تأليف
الوصف
مقالة
الجواب التفصيلي
إن هذه الشبهةَ يُثيرُها العَلْمانيُّون والحَداثيُّون؛ بقصدِ ردِّ قولِ أهلِ الشريعةِ والفقهِ بوجوبِ الحجابِ على المرأة؛ لئلا يفتتِنَ بها الرجالُ.
والجوابُ عن هذه الشبهةِ مِن وجوه:
1- الأمرُ بالحجابِ أمرٌ مِن اللهِ تعالى، وليس مِن اجتهاداتِ الفقهاء:
فالأمرُ بالحجابِ ليس قولًا قال به الفقهاءُ مِن بابِ المصلحةِ والسياسة؛ حتى يُعترَضَ عليهم بقصورِ نظرِهم، وعدمِ قيامِهم بسياسةٍ عادلة، وقياسٍ صحيح، وإنما هو تشريعٌ نَصَّ عليه القرآنُ، وبعبارةِ بعضِ أهلِ العِلمِ نقولُ: «الحجابُ مِن الشرعِ المنزَّل، لا مِن الشرعِ المؤوَّل»، والشرعُ المنزَّلُ ملزِمٌ لكافَّةِ الخلائق، في جميعِ الأعصارِ والأمصار.
على أن أهلَ الفقهِ يذكُرون مِن الفروعِ الفقهيَّةِ ما يُفيدُ في سَدِّ ذريعةِ الفسادِ في بابِ فتنةِ النساءِ بالرجال، ولا يقصُرون الحديثَ على فتنةِ الرجالِ بالنساء:
فمِن ذلك: أن بعضَ الفقهاءِ نصُّوا في مسائلِ الحِسْبةِ على أنه: «مهما كان الواعظُ شابًّا متزيِّنًا للنساءِ في ثيابِهِ وهيئتِهِ، كثيرَ الأشعارِ والإشاراتِ والحرَكاتِ، وقد حضَرَ مَجلِسَهُ النساءُ -: فهذا منكَرٌ يجبُ المنعُ منه؛ فإن الفسادَ فيه أكثرُ مِن الصلاح؛ ويتبيَّنُ ذلك منه بقرائنِ أحوالِه، بل لا ينبغي أن يُسلَّمَ الوعظُ إلا لمَن ظاهِرُهُ الورَعُ، وهيئتُهُ السكينةُ والوَقارُ، وزِيُّهُ زِيُّ الصالِحين، وإلا فلا يزدادُ الناسُ به إلا تمادِيًا في الضلال».
فالشريعةُ أتت في مسألةِ العَلاقةِ بين الجنسَيْنِ بما فيه حَسْمُ مادَّةِ الفساد، وسدُّ بابِ الفتنة؛ سواءٌ كان السببُ فيها الرجُلَ أو المرأة.
2- المرأةُ تحتاجُ مِن الحفظِ والصيانةِ ما لا يحتاجُ إليه الرجُل:
وهذا أمرٌ يُعرَفُ بالتجرِبةِ: أن الأنثى تحتاجُ مِن الحفظِ والصيانةِ إلى ما لا يحتاجُ إليه الذَّكَر، وكلُّ ما كان أسترَ لها وأصوَنَ، كان أصلَحَ لها.
ولهذا كان لباسُها المشروعُ لباسًا لِمَا يستُرُها، ولعَنَ النبيُّ ﷺ مَن يَلبَسُ منهنَّ لباسَ الرجال، وقال لأمِّ سلَمةَ في عصابتِها:
«لَيَّةً لا لَيَّتَيْنِ»؛
رواه أحمد (26522)، وأبو داودَ (4115)، وروى مسلمٌ (2128)، وأحمدُ (9680)
، واللفظُ له؛ مِن حديثِ أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ ﷺ:
«صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمْ بَعْدُ: نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ، عَلَى رُؤُوسِهِنَّ أَمْثَالُ أَسْنِمَةِ الْإِبِلِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَرِجَالٌ مَعَهُمْ أَسْيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ، يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ».
