تواصل معنا

هل كان علماء المسلمين ملحدين؟! (مقالة)

الوصف

مقالة


هل كان علماء الإسلام ملاحدة؟
يحاول الملحدون والنصارى والعلمانيون زرع روح الهزيمة النفسية في شباب الأمة. ومن وسائلهم تشويه تاريخنا عمدًا والافتراء على علماء المسلمين القدامى في عقيدتهم ودينهم ، وتصوير المسلمين كأنهم اليوم عالة على الأمم، في حين أن الصحيح هو العكس؛ فكل الأمم عالة على ما أخرجه المسلمون في عصرهم الذهبي.

والآن نأتي لأهم شبهاتهم وهي محاولة الطعن في علماء الأمة فيقولون :
1- أن معظم علماء الأمة لم يكونوا عربًا ؟
2- لم يكونوا من أهل السنة والجماعة بل وقد حكم بعض علماء الدين عليهم بالكفر أو الزندقة أو الإلحاد ؟
والجواب :
سنذكر أشهر الشخصيات التي يُزَوِّر تاريخها الملحدون على شبابنا ويقولون لهم أنهم كانوا ملحدين (بمعنى إنكار وجود الله)، في حين أنَّ أي زيارة حتى للويكيبديا عن أي عالم مسلم منهم ستنسف كل الأكاذيب ! فلا يوجد في تاريخ أمة الإسلام عالم مُلحد واحد!


الفارابي
وُلد سنة 260 هجرية ولُقِّب ب” المعلم الثاني ” نسبة للمعلم الأول أرسطو .. وهو شارح مؤلفات أرسطو المنطقية … وصاحب كتاب “الآثار العلوية” والمنافح عن عقيدة التوحيد .. والذي قضى عمره زاهدا متقشفا ليتفرغ لتأصيل فلسفة التوحيد، وواجب الوجود وحين مات صلَّى عليه سيف الدولة ابن حمدان .. يقول الفارابي ” معرفة الحقائق القصوى كلها مصدرها الله والفيلسوف يتلقى الحقائق بواسطة العقل الفعال فتكون طبيعتها عقليه وليس حسية، أما الرسول فتأتيه المعارف مُنَّزلة من عند الله بتوسط الملك جبريل "
ويضع الفارابي شرطا جوهريا في مدينته الفاضلة وهو الإيمان بالله الواحد الأحد لكل أبناء المدينة .. فكيف يُقال عن هذا أنه ملحد ؟..!!

ابن سينا
وُلد سنة 370 هجرية، وكان والده شيعياً إسماعيلياً .. ولُقِّب ب ” الشيخ الرئيس ” وعاش متفائلاً في جميع مراحل حياته وكان يعتقد أن العالم الذي نعيش فيه أحسن العوالم الممكنة وكان له تأثر شديد بالإسماعيلية في كتاباته ولذا يعتبره شيخ الإسلام -ابن تيمية- من الطائفة الإسماعيلية لا أكثر .
وكان ابن سينا يقول بالمعاد الروحاني لا الجسماني فقد كان متأثرا كثيرا بالفلسفة الباطنية عند الإسماعيلية لكن هذا شيء والإلحاد الذي هو كفر الصانع شيء آخر تماما .
بل إنه لما اعتل وتكاثرت عليه الأمراض في نهاية حياته اغتسل وتاب وتصدَّق بما لديه من مال للفقراء، وأعتق غلمانه طلبا للمغفرة، وبدأ يختم القرآن كل ثلاثة أيام .
المصدر :وفيات الأعيان .. لابن خلكان المجلد الثاني صفحة 157

ابن طفيل
وُلد سنة 493 هجرية في قرطبة، وهو من قبيلة مُضر العربية، وهو الفيزيائي الطبيب العالم الفيلسوف، قاضي الأندلس .. صاحب رواية “حي بن يقظان ” الشهيرة التي تروي قصة طفل نشأ في جزيرة نائية بحضرة الحيوانات فاهتدى بفطرته إلى الله وظل يتعبد له …وقصة “حي بن يقظان ” قصة فلسفية في غاية الرُقِّي الفكري تُصنَّف في باب الإلهيـات وإثبات الروح بالفطرة ..
فهل هذا يُقال عنه أنه ملحد ؟

