَيْنِ”([80]).

وأخيرًا: التحذير من دورات الأكسس بارز والتخاطب مع الكينونات:

كثر التحذير من هذه الدورات من أهل العلم والأطباء النفسيين، بل وممن دخل في هذه الدورات وشاهدها من الداخل.

فقد حذر أستاذ وعالم أبحاث المسرطنات فهد الخضيري من انصياع الفتيات نحو ما يسمّى بـ”التخاطب مع الكينونات”، وقال: “انتبهوا لبناتكم من الانصياع للسحر والشعوذة والضياع الفكري بسبب نشر علوم الخفاء وتحت مسمى التخاطب مع الكينونات”. وأضاف: “فيه خلل عقدي ومخاطبة الجن والأرواح الخفية، وللأسف تقدمها إفريقية من بلد عربي أفريقي يسمونهن للتدليس: مدربات أكسيس وأسماء أخرى شيطانية”([81]).

وتقول الإخصائية في التنمية الذاتية حياة بركوكي: “دورات الأكسس بارز لا بد من إيقاف انتشارها، ولا بد من محاربتها؛ لأن محتواها يترصد بالقيم والركائز الدينية”([82]).

فيما أكد الأخصائي النفساني يوسف بن ياسين أن مدربي هذه التقنية يدعون أنها تقنية علاجية للتحرر من المعتقدات والأحاسيس والأفكار السلبية، ثم قال: “مصطلح التقنية يأتي من التقنيين، أو إخضاع الطريقة إلى قانون التجريب ومناهج البحث على فئات كثيرة وعينة معتبرة، ثم نخضعها للتجربة وننشر النتائج في المجلات العلمية، وتتبناها المدارس العلاجية النفسية، وهذا ما لم يتحقق ولا أي شرط في الأكسيس بارز”([83]).

كما تدخّل مستشار تربوي في الموضوع، وقال: “نعم لقد صدقوا في ذلك، فهي حقيقة تقنية للتحرر من المعتقدات الدينية ومن الضوابط الاجتماعية والقيم الإنسانية، ثم ما دامت أنها تقنية علاجية فالسؤال: تحت أي علم نصنفها؟ سيكون الجواب أكيد: علم النفس، هنا أقول: في أي جامعة من الجامعات العالمية تدرس هذه التقنية؟ وما هي المستشفيات العالمية التي تبنتها كتقنية علاجية؟ أين الكتب المؤلفة فيها؟ أين علماء النفس الذين قالوا بها ونصحوا باستخدامها؟ سيكون الجواب: لا يوجد، هذا ناهيك عن محتوى التقنية وما فيها”([84]).

وصرحت إحدى المشارِكات في هذه الدورات فقالت: إنه سحر حقيقي وطاقة أرضية منخفضة، تعتمد فقط على أجساد الناس وسرقة طاقتهم ووعيهم، عكس ما يروج له، وقالت: “بعد عام من الممارسة اكتشفت وتأكدت أنه حقّا سحر؛ لأن غاري دوغلاس قالها بصريح العبارة: إنه استمدها من الأرواح، والمدربات يخفون الأمر في البداية، وبعد المرور بعدة أقسام يفصحوا عن الأمر لكن بشكل متحفظ”([85]).

وتقول إحدى المتدربات من الجزائر: “كنت أدرس الطاقة، وكان عندي شغف كبير، وعند سماعي بدورة في هذا المجال أسجل نفسي، ووصل بي الأمر حتى للسفر إلى كندا لحضور دورات متقدمة من الأكسس؛ لأن هذه التقنية لم تكن قد دخلت الجزائر بعد، وكنت من المجموعة الأولى في الجزائر التي درست الأكسس، لكنني ندمت كثيرا على الوقت الذي ضاع والمال الذي أنفقته في دراسة هذه التقنية؛ لأنها سحر وشرك، والحمد لله الذي هداني إلى الطريق الصيح”. وأضافت: “مؤسس هذه التقنية (غاري دوغلاس) لا ينكر أبدا أنه عراف، ويتعامل مع الارواح، وأيضا أنه تلقى هذه التقنية من روح الساحر الروسي (غريغوري راسبوتين) ويقولها عادي في دوراته، لكن في الجزائر يحاولون إخفاء هذا لكي لا ينفر الناس”([86]).