وأيضًا: فقد أُمِرَتِ المرأةُ في الصلاةِ أن تتجمَّعَ، ولا تجافِيَ بين أعضائِها، وفي الإحرامِ: ألا تَرفَعَ صوتَها إلا بقدرِ ما تُسمِعُ رفيقتَها، وألا تَرْقى فوق الصَّفا والمَرْوة؛ كلُّ ذلك لتحقيقِ سَتْرِها وصيانتِها، ونُهِيَتْ أن تسافِرَ إلا مع زوجٍ أو ذي مَحرَمٍ؛ لحاجتِها في حفظِها إلى الرجالِ مع كِبَرِها ومعرفتِها؛ فكيف إذا كانت صغيرةً مميِّزةً، وقد بلَغتْ سِنَّ ثَوَرانِ الشَّهْوةِ فيها، وهي قابلةٌ للانخداع؟! فإن مِن الواجبِ صيانتَها وسَتْرَها، وقد جاء عن عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رضيَ اللهُ عنه؛ أنه قال:
«النِّسَاءُ لَحْمٌ عَلَى وَضَمٍ إِلَّا مَا ذُبَّ عَنْهُ»؛
رواه أبو عُبَيدٍ في «غريبِ الحديث» (4/ 248)
، ومعنى ذلك: أنهُنَّ في الضعفِ مِثلُ ذلك اللحمِ الذي لا يمتنِعُ مِن أحدٍ إلا أن يُذَبَّ عنه.
3- بيانُ حكمةِ التشريعِ في أمرِ النساءِ بإخفاءِ الزِّينة، بعد أمرِهنَّ وأمرِ الرجالِ بغضِّ الأبصار:
فإذا سلَّمْنا بأن الحجابَ للمرأةِ أمرٌ قطعيٌّ مِن محكَماتِ الدِّين، فلا بأسَ بعد التسليمِ والانقيادِ مِن الاجتهادِ في التفتيشِ عن الحكمةِ مِن هذا التشريع.
فمِن المعلومِ مِن حالِ الرجالِ في الظاهرِ والغالبِ: أنهم أسرَعُ مِن النساءِ إلى رميِ سهامِ النظر.
وكثيرًا ما نَرَى الرجالَ الغافِلين يتربَّصون في الطرُقات، ولا تكادُ رقابُهم تكُفُّ عن الالتفاتِ مِن يمينِ الطريقِ إلى يسارِه، حتى إذا أقبَلَت متبرِّجةٌ، أرسَلوا أنظارَهم ليستقبِلوها مِن أوَّلِ الطريق، فإذا جاوَزَتْهم، لم يكتفوا بالنظرِ إلى ما أقبَلَت به عليهم، بل رفَعوا النظرَ فيها وخفَضوه، وإذا خلا الطريقُ، تفقَّدوا نوافذَ الأبنية، ولا يُعلَمُ مثلُ هذا الترصُّدِ والتتبُّعِ وتقليبِ النظرِ، مِن حالِ أغلبِ النساء.
ولو فُرِضَ الحجابُ على الطرَفَيْنِ، لكان فيه مشقَّةٌ وحرَجٌ، فرُفِعَت هذا المشقَّةُ بفرضِ الحجابِ على أحدِ الطرَفَيْن؛ فمَن الذي يحتاجُ إلى حجاب؟:
بالنظرِ إلى الرجلِ والمرأةِ، وجَدْنا أحدَهما طالبًا، والآخَرَ مطلوبًا؛ فأمَرتِ الشريعةُ المطلوبَ وهو المرأةُ بالحجاب، فإن احتجَبَتْ، ولم يَرَها الرجلُ، زال الطلبُ بالكلِّيَّة؛ لعدمِ إثارةِ الطالبِ؛ بخلافِ ما لو فُرِضَ الحجابُ على الرجلِ دون المرأةِ، فإن الرجُلَ يراها، وإن كان محجَّبًا، ويَرَاها سافرةً، فيطلُبُها، ولا يُغْني حجابُهُ حينئذٍ شيئًا؛ فلا تتحقَّقُ الحكمةُ مِن الحجابِ إلا بفرضِهِ على المرأة.