ابن رشد
وُلد سنة 520 هجرية .. فيلسوف وفقيه وقاضي وفيزيائي وطبيب .. إمام أهل الأندلس المالكي، شيخ فلاسفة الإسلام .. قاضي أشبيلية .. صاحب كتاب ” فصل المقال فيما بين الحِكمة والشريعة من الاتصال” وهو الكتاب الذي يشرح الجمع بين العقل والنقل .. يقول ابن رشد “إنّ الحكمة هي صاحبة الشّريعة، والأخت الرّضيعة لها، وهما المصطحبتان بالطّبع، المتحابّتان بالجوهر والغريزة ” .. ويَعتبر ابن رشد أن الفلسفة هي ” النظر في الموجودات واعتبارها من جهة دلالتها على الصانع، أعني من جهة ما هي مصنوعات، فإن الموجودات إنما تدل على الصانع بمعرفة صنعتها وأنه كلما كانت المعرفة بصنعتها أتم، كانت المعرفة بالصانع أتم ”
المصدر :ابن رشد .. فصل المقال ص22
ثم يأتي ملحد رضيع معاصر ويُصنف ابن رشد في قائمة الملحدين عنده ..والله المستعان .!!

ابن الراوندي
من أكثر الشخصيات غُموضا في تاريخ أُمة الإسلام .. لا نعرف هل مات في الأربعين أم الثمانين انتقل بين الديانات ..
كان يهودياً وأسلم ليستعز بالدولة الإسلامية العباسية، ثم أصبح معتزليًا لأنهم الأقرب للخليفة، ثم هاجمهم، ثم التحق بالشيعة الباطنية، وألف كتاب في تأييد الشيعة مقابل 33 دينار، ثم أصبح سُنياً وألف كتاب في التوحيد انتصاراً للسُنة، ثم صار يهوديًا مرة أُخرى وألَّف كتاب البصيرة لنصرة اليهودية مقابل 400 درهم، ثم حاول الرد على اليهود فأسكته اليهود مقابل 100 درهم أُخرى .. ومِثل هذا عبء على اليهود واليهودية لا أكثر..!!
المصدر :يوسف زيدان أُستاذ الفلسفة ومدير مركز المخطوطات بمكتبة الاسكندرية

عبد الله ابن المقفع
وُلد سنة 142 هجرية .. فارسي زرادشتي اعتنق الإسلام .. واتصل بعم أبي العباس السفاح و أبي جعفر المنصور الخليفة العباسي، وكانت علاقاته السياسية سببا مباشرا في قتله وتلويث سمعته من قِبل حُساده بعد موته .. ولذا يقول وائل حافظ في تصديره لكتاب الأدب الصغير ” ابن المقفع كُتُبُهُ بين أيدينا تكاد تنطق قائلة : ((وايم الله ! إنَّّ صاحبي لبريء مما نُسب إليه)) !.وليت شعري كيف ساغ لفلان وفلان وفلان ممن ترجموا للرجل أن يجزموا بذلك، وكلهم قد صَفِرَت يَدُهُ من البرهان؟ إنْ هي إلا تهمة تناقلوها بدون بيان. وقِدْمًا اتهموا أبا العلاء المعري بذلك حتى قيض الله له مِن جهابذة المتأخرين مَن أثبت بالدليل الساطع والبرهان القاطع براءته. ”
ولذا يقول د. عبد الرحمن بدوي ” ابن المقفع نَسبت إليه المعتزلة الكثير من الأقوال وهذا يرجع إلى الحسد ”
المصدر :من تاريخ الإلحاد في الإسلام .. د.عبد الرحمن بدوي

ابن زكريا الرازي
وُلد سنة 250 هجرية .. عالم وطبيب فارسي ومن أشهر الأطباء في التاريخ .. وقد ابتكر خيوط الجراحة وصنع المراهم ..
لم ينكر وجود الله وكان يعتبر العقل هبة الله ليتفكر به الإنسان .. وهو صاحب كتاب “إن للعبد خالقاً “.. فكيف يُصنف في زمرة الملحدين .؟
أما ما نُسِّب إليه في النبوات فيقول د. عبد الرحمن بدوي ” ابن زكريا الرازي كل ما لدينا عنه يرجع إلى ما يُورده الخصوم فضلا عن ندرة هذه الآثار أصلا ”
المصدر :من تاريخ الإلحاد في الإسلام .. د.عبد الرحمن بدوي .. ص165
ولذا يُثني عليه الإمام الذهبي في سِير أعلام النُبلاء ولم ينقل فيه مذمَّة واحدة يقول الذهبي ” أبو بكر ، محمد بن زكريا الرازي الطبيب ، صاحب التصانيف ، من أذكياء أهل زمانه ، وكان كثير الأسفار ، وافر الحرمة ، صاحب مروءة وإيثار ورأفة بالمرضى ، وكان واسع المعرفة ، مكبا على الاشتغال ، مليح التأليف .. وله كتاب : الحاوي ثلاثون مجلدا في الطب ، وكتاب : إن للعبد خالقا ” !!
المصدر :سير أعلام النبلاء للذهبي : الطبقة السابعة عشر : محمد بن زكريا