وقى الله المسلمين شرَّ هذه المذاهب الهدامة والأفكار المنحرفة والدورات الفاسدة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) مقدمة ابن خلدون، ط: دار الفكر – بيروت (ص: 184).

([2]) ينظر:

https://www.youtube.com/watch?v=cr1Raz4JDI8

يحكون قصصًا أشبه ما تكون بالكرامات للحصول على هذه المبالغ، وما هي إلا تلبيس من الشيطان.

([3]) انظر: تلميع الذات، نجاح الظهار، جريدة المدينة المنورة، عدد (13950)، السنة السابعة والستون.

([4]) انظر: لسان العرب -ط: دار صادر- (13/ 363).

([5]) ينظر:

https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D9%83%D9%8A%D9%86%D9%88%D9%86%D8%A9/

([6]) ينظر:

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%D9%8A%D9%86%D9%88%D9%86%D8%A9

([7]) مصرية تعيش في فيينا، لها محاضرات كثيرة على اليوتيوب في التخاطب مع الكينونات والأكسس بارز.

([8]) ينظر:https://bit.ly/42l0VPL

 

([9]) ينظر:https://bit.ly/3NIqKEG

([10]) ينظر:https://bit.ly/3NIqKEG

([11]) ينظر:https://bit.ly/3NIqKEG

([12]) غاري دوغلاس (22 مايو 1942م)، كاتب أمريكي، مؤسس مدرسة الأكسس بارز وAccess Consciousness أثناء عام 1995م، في سانتا باربرا، كاليفورنيا. في ذلك الوقت كان دوغلاس يمارس التوجيه أو استحضار الأرواح أو الأفكار من كيانات روحية مختلفة. بدأ في تحضيره لراسبوتين عالم التنجيم الروسي. على الرغم من أن هذا يبدو غريبًا، إلا أن ابنة زوجة دوغلاس الثانية شانون أوهيرا صرّحت بإنها شهدت استحضار دوغلاس للأرواح حين كانت في الثانية عشرة من عمرها، وأن راسبوتين قد نقل لدوغلاس معلومات مسارات الوعي Access Bars والنقاط الـ 32 في الدماغ، وهذا ما سنبين بطلانه في هذه الورقة العلمية.

https://www.marefa.org/%D9%85%D8%AF%D9%88%D9%86%D8%A9:%D8%BA%D8%A7%D8%B1%D9%8A-%D9%85%D8%A7%D8%AC%D9%88%D8%B1-%D8%AF%D9%88%D8%BA%D9%84%D8%A7%D8%B3#cite-note-1

([13]) ينظر:

https://www.almrsal.com/post/1078696

([14]) ينظر:

https://broadcust.co.il/deal/display/215350?src=fb&dtype=10&utm-source=broadcust&utm-medium=50&utm-campaign=215350

([15]) السيَنتولوجيا وأحيانًا تترجم جزئيًا العِلمولوجيا هي: مجموعة من المعتقدات والممارسات الدينية التي تم إنشاؤها من قبل كاتب الخيال العلمي الأميركي رون هوبارد، الذي عاش في الفترة من عام 1911م حتى 1986م. تستند السينتولوجيا إلى فلسفة علمانية تأسست عام 1954م من قبل هوبارد، ثم أعاد صياغتها باعتبارها فلسفة دينية تطبيقية تقوم على الانغلاق والسرية وأساليب ليّ الذراع في التعامل مع المنتقدين.