ولهذا بدأ القرآنُ بالرجالِ لمَّا أمَرَ بغضِّ الأبصار، ثم ثنَّى بالنساء، ومِن المعلومِ في قواعدِ الخطابِ الشرعيِّ: أن الأصلَ في قصدِ الرجالِ بالخطابِ والتكليفِ: أن تدخُلَ فيه النساءُ؛ لكنَّ القرآنَ لم يكتفِ في هذا الأمرِ بالمعهودِ مِن خطابِه، بل أردَفَ أمرَ المؤمِنين بأمرِ المؤمِناتِ؛ دفعًا لِمَا يُتوهَّمُ مِن تخصيصِ الرجالِ بهذا الأمر؛ لأنهم أسرَعُ وأحرَصُ، على رميِ سهامِ النظرِ مِن النساء؛ فاستوى تكليفُ الرجالِ والنساءِ بغضِّ البصر.
ومِن المعروفِ مِن حالِ النساءِ: اختصاصُهنَّ دون معظمِ الرجالِ بالحرصِ على استدعاءِ الأنظارِ وجذبِها، وللنساءِ أيضًا اختصاصٌ بالمبالَغةِ في التزيُّنِ والتجمُّل، والعنايةِ بالتفاصيلِ الدقيقةِ في المَظهَر، ومِن أماراتِ هذا الاختصاصِ: أن المرأةَ غالبًا مَّا يزدادُ فرَحُها بالثناءِ على حُسْنِ تجمُّلِها وزينتِها؛ فلا عجَبَ أن تقتضِيَ حكمةُ التشريعِ أن تُخَصَّ المرأةُ بفرضٍ يَضبِطُ ما اختَصَّتْ به مِن حُبِّ التجمُّلِ والتزيُّن، والفرحِ بكسبِ الإعجاب، واختطافِ الأنظار.
وليس هذا الوجهُ مِن الاختصاصِ هو الوجهَ الوحيدَ الذي يَكشِفُ عن حكمةِ التشريعِ في فرضِ الحجابِ على المرأة، ومِن وراءِ ذلك وجوهٌ تزدادُ انكشافًا كلَّما وقَفْنا على التفريقِ بين الرجلِ والمرأةِ في الجِماعِ ومقدِّماتِه، وبيانُهُ مِن الوجهِ القادم.
4- التفريقُ بين الرجُلِ والمرأةِ في عواقبِ التعرِّي:
إن إنكارَ الفارقِ بين المرأةِ والرجُلِ مكابَرةٌ وعنادٌ؛ لأن الفوارقَ بينهما، منها: ما يُدرَكُ بالفكرِ والعقل، ومنها: ما يُدرَكُ بالتجرِبة، ومنها: ما يُدرَكُ بالحواسِّ.
ولا يسوِّي بين الرجُلِ والمرأةِ في ذلك إلا جاهلٌ أو مؤدلَجٌ:
ومِن العجيبِ: أن أصحابَ هذه الشبهةِ لم يتوقَّفوا عند إنكارِ الفوارقِ الفلسفيَّةِ بين الرجلِ والمرأة، بل أنكَروا ما يُدرَكُ منها بالتجرِبة، وغَضُّوا أبصارَهم عن الفوارقِ الجسَديَّةِ المحسوسةِ بين الرجلِ والمرأة، ثم كَفُّوا عقولَهم عن التفكُّرِ بآثارِ هذه الفوارقِ الجسَديَّةِ على عَلاقةِ الجنسَيْن.
ولن نُضيفَ إلى أحدٍ علمًا إن بدَأْنا ننبِّهُ على هذه الفوارق؛ لكنَّ العنادَ والمكابَرةَ تَضْطَرُّنا إلى ذلك:
فنقولُ: إن الفرقَ بين المرأةِ والرجُلِ في الجِماعِ ومقدِّماتِهِ هو الفرقُ بين الفاعلِ والمفعول.
وإنه لَمِن دواعي العجَبِ: أن ينازِعَ العقلاءُ في الفرقِ بين المرأةِ والرجلِ في هذا الموضِع!
أَلَا يَرَى هؤلاءِ أن المرأةَ هي التي يَدفَعُ لها الرجالُ أموالَهم مقابِلَ تعريتِها أمامَ جماهيرِ الرجال؟! أَلَا يَرَى هؤلاءِ أن جسَدَ المرأةِ هو الحاضرُ في قصائدِ الشِّعْرِ ولَوْحاتِ الرَّسْم؟! أَلَا يَرَى هؤلاءِ أن عُرْيَ المرأةِ هو المستخدَمُ في الإعلاناتِ وجَذْبِ الزبائن؟!
