تأليف
الوصف
مقالة
الجواب التفصيلي
الحمد لله،
الشريعة
هي دين الإسلام الذي يشمل تنظيم علاقة العبد بربه وبنفسه وبالآخرين.
وقول السائل: إذا أراد المسلمون العيش تحت هذا النظام فلماذا لا يعيشون في دولة مسلمة؟
سؤال غريب، فالمسلمون يعيشون في الدول المسلمة، ومن يسلم منهم وهو في دولة غير مسلمة فإن كان لا يمكنه تطبيق الشريعة في نفسه فعليه أن ينتقل إلى الدولة التي يتمكن فيها من العمل بالإسلام.
وتطبيق الشرع يكون في أمرين:
الأول:
تطبيق الأفراد المسلمين للشريعة، بامتثال أحكامها في أنفسهم، فيؤدي العبادات المطلوبة منه، كالصلاة والزكاة والصيام، ويجتنب المحرمات، كأكل الخنزير وشرب الخمر، ويتخلق بآداب الإسلام، وهذا يفعله كل مسلم في أي مكان، فالمحرمات يجتنبها مطلقًا إلا عند الضرورة، والواجبات يفعلها بحسب الاستطاعة.
والثاني:
تطبيق أحكام الشرع العامة، كإقامة الحدود وجهاد الكفار وجباية الزكوات وتوزيعها، فهذه مخاطب بها السلطان المسلم، وليس الأفرادُ مطالبين بإقامتها في الأقليات التي يعيشون فيها، هذا ومن المعلوم أن الهجرة واجبة لمن لا يستطيع إظهار دينه في بلاد الكفار،
قال تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا}
[النساء: 97 - 99]،
ومطالبة السائل بانتقال المسلمين إلى دولة إسلامية فيه مناقشة من وجهين:
الأول:
لماذا يختص هذا بالمسلمين، فهناك ديانات كثيرة في دول كثيرة، فهل يريد أن ينتقل الكفار أيضًا إلى بلادهم؟ والكفار الذين في الدول الإسلامية يتم طردهم إلى دولهم أيضًا؟ وما الفائدة من ذلك، وهل بيده من القرارات العامة شيء؟
الثاني:
أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، ففي كل زمانٍ مَن كان على الدين الحق الذي يرتضيه الله تعالى فهو الأحق بأيِّ بقعةٍ في الأرض من غيره، ويسمى غزوه جهادًا وتمكُّنه من أرضٍ فتحًا، ومن لم يكن بتلك الصفة يسمى غزوه اعتداءً وتمكنه احتلالًا واستيلاءً،
قال الله تعالى:
{إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين}
[الأعراف: 128]،
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«نقركم بها على ذلك ما شئنا»
رواه البخاري (2335) ومسلم (1551)،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.