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%AA%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A7

([16]) ينظر:

 

علوم الطاقة بين الحقيقة والدجل: “Access Consciousness “Bars

 

([17]) راسبوتين: كان يُعرف سابقًا باسم: “كاهن موسكو المجنون”، عالم التنجيم والصوفي الروسي، وهو عالم من علماء الدين في روسيا في القرن التاسع عشر، اشتهر بالسحر الأسود، حيث قيل: إنه كان يتمتع بجميع أنواع القوى الاستثنائية في حياته.

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%BA%D8%B1%D9%8A%D8%BA%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D9%88%D8%AA%D9%8A%D9%86

([18]) ينظر:

https://www.almrsal.com/post/1078696

([19]) ينظر:

 

علوم الطاقة بين الحقيقة والدجل: “Access Consciousness “Bars

 

([20]) ينظر:

https://www.youtube.com/watch?v=cr1Raz4JDI8

([21]) ينظر:https://bit.ly/3NIqKEG

([22]) ينظر:

https://www.youtube.com/watch?v=cr1Raz4JDI8

([23]) دكتاتورية المستنيرين.. روح الإنسانوية العابرة وأهدافها (ص: 39-41) بتصرف.

([24]) تكنولوجيا الغنوصية.. العالم والسحر والصوفية في العصر الرقمي (ص: 45).

([25]) فضائح الباطنية، الباب الثالث -ط: مؤسسة دار الكتب الثقافية، الكويت- (ص: 25-33).

([26]) ينظر:

https://www.youtube.com/watch?v=2kQl9oPQxj

([27]) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (2/ 836).

([28]) الأشباح ذلك العالم المجهول (ص: 47).

([29]) ينظر: الموسوعة الشاملة لمذاهب الروحية الحديثة وتحضير الأرواح، لعلي بن سعيد العبيدي -ط: كنوز إشبيليا- (1/ 367).

([30]) ينظر: الموسوعة الشاملة لمذاهب الروحية الحديثة وتحضير الأرواح (1/ 367).

([31]) ينظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (2/ 836).

([32]) ينظر:

ttps://ar.wikipedia.org/wiki/ %D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%B7%D8%A9-%D8%B1%D9%88%D8%AD%D9%8A%D8%A9

([33]) مجموع الفتاوى (4/ 230).

([34]) انظر هذه الروايات في: مسند أحمد (17850)، صحيح البخاري (3035)، صحيح مسلم (164).

([35]) فتح الباري (7/ 209).

([36]) ينظر: الروح عند أهل السنة والجماعة، على بن سعيد العبيدي -ط: الدرر السنية- (ص: 355-356).

([37]) مجموع الفتاوى (1/ 168).

([38]) جامع الرسائل والمسائل (1/ 195).

([39]) مجموع الفتاوى (35/ 115).

([40]) مجموع الفتاوى (13/ 84).

([41]) ينظر:

https://ar.wikipedia.org/wiki/ %D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%B7%D8%A9-%D8%B1%D9%88%D8%AD%D9%8A%D8%A9

([42]) انظر: الموسوعة الشاملة لمذاهب الروحية (1/ 3179).

([43]) رسائل الأرواح (ص: 117).

([44]) ينظر:https://bit.ly/3NIqKEG

([45]) ينظر:https://bit.ly/3NIqKEG

([46]) تفسير القرآن العظيم -ط: دار طيبة للنشر والتوزيع- (6/ 172).

([47]) صحيح البخاري، كتاب الأدب، بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلشَّيْءِ: لَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ يَنْوِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ (6213)، صحيح مسلم، كتاب السلام، بَابُ تَحْرِيمِ الْكَهَانَةِ وَإِتْيَانِ الْكُهَّانِ (2228).

([48]) رواه مسلم، كتاب المساجد، بَابُ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَنَسْخِ مَا كَانَ مِنْ إِبَاحَتِهِ (537).

([49]) رواه أحمد (9536)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3387).