جابر ابن حيان
وُلد سنة 101 هجرية .. عالم مسلم عربي .. كيميائي ويُعد أول من استخدم الكيمياء عمليا في التاريخ .. وتُسمى بإسمه فيقال ” علم جابر ” ويُقصد به الكيمياء، وله في الكيمياء ما لأرسطو في المنطق.
ويوصف طبقا لفرانسيس بيكون أنه ” أول من عَلَّم عِلم الكيمياء “..
وهو أول من أكتشف الأحماض والقلويات وأطلق عليها هذا الإسم الذي ما زالت تعرف به في الغرب والشرق alkali
واستخدم المنهج التجريبي في أبحاثه .. وكان من أصحاب جعفر الصادق .. وكان صوفيا دراسا للقرآن الكريم .. !!
ولا أدري ما علاقة الرجل بالإلحاد ..!!

الجاحظ
وُلد سنة 159 هجرية .. من كبار أئمة الأدب العربي في العصر العباسي .. وكان فقيرا فصار يبيع السمك والخبز في النهار، ويكتري دكاكين الورّاقين في الليل، فكان يقرأ منها ما يستطيع قراءته… !!
تتلمذ على يد إبراهيم بن سيار النظَّام المعتزلي .. وله مقالات في أصول الدين ..وأشهر مؤلفاته ” الحيوان ” و” البيان والتبيين ” وكان مُحبَّا للعلم والعلماء والأئمة وملازما لهم طيلة عمره …
ومن مؤلفاته في العقيدة ” الحُجة في ثبت النبوة ، و ” الرد على اليهود “، و “الرد على الجهمية ”
وما أدري كيف يوصف الرجل بالإلحاد …؟ !!

أبو العلاء المعري
وُلد سنة 363 هجرية .. شاعر وأديب عربي من العصر العباسي .. قال ابن فضل العمري: “أخذ عنه خلق لا يعلمهم إلا الله،كلهم قضاة وخطباء وأهل تبحر واستفادوا منه، ولم يَذكره أحد منهم بطعن، ولم يُنسب حديثه إلى ضعف أو وهن”.
آمن المعري بالله إيمانًا فطريًا وعقليًا يجعله لا يرتاب في وجود الخالق:
أثبت لي خالقًا حكيمًا … ولست من معشر نُفَاة
بل إن صِلته بربه قوية وأعز عنده من الدر والياقوت:
وشاهدٌ خالقي أن الصلاة له … أجل عنديَ من دري وياقوتي
انقطع عن الدنيا وفارق لذائذها، وأطلق على نفسه رهين المحبسين، وكان يصوم النهار ويسرد الصيام سردًا لا يفطر إلا العيدين، ويقيم الليل ولا يأكل اللحوم والبيض والألبان ولايتزوج، وكان يكتفي بما يخرج من الأرض من بقل وفاكهة .
اتُهم بالزندقة بسبب رسالته في الغفران لكنها رسالة مزح كان يمازح فيها صديقه ابن القارح، وتظهر فيها مقدرة المعري اللغوية كما تبدو فيها مقدرته على السخرية والنقد ..!!
ولكنه وَجد من يدافع عنه نافيًا هذه التهمة. ومن هؤلاء أبو فهر محمود شاكر والمُحدث أحمد شاكر والقفطي وابن العديم، وسَمَّى الأخير كتابه:” كتاب الإنصاف والتحري في دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري “وقال في مقدمته متحدثًا عن حُسَّاده وشانئيه: ” ومنهم من حمل كلامه على غير المعنى الذي قصده فجعلوا محاسنه عيوبًا وحسناته ذنوبًا وعقله حمقًا وزهده فِسقًا، ورشقوه بأليم السِهام “.
ومِن أحسن الشهادات في حقه شهادة الإمام الذهبي حين قال في سير أعلام النُبلاء “وفي الجملة فكان من أهل الفضل الوافر والأدب الباهر والمعرفة بالنَسَّب وأيام العرب. وله في التوحيد وإثبات النبوة وما يحض على الزهد وإحياء طرق الفتوة والمروءة، شِعر كثير والمشكل منه فله ـ على زعمه ـ تفسير”.