وقد أفاد إحصاءٌ منشورٌ في موقعِ وِزارةِ العملِ الأمريكيَّةِ حول الوظائفِ التي شغَلَتْها المرأةُ في الوِلاياتِ المتَّحِدةِ الأمريكيَّةِ، سنةَ (2007م): أن (96.7 %) ممَّن يَعمَلون في وظيفةِ سكرتيرٍ وإعانةٍ إداريَّةٍ: نساءٌ، و(74 %) مِن النوادلِ (مقدِّمي الخِدْمةِ) في المطاعمِ: نساءٌ، و(93 %) مِن موظَّفي الاستقبالِ: نساءٌ، و(68.5 %) مِن موظَّفي خِدْمةِ الزبائنِ: نساءٌ.
إن هذه الأرقامَ تَشهَدُ على ما يَعرِفُهُ الخلقُ جميعًا مِن الفرقِ بين تعرِّي الرجال، وتعرِّي النساء.
وإذا اعترَفَ العاقلُ بهذا الفرقِ، فمِن العنادِ أن يُسوَّى لباسُ المرأةِ بلباسِ الرجُل.
ولولا هذا الفارقُ، لَتَسَابَقَ فريقٌ مِن الرجالِ الغربيِّين إلى الأموالِ التي تُدفَعُ للمرأةِ مقابِلَ تعريتِها.
لكنَّ المادِّيَّةَ ورأسَ المالِ علَّمتِ الغربَ ألا يُهدِرَ المالَ، وألا يُعطِيَ بغيرِ مقابِلٍ مناسِبٍ.
وشَتَّانَ ما بين عُرْيِ المرأةِ وعُرْيِ الرجُلِ؛ في جذبِ الزبائنِ، واستخراجِ الأموالِ مِن جيوبِ أصحابِها.
وعلى المرأةِ في هذا الغربِ المادِّيِّ: أن تَسْألَ نفسَها: لماذا دفَعُوا لها، ولم يَدفَعوا للرجُل؟! وماذا أخَذَ المادِّيُّون منها مقابِلَ ما دفَعوهُ لها؟!
إن المرأةَ في الغربِ تَعرِفُ ماذا أخَذتْ مقابِلَ نزعِ لباسِها، وتَعرِفُ ماذا أخَذوا منها بالمقابِل.
ويَكْفي في هذا المقامِ: أن نَسمَعَ شهادةَ امرأةٍ غربيَّةٍ، وهي الكاتبةُ (إيفُونْ رِيدْلي)، وهي تقولُ: «وما تزالُ النساءُ الغربيَّاتُ يُعامَلْنَ معامَلةَ السِّلَع؛ حيثُ تتصاعَدُ وتيرةُ الرِّقِّ الأبيضِ، متخفِّيًا تحت قناعِ عباراتِ التسويقِ البرَّاقة؛ حيثُ تَتِمُّ المتاجَرةُ بأجسادِ النساءِ في عالَمِ الإعلانات، في مجتمَعاتٍ يُعَدُّ الاغتصابُ والاعتداءاتُ الجنسيَّةُ والعُنْفُ ضدَّ النساءِ شيئًا اعتياديًّا مألوفًا فيها، وتُعَدُّ مساواةُ المرأةِ بالرجلِ فيها ضَرْبًا مِن ضروبِ الأوهام».
5- المرأةُ هي التي تَدفَعُ الأثمانَ بعدما أفلَحَ الذكورُ بتحريرِها مِن حصونِها:
وذلك أنَّ نَزْعَ الحجابِ ليس إسقاطًا للتكليفِ عن المرأةِ، بل هو رفعٌ للحصانة، وخلعٌ للأستار.
وإذا خرَجتِ المرأةُ مِن حِصْنِها، فلن تَملِكَ أن تلُومَ الرجالَ إذا استمتَعوا بالنظَرِ إليها، وماذا تَملِكُ إذا أسمَعَها الرجُلُ كلمةً بعد النظرة؟! وماذا تَملِكُ إذا تحرَّش بها لمسًا وما بعدَه؟!
