تواصل معنا

ما معنى الجهاد؟ (مقالة)

الوصف

مقالة

الجواب التفصيلي

مصطلح "الجهاد" مصطلح يساء فهمه في كثير من الأحيان ويرتبط بالمتشددين المتطرفين. تُترجم هذه الكلمة العربية كثيرًا على أنها "حرب مقدسة"، رغم أنه لا يوجد شيء من هذا القبيل في الإسلام. الحرب المقدسة هي حرب تُشن لإخضاع الآخرين بالقوة لبعض العقائد الدينية. وكما رأينا، هذا مُحرّم صراحةً في الإسلام.

تعني كلمة "جهاد" 

في الواقع صراعًا أو كفاحًا، وتنطبق على أي جهد كبير على المستوى الشخصي والاجتماعي. كالكفاح لفعل الخير وإزالة الظلم والشر من النفس ومن المجتمع. وقد يكون هذا الكفاح أو الجهد المبذول جهدًا روحيًا أو اجتماعيًا أو اقتصاديًا أوسياسيًا.

 

 فعلى سبيل المثال، من أعلى مستويات الجهاد قول كلمة حق عند سلطان جائر، وكبح النفس عن ارتكاب الظلم. إنه مفهوم إسلامي واسع يتضمن معارضة ميول الشر داخل النفس، ومقاومة الظلم بالوسائل السلمية، وبذل الجهود لتحسين نوعية الحياة في المجتمع، وكذلك كفاح القوات العسكرية في ساحة معركة دفاعًا عن المجتمع أو عن الشعوب المضطهدة. الجهاد ليس مرادفًا للحرب، لأن ذلك ليس سوى جانب واحد محتمل من المصطلح، وهو بالتأكيد لا يشمل الإرهاب.

في الواقع، مفهوم الجهاد هو مفهوم الحياة، وهو مفهوم واسع، ولا يقتصر فقط على النزاع المسلح. إذ يجد المرء في القرآن - ذِكْر (الجهاد بالقرآن)،.

ويشمل الجهاد حماية المجتمعات من الاضطهاد والهيمنة الأجنبية والديكتاتوريات التي تغتصب الحقوق والحريات، وتلغي الحكم العادل والأخلاقي، وتمنع الناس من سماع الحقيقة واتباعها، وتمارس الاضطهاد الديني. ويسعى الجهاد إلى تعليم الإيمان بالله تعالى وعبادته، ونشر القيم والفضيلة والأخلاق بالأساليب الحكيمة والسليمة. الجهاد يعني الكفاح من أجل الإصلاح الاجتماعي والقضاء على الجهل والخرافات والفقر والمرض والتمييز العنصري. ومن بين أهدافه الرئيسية تأمين

 

حقوق الضعفاء من بطش الأقوياء والمؤثرين.

الجهاد المسلح ليس خيارًا لفرادى المسلمين أو لجماعاتهم، إذ لا يمكن إعلانه إلا من قبل رئيس الدولة المسلم والقيادة الدينية. كما يحرم القتال من أجل المكاسب الدنيوية أو الغزو أو الانتقام. فلا يجوز للمسلمين القتال إلا لحماية أرواح الناس وممتلكاتهم وحريتهم.

 

الإسلام والحرب

على الرغم من أن الجهاد مفهوم أوسع من الحرب، إلا أنه من الواضح أيضًا أن الإسلام يقر بضرورة الكفاح المسلح عندما لا يوجد خيار آخر لحل مثل هذه المشكلات كالقمع والعدوان والدفاع عن الحريات والحقوق المشروعة. والغرض منه ليس تحويل الناس إلى الدين، ولا هو استعمار ولا استيلاء على الأرض والثروة. فعندما يسمح الإسلام بالقتال، فهو جزء لا يتجزأ من نظام كامل للقيم الملازمة للدين، والذي يمكن لأي شخص منصف أن يدرك المنطق والحكمة من ورائه.

لا تصبح الحرب جهادًا إلا عندما يتم شنها بحسب لقوانين الله ووفقًا لما يرضاه. فحتى الدفاع عن النفس لن يُعتبر جهادًا إذا كان المسلمون يريدون الانتقام. وفي حين أن الإسلام يشجع المضطهدين على الكفاح من أجل التحرر، ويأمر المسلمين بمساعدة من يتعرضون للقمع، فإنه لا يسمح تحت أي ظرف من الظروف بالقتل العشوائي والإرهاب أو تدمير المنازل والحيوانات والمحاصيل أو تعذيب السجناء.

فللجهاد شروط لضبط النفس، تميزه عن أي نوع آخر من الحروب. ويمكن تلخيصها على النحو التالي:

  • يجب ألا يبدأ المسلمون بممارسة الأعمال العدائية، إذ يجب عليهم السعي بأقصى استطاعتهم لتحقيق السلام.
  • ·       يجب الالتزام بجميع المعاهدات والاتفاقيات طالما استمر العدو في الالتزام بها.
  • ·       يجب ألا يقاتل المسلمون إلا أولئك الذين يقاتلونهم، وألا يتعرضوا لغير المحاربين بأذى.
  • ·       يحرم تمامًا استخدام أسلحة الدمار الشامل والعقاب الجماعي.
  • ·       يجب إنهاء القتال بمجرد ميل العدو نحو إجراء محادثات السلام.

دخل المسلمون عبر تاريخهم في معارك وصراعات مسلحة بموجب هذه الشروط. وإذا كان الوضع مختلفًا اليوم، فإنما يرجع ذلك إلى عدم مراعاة هذه المبادئ الإسلامية.

عندما تفشل كل الوسائل السلمية مثل الحوار والمفاوضات والاتفاقيات، وتختار الحكومة الإسلامية خيار الحرب، يجب أن يظل ذلك في إطار النظام الإلهي الدقيق والعادل والذي يعلم الأخلاقيات الصحيحة في حالة الحرب ويوفر الفرصة للسلام. وإن الشروط التي تشير إلى نوعية الحرب الشرعية للمسلمين كشكل من أشكال الجهاد تُظهر بوضوح أن الإسلام لا يتغاضى عن أي عدوان ضد أي شخص.

المرفقات

أضف تعليقا