مقالة
من مساهمات العلماء المسلمين للبشرية
الإدريسي
( 1160-1099م) هو أبو عبد الله محمد بن محمد الإدريسي الهاشمي القرشي يعود نسبه إلى سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، والإدريسي عالم مسلم من أكبر علماء الجغرافيا في التاريخ، ولد الإدريسي في مدينة سبته في المغرب ، وكان الإدريسي رحالة يحب زيارة البلدان الجديدة، فزار الحجاز، مصر، القسطنطينية كما وصل إلى سواحل إنجلترا وفرنسا وقام بزيارة أماكن عديدة بقارة آسيا، عاش الإدريسي فترة ليست بقليلة في جزيرة صقلية حيث حل ضيفًا على ملكها روجر الثاني.
كان الإدريسي على الرغم من كثرة ترحاله وتنقله عاشقًا لبلدته الأصلية مدينة “سبتة”، ويظهر ذلك في الشعر الذي كتبه الإدريسي للمدينة أثناء فترة غربته يقول فيها
ليـت شعــري أيـن قبـري ضــاع في الغربة عمـري
لم أدع للعين ما تشتــــــــــاق فـــي بـــر وبـــحـر
تنقله وإنجازاته: بعد أن سقطت الدولة الإسلامية وقع إختيار الإدريسي على جزيرة صقلية للعيش بها والتي كان يحكمها الملك روجر الثاني الذي كان معروف عنه حُبه للعلم والمعرفة، فكان من البديهي أن يُحسن استقبال الإدريسي ويكرم ضيافته، حاول إدريسي أن يشرح للملك أولى نظرياته وكانت بخصوص موقع الأرض بالنسبة للفضاء الخارجي.
أتى الإدريسي ببيضة في مُحاولة لتبسيط المعلومة فالبيضة تنقسم إلى صفار وبياض، الصفار يمثل كوكب الأرض أما البياض فيمثل الفضاء الخارجي الذي تسبح فيه الأرض وتحلق.
أول خريطة دقيقة في التاريخ: كان الإدريسي يعتقد أنه سوف يتمكن من تجسيد أول خريطة تتميز بالدقة على كرة من معدن الفضة، وكان يُطلق على هذا العمل اسم (لوحة الترسيم) وحينما قام بطرح هذا الأمر على الملك روجر الثاني أبدى تشجعيا وتحمسا وأرسل في تسهيل الإمكانيات التي يحتاجها الإدريسي لإتمام عمله.
استخدم الإدريسي في رسم المواقع على (لوحة الترسيم) الوصف الدقيق من أصحاب الامكان للمناطق التي يعيشون فيها، وبرغم ذلك خرجت نتائج خريطة الإدريسي شديدة الدقة وهذا يعد سببا من أسباب عبقريته، حيث أن رسمه لدولة السودان حاليا على سبيل المثال شديد الشبه بشكل السودان على خريطة اليوم، رغم أنه كان يعتمد فقط على القصص والكلمات التي كان يسمعها من هنا وهناك.
كانت خطوط الطول ودوائر العرض قد اكتشفت واستخدمت من قبل الإدريسي، ولكن الإدريسي قام بتوظيف تلك الخطوط لمعرفة المُناخ وقام باستخدامها ليشرح الفروق المختلفة بين الدول في حالة الطقس والمناخ خلال فصول العام المناخية.
كما استطاع الإدريسي أن يميز موقع مصر تماما على الخريطة وحددها بنهر النيل، وقام أيضا بتحديد الفروع التي تمد نهر النيل بالمياه كالنيل الأبيض والأسود في السودان هادما نظرية بطليموس التي تقول بأن مصدر مياه النيل هو تلة في القمر!
مساعدات روجر الثاني للإدريسي : بعد وفاة ملك صقلية روجر الثاني تعرضت تلك الكرة التي قام الإدريسي بصناعتها تحت إشراف الملك إلى التدمير أثناء إحدى الغارات التي تم شنها على جزيرة صقلية من قبل النورمان المسيحين، وعلى الرغم من خروج تلك الجزيرة من حكم المسلمين إلا أنهم ظلوا الغالبية العظمى من التعداد السكاني للجزيرة، وكان الادريسي شديد الرعاية والاهتمام بهم كما كان يفعل تماما الملك (روجر الثاني) الذي قدم كل الدعم للإدريسي.
ويقول المؤرخ صلاح الدين الصفدي وهو يترجم كتاب الأدريسي عن الملك روجر الثاني (وهو الذي استقدم الشريف الإدريسي صاحب كتاب “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق” ليصنع له شيئا في شكل صورة العالم).
أبرز مؤلفاته: للإدريسي العديد من المؤلفات الهامة وأشهرها على الإطلاق هو كتاب “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق”، وهو كتاب يصف فيه عددا هائلا من البلدان التي قام بزيارتها، كما أرفق فيه أول خريطة مرسومة بدقة عرفها التاريخ، كما للإدريسي عددًا آخر من المؤلفات ككتاب (الممالك والمسالك)، الجامع لصفات أشتات النبات بالإضافة إلى كتاب أُنس المُهَج وروض الفرج، وجميعها تعد مراجع علمية هامة فتحت الطريق للكثير من الفروع في علم الجغرافيا.
وفاته وتكريمه: بعد أن عاش حياته في جنبات جزيرة صقلية، وعلى الرغم من حبه الشديد لمدينتة سبته بالمغرب العربي، إلا أن الإدريسي توفى في جزيرة صقلية بالنهاية ودفن فيها وكان ذلك في عام 560 هجريًا، 1166 ميلاديا.
وتكريما له أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا اسمه على الحافة الجبلية لمنطقة سبوتنيك بلانوم في كوكب بلوتو، اسم سلاسل الادريسي الجبلية بشكل غير رسمي.