الكِندي
وُلد سنة 185 هجرية .. عالم مسلم عربي .. برع في الفيزياء والطب والترجمة وهو رائد تحليل الشفرات .. ويلقب ب “فيلسوف العرب” نظرا لبراعته في التوفيق بين الفلسفة والعلوم الإسلامية .. وفلسفته كانت في إثبات توحيد الله وفي الروح ويرى أن النبوة تفضل الفلسفة في أربعة أوجه :” في شموليتها وأنها من الله مباشرة وسهولة تلقيها من الله وسرعة تلقينها للناس العاديين بعكس الفلسفة الأكثر تعقيدا. “..
فكيف يقال عن هذا أنه مُلحد ؟

أبو حيان التوحيدي
وُلد سنة 310 هجرية .. فيلسوف متصوف .. قال عنه تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية الكبرى “شيخ الصوفية وصاحب كتاب البصائر وغيره من المصنفات في علم التصوف… .وكان فقيرًا  صابرًا متدينًا إلى أن قال: وكان صحيح العقيدة قال الذهبي: كذا قال، بل كان عدوًا لله خبيثا, وهذه مبالغة عظيمة من الذهبي ” انتهى.
قال ياقوت الحموي في معجم الأدباء “أبو حيان التوحيدي… صوفي السمت والهيئة..فرد الدنيا الذي لا نظير له ذكاء وفطنة، وفصاحة ومكنة، كثير التحصيل للعلوم في كل فن حفظه، واسع الدراية والرواية، وكان مع ذلك محدوداً محارفاً يشتكي صرف زمانه، ويبكي في تصانيفه على حرمانه…”
المصدر : ياقوت الحموي، معجم الأدباء، الجزء الخامس عشر، حرف العين
وبعد هذه القائمة نقول :
أن أية حضارة لا تقاس بأفرادها وإنما بدستور الدولة الذي يديرها ويكفل لأفراده التقدم والإبداع بغير خوف أو تقطير – والدليل أننا لم نرى للأمم التي جاورت أمة الإسلام مثل نبوغ الحضارة الإسلامية لو كانت المسألة في العلماء !! فلماذا لم ينبغ علما منهم كما نبغوا تحت راية الإسلام ؟!
فأمريكا مثلا اليوم يُشار إليها كقبلة للتقدم والرقي العلمي – في حين أن أغلب الموجودين بها وبجامعاتها هم علماء من شتى دول العالم (سواء احتفظوا بجنسياتهم أم تم إعطائهم الجنسية الأمريكية) مع تنوع كبير في التوجهات العقدية !! وكل ذلك لم يُقلل من شأن وصفها في شيء
وإنما نجد المادح لها يمدحها على أنها : ((تنفق)) على الأبحاث العلمية حتى تبلغ ميزانية بعض جامعاتها ما يوازي ميزانية دول أخرى بأكملها !! وهذا بالضبط ما كانت تفعله الحضارة الإسلامية !!
فهي تملك دستورا (قرآنا وسنة) يحثان على العلم والتدبر والنظر في ملكوت الله ونفع الناس والعمل على النظافة والقوة وضبط الوقت ومواقيت العبادات فلكيا وزمانيا وجغرافيا إلخ : وبما لم يوجد في أي حضارة أو ديانة في أي أمة من قبل وباعتراف كل المفكرين والمستشرقين المحايدين والمنصفين.
ومن هنا نعلم أنه كما أن الإسلام لم يفرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى : فإنه كحضارة أيضا لا ينبغي أن يتم نسبتها إلى العرب فقط أو علماء المسلمين من الفرس فقط، أو أفريقيا فقط إلخ ، فالكل قد ناله من تشجيع الدين له على الإبداع والاختراع والاكتشاف بلا خوف طالما كان في أمور الدنيا ولم يبتدع في الدين أقوالا باطلة.
وهنا ملحوظة هامة قد لا يعرفها الكثيرون للأسف وهي : أن العرب من أمة الإسلام (وإلى اليوم) لا يمثلون سوى 20 % فقط من الإسلام (أي الخُمْس تقريبًا) !! فنحن أمة عظيمة جمعت الشرق والغرب تحت لواء الفطرة والدين القويم والتوحيد.
بل وأشهر علماء الدين واللغة العربية نفسها لم يكونوا من الجزيرة العربية – ولكم أن تتخيلوا ذلك !! – مثل البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم الكثير جدا جدا !!
ورغم ذلك :
فعلماء العرب أيضا كثيرون وليسوا قلة كما يحاولون إيهام المسلمين والشباب والضحك عليهم .