([50]) انظر: الموسوعة الشاملة لمذاهب الروحية (1/ 604- 609)، وقد ذكر الكثير من الأمثلة التي يطول المقام بذكرها.

([51]) أنت تحيا بعد الموت (ص: 134).

([52]) انظر: الموسوعة الشاملة لمذاهب الروحية (1/ 610-626).

([53]) مجلة عالم الروح، سنة 1950م، عدد 7 (ص: 7).

([54]) المذاهب الفلسفية الإلحادية الروحية وتطبيقاتها المعاصرة، فوز كردي -ط: مركز التأصيل- (ص: 13).

([55]) انظر: الأثر الفارسي الهندي في التوراة (5/ 703)، الموسوعة الشاملة لمذاهب الروحية (2/ 632).

([56]) ينظر:

https://www.youtube.com/watch?v=2kQl9oPQxj

([57]) ينظر:https://bit.ly/3NIqKEG

([58]) ينظر:

https://www.youtube.com/watch?v=cr1Raz4JDI8

([59]) أيقظ قواك الخفية (ص: 8)

([60]) فكر في نفسك على أنك ناجح (ص: 28).

([61]) ما وراء التفكير الإيجابي (ص: 77).

([62]) تروي شيرين يعيش رحلتها مع ذلك الصوت الصادح بداخلها، والذي دفعها إلى تحدّي توقعات المجتمع، والخروج عن الدين والاعتقادات والسعي وراء شغفها، ذلك الصوت الذي تشير له شيرين باسم “الكينونة”. وتأخذ من مخيمات اللاجئين منطلقًا لفكرتها، وكيف أنها استطاعت أن تقنع الكثير منهم بالقدرة على الخروج من الواقع الذي تعيش فيه عن طريق التخاطب مع الكينونة، وتعرض أحيانًا بعض الصور تكون على صورة طلاسم أشبه ما تكون بطلاسم السحر. من محاضرة: ماذا تقول الكينونة؟ الدقيقة 14:

https://www.youtube.com/watch?v=lNbIXn7Ckvk

([63]) كتاب السر (ص: 17).

([64]) ينظر:

 

علوم الطاقة بين الحقيقة والدجل: “Access Consciousness “Bars

 

([65]) ينظر:

 

علوم الطاقة بين الحقيقة والدجل: “Access Consciousness “Bars

 

([66]) ينظر:https://bit.ly/3NIqKEG

([67]) ينظر:https://bit.ly/3p48kE1

([68]) ينظر:https://bit.ly/3p48kE1

([69]) الروحية الحديثة دعوة إلى الإيمان (ص: 122).

([70]) تحضير الأرواح وتسخير الجان (ص: 145). هكذا جاء النص باللهجة المصرية العامية.

([71]) الروحية في الميزان (ص: 112).

([72]) الموسوعة الشاملة لمذاهب الروحية الحديثة (1/ 330).

([73]) أصوات من الفضاء (ص: 160).

([74]) الإيمان والروح (ص: 198).

([75]) ينظر:

 

علوم الطاقة بين الحقيقة والدجل: “Access Consciousness “Bars

 

([76]) مجلة لواء الإسلام، سنة 1374هــ، عدد 9 (ص: 551).

([77]) ينظر:

https://www.facebook.com/ReikiFactss/posts/2719753554946765/

([78]) ينظر:

https://www.facebook.com/CosmicAcademy

([79]) حركة العصر الجديد (ص: 295).

([80]) مجموع الفتاوى (2/ 138).

([81]) ينظر:

https://slaati.com/2022/ 11/ 03/ p2150399.html

([82]) ينظر:

https://www.elbilad.net/info-divers/%D8%AD%D8%AA%D9%89-1

([83]) المرجع السابق.

([84]) المرجع السابق.

([85]) المرجع السابق.

([86]) المرجع السابق.

المرفقات

أضف تعليقا