تأليف
الوصف
تمثل قضية الوجود الإلهي أبرز دليل على استطالة هذا الإنسان وتجلده على ربه، فمع أن وجود الله تعالى معنى مركوز في الفطر، ينبت به فؤاد الإنسان ويحيا به وجدانه، إلا إن إسراف العقل يجمح بصاحبه بعيدا إلى ما فيه ضلاله وشقاؤه. قد يكون من الجحود المعرفي أن يوضع ملف الوجود الإلهي على منصة البحث والنظر، إذ إن المعرفة بطبعها نازلة تستلهم صدقيتها وبرهانها من الله تعالى، فكيف يكون سبحانه محل بحث ونظر؟ ! لكن المطالع لفضاءات الجدل الديني، ولا سيما في هذا العصر، يجد احترابا واسعا بين المؤمنين والملاحدة، إلى الحد الذي انتقلت فيه المعرفة الفطرية من كونها منطلقا لتثبيت الحقائق لتكون هي بذاتها محلا للبرهنة، فصارت الفطرة مستدلا عليها بعد أن كانت مستدلا بها. من هنا جاء هذا الكتاب ليلملم أطراف النظر في هذه القضية، وينظم بخيوط أبحاثه ومضامينه عقود الأدلة الفاعلة في هذا الجدل، بهيئة تعدت الصبغة الفلسفية/ الكلامية لتشمل استحداثا لطبيعة الأدلة والبراهين المثارة، وما يورده المبطلون عليها من تشكيكات، بما نرجو أن يكون فاتحة لتوسيع مدارات النظر والتجديد العقدي.