2- وأما قولهم أن أغلب العلماء لم يكونوا على منهج أهل السنة والجماعة – وأيضا أنه تم الحكم بتكفير أو زندقة أو إلحاد أغلب أولئك العلماء
فالجواب – وبجانب القائمة السابقة الدالة على كذبهم – :
فإن استخدام كلمات مثل (أكثر) و (أغلب) هي من الكذب والتدليس البارد – وذلك لأن أصحاب هذه الشبهات لمحاولة تشويه حضارتنا، لا ينتقون إلا قلة قليلة من العلماء الذين بالفعل كانوا شيعة مثلا أو عملوا في بلاط بعض سلاطين الرافضة أو الباطنية وهم ليسوا على نفس باطلهم بالضرورة – أو ممن كان لهم كُتُب في فلسفات خالفت أُسُسًا من الإسلام (مثل الفارابي وابن سينا وابن رشد الحفيد) ولا يذكرون أسماء العلماء الذين لم يكونوا كذلك، حتى لا تنكشف لعبتهم وشبهتهم !!
فاختيار أصحاب الشبهة لأولئك (القلة القليلة) بعناية : يدل على (انتقائيتهم) وعدم حياديتهم وإلا : فأغلب العلماء في التخصصات الدنيوية والطبيعية كانوا مسلمين عاديين لهم صواب أو خطأ، مثلهم مثل أي مسلم – لأنه ليس بالضرورة كل عالم دنيا هو متخصص في الدين . أيضا التلاعب بوصف الإلحاد من ملحدي اليوم ،حيث أن معنى الإلحاد كما في القرآن هو (الميل عن الشيء) ومنه دفن الميت في اللحد في جانب القبر ولذلك كان كل من يخالف ضروريات في الإسلام : كان يَصِفَه علماء الدين بأنه ألحد في الدين أي : مال عن الأصل – وليس معناه أنه (أنكر) وجود الله كما يحب الملحدون أن يُظْهروا ذلك ويضحكوا به على الشباب والدليل : أننا نتحداهم أن يأتوننا بعالم مسلم واحد من المشاهير وهو ينكر وجود الله !!!
أيضا الوصف بالزندقة أو مجمل الكفر (كفر الفعل أو القول نفسه بغير إقامة الحجة على صاحبه) لا يُعَدُّ تكفيرًا على الدوام إلا بقرينة. ولم يُستخدم مثل تلك الأوصاف (الكفر والزندقة والإلحاد) إلا مع الذين أنكروا معلومًا من الدين بالضرورة رغم إيمانهم بالله – مثل مَن أنكر البعث أو بعث الأرواح دون الأجساد أو أنكر النبوات أو تَحَدَّث في ذات الله بما لم يأتنا بوحي، وبما لا يدركه عقل، ولم يطالبنا به الدين.
وهكذا كان علماء الدين يقومون بتنقية أي ميل عن الدين – مثلا خَلْط الكيمياء بالخيمياء وعلوم السحر، فهذه زندقة – وكذلك خَلْط المنطق وقواعد التفكير الصحيح بالفلسفات الباطلة وسفسفطاتها،وأيضا خَلْط الفلك بالتنجيم ونحوه.
فكان علماء الإسلام يذمون الباطل ويشجعون الحق. وأما أصحاب الشبهات فينقلون للشباب المسلم فقرات من كلام العلماء وهم يذمون الباطل : ويروجونها على أنهم كانوا يرفضون العلم بأكمله وهذا من التدليس والغش. وأخيرا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بحكم مجمل واضح :
” والذي نختاره ألا نكفر أحدا من أهل القبلة ”
المصدر :
من كتابه درء تعارض العقل والنقل 1/ 95
وفي بقية كلمه هناك كلام مفيد في إعذار كل مسلم حسب اجتهاده فيما لم يرد فيه نصوص صريحة.

نقلًا عن صفحة ( الباحثون المسلمون )

المرفقات

التصنيفات العلمية

أضف تعليقا