في مجتمَعاتِنا المسلِمةِ المحافِظةِ: لا يتجرَّأُ الفُسَّاقُ على المرأةِ بذلك، ويحسُبون لهذه الجُرْأةِ حِسابًا.
أما في الغربِ: فقد سبَقونا إلى التحرُّرِ ورفعِ الحصانةِ عن المرأة، كما سبَقونا إلى ادِّعاءِ المساواةِ بين الرجالِ والنساء، لكنَّنا لم نجدْ منهم عدلًا ومساواةً في منظَّماتِ حقوقِ الرجُلِ، ومنظَّماتِ حقوقِ المرأةِ، لم نجدْ منظَّمةً عالَميَّةً تختصُّ بمعاناةِ الرجالِ مِن تحرُّشِ النساء؛ إن الرجُلَ هو المستفيدُ مِن نزعِ الحصانةِ عن المرأة؛ فلا نكادُ نجدُ له أثرًا ولا ذكرًا في حديثِ الغربِ عن حَمْلِ المراهِقات، ولا فيما يترتَّبُ على حَمْلِ المراهِقاتِ مِن عذاباتٍ ومضاعَفات، ولا نكادُ نَسمَعُ له ذِكرًا عند الحديثِ عن مخاطرِ الإجهاض، لا نَسمَعُ إلا الحديثَ عن الضحيَّة، ولا ضحيَّةَ إلا المرأةُ في معظَمِ الأحوال.
أما الرجُلُ، فقد قضى شهوتَهُ في ساعةٍ، ثم انصرَفَ لينتظِرَ فُرْصةً قريبةً، وتَجرِبةً جديدةً، فما أكثَرَ المحرَّرات!
فشريعةُ اللهِ عزَّ وجلَّ موافِقةٌ للعقولِ الصحيحة، والفِطَرِ السليمة؛ فهي شريعةُ اللطيفِ الخبير، وأحكامُها كلُّها عدلٌ وحكمةٌ، ومِن ذلك فَرْضُ الحجابِ على النساءِ دون الرجال؛ فإن الحجابَ فُرِضَ لمنعِ الوقوعِ في المحرَّم.
فعلى مَن يَسْألُ عن الحكمةِ مِن عدمِ فرضِ الحجابِ على الرجالِ: أن يفتِّشَ عن حديثِ الغربِ عن الضحايا التي افترَسَها الرجالُ بعد تحريرِ المرأةِ مِن حصونِ الشرع.
مختصر الجواب
مضمونُ السؤال:
يريدُ السائلُ أن يقولَ: ما دام الأمرُ يتعلَّقُ عندكم بمقدِّماتِ الزِّنى، فلماذا لا نَحرِصُ على المساواةِ بين المرأةِ والرجلِ في لُبْسِ الحجابِ وعدمِ لُبْسِه، ما دام الزِّنى لا يتأتَّى إلا بوجودِهما معًا؟
مختصَرُ الإجابة:
إن المرأةَ كما يُعلَمُ بالتجرِبةِ: تحتاجُ منذُ طفولتِها مِن العنايةِ والصيانةِ، والحفظِ والرعايةِ: ما لا يحتاجُ إليه الرجُل، وقد جاءت الشريعةُ الإسلاميَّةُ بتشريعاتٍ تُراعي ذلك، وتُبعِدُها عن أسبابِ الغِشِّ والخِداع.
ومِن المعلومِ اضطرارًا: أن عواقبَ تعرِّي المرأةِ لا تُقارَنُ بعواقبِ تعرِّي الرجُل؛ ويدُلُّ على ذلك: أن أعداءَ الإسلامِ إنما تُدَرُّ عليهمُ الأرباحُ، ويَجْنون الأموالَ بسببِ تجارتِهم بأجسادِ النِّساء، ولا يُوجَدُ مثلُ ذلك بالنسبةِ للرجال، كما أننا لا نجدُ ظاهرةَ التحرُّشِ بالرجالِ مثلَ ظاهرةِ التحرُّشِ بالنساءِ في المجتمَعات؛ مما يدُلُّ على أن التسويةَ بين الرجُلِ والمرأةِ في وجوبِ الحجابِ، حتى لا يُفتتَنَ كلٌّ مِن الصِّنفَيْنِ بالآخَرِ: ضربٌ مِن إنكارِ الواقعِ والحسّ.