تواصل معنا

مقالات في مذهب الإنسانية: "الدين الإنساني" (2) (مقالة)

الوصف

حيث إن القوم أصبحوا ينادون بـ"الإنسانية"، مرددين هتافات أتباعها وأحفاد مؤسسيها دون وعي منهم بحقيقة المبدأ الذي ينادون به، مبادئه وأبعاده، واللبوس الذي يلبسه، والطريقة التي ينتهجها للتغلغل في عقيدة المسلمين؛ ومن ثَمَّ نقضها  وجدنا ضرورة وضع بحث متواضع عن هذا المذهب، على شكل مقالات؛ حتى لا نثقل على المهتم ببحث طويل

مقالة

عقيدة تأليه الإنسان في بني إسرائيل:

علاقة بني إسرائيل بربهم ونظرتهم إليه:

بعد يوسف عليه السلام تلوثت عقيدة بني إسرائيل بالوثنية التي عايشوها وهم في أرض فرعون، فقد شهدت الحقبة التاريخية التي وُجدوا فيها على أرض مصر خروج الهكسوس من مصر على يد الفراعنة بعد حرب استعادوا فيها ملكهم.

 

صحيح أنهم كانوا ينتظرون موسى الذين عرفوا بأن الله سيبعثه لينقذهم من طغيان فرعون، لكنهم لم يكونوا مستعدين لعبادة الله الواحد..

 

 

بني إسرائيل قوم لم ينكروا وجود الخالق، لكنهم كانوا يجدون أنفسهم ندًّا له يحق لهم:

أن يستكبروا على أوامره: ﴿ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 93].

 

أن يتأكدوا من وجوده، ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾ [البقرة: 55].

 

أن يشركوا به متى ما أرادوا: ﴿ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [الأعراف: 138].

 

أن يشترطوا عليه: " ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا ﴾ [البقرة: 61].

 

أن يتحايلوا عليه: أصحاب السبت..

 

أن يعبدوا غيره: ﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 148].

 

أن يستخدموه في قتال أعدائهم ليتمكنوا من دخول الأرض المقدسة: ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾ [المائدة: 24].

 

تعالى الله عن كل ذلك علوًّا كبيرًا.


كل هذا في ظل رسول يعيش معهم كل لحظات حياتهم، فكيف بعد وفاته؟

 

 

مقومات "الإنسان الإله" في دين "يهود":

بعد وفاة نبيهم موسى عليه السلام، عاد بنو إسرائيل إلى انتكاستهم التي أخرجهم الله منها على يديه، ألَّفوا دينًا جديدًا خلطوا فيه دين موسى عليه السلام بما أملته عليهم أهواؤهم، فكان دين "يهود"... دين محوره الشخصية اليهودية المتميزة عن كل شعوب الأرض، تشارك الرب في حكم الخلق.

 

المقومات:

الإنسان "اليهودي" هو محور الكون، والكون خُلق لأجله وهو الشعب الذي أوجده الله ليحكم شعوب الأرض:

(أنتم أولاد للرب إلهكم؛ لأنك شعب مقدس للرب إلهك، وقد اختارك الرب لكي تكون له شعبًا خاصًّا فوق جميع الشعوب الذين على وجه الأرض). (1-2 سفر التثنية).

 

فرد عليهم القرآن الكريم بقوله تعالى: " ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [المائدة: 18].

 

الحكم الإلهي خاضع لحساباتهم: ﴿ وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً ﴾ [البقرة: 80].

 

الجنة حكر عليهم دون الناس جميعًا: ﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 111].

 

إلههم أدنى منهم منزلة فهو فقير وهم الأغنياء، وهو بخيل أيضًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ﴾ [آل عمران: 181].

 

ربهم بخيل: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ﴾ [المائدة: 64]، فرد عليهم المولى: ﴿ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾ [المائدة: 64].

 

إلههم يتعب ويستريح، فالله تعالى تعب من خلق السماوات والأرض - تعالى الله عما يصفون – ﴿ هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلاَمَةٌ إِلَى الأَبَدِ لأَنَّهُ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعِ اسْتَرَاحَ وَتَنَفَّسَ ﴾ (سفر الخروج 31:17).

 

كما جاء في سفر التكوين، الإصحاح الثاني: وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل، وبارك الله اليوم السابع وقدسه؛ لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقًا.

 

فردَّ الله عليهم بقوله: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ﴾ [ق: 38]، وذلك لكمال قوته وقدرته.

 

اليهود يرون أن النبوة لا يستحقها إلا من كان منهم، ويرشحونه هم للنبوة، فإن لم يعجبهم اختيار الله للنبي جحدوه، فإما التكذيب أو القتل، ﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾ [البقرة: 87].

 

ويناقشون أمر الله في شخصية الملك الذي طلبوه من نبيهم ليقاتلوا تحت رايته: ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 247].


ومن دلائل تأليههم الشيطاني لأنفسهم استعلائهم على أنبياء الله، وما ينسبوه إليهم من أفعال قبيحة وخطايا وآثام، فينفون عنهم كل عصمة وطهارة يتفضلون بها عليهم، حتى يجعلونهم في مستوى قذارتهم ونجاستهم (حاشاهم صلوات ربي عليهم):

أ– فيدعون أن نبي الله هارون عليه السلام صنع عجلًا وعبده مع بني إسرائيل، (إصحاح 32 - 1 من سفر الخروج.

 

ب- وأن إبراهيم عليه السلام قدَّم امرأته سارة إلى فرعون حتى ينال الخير بسببها؛ (إصحاح 12 - 14 من سفر التكوين).


ج- ولوطًا شرب الخمر حتى سكر، ثم قام على ابنتيه، فزنا بهما الواحدة تلو الأخرى، ومعاذ الله أن يفعل لوط ذلك، وهو الذي دعا إلى الفضيلة طوال عمره؛ (سفر التكوين إصحاح 19 - 30).

 

د- وأن داود عليه السلام زنا بزوجة رجل من قواد جيشه، ثم دبَّر حيلة لقتل الرجل، فقتله، وبعدئذ أخذ داود الزوجة وضمَّها إلى نسائه، فولدت سليمان؛ (سفر صموئيل الثاني إصحاح 11 – 1).

 

و- وأن سليمان عليه السلام ارتد في آخر عمره، وعبد الأصنام وبنى لها المعابد؛ (سفر الملوك إصحاح 11 عدد 5).

الجزء الإلهي فيهم يؤهلهم لأن يكون لهم ما ليس لبقية البشر:

 ﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 111].

 

 ﴿ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [البقرة: 135].

 

 اليهودي عند الله أكرم من الملائكة، هو سبب البركة وخلق الشمس والمطر، ولو لم يخلق الله اليهود، لانعدمت البركة في الأرض، ولما خلقت الأمطار والشمس؛ جاء في التلمود ما نصه: "لو لم يخلق الله اليهود لانعدمت البركة من الأرض، ولما خلقت الأمطار والشمس".

 

 وكذلك فإن اليهود يعتقدون أن النار ليست لهم فلا يدخلها اليهود أبدًا، جاء في التلمود ما نصه: "إن النار لا سلطان لها على مذنبي بني إسرائيل، ولا سلطان لها على تلامذة الحكماء".

 

يجعلون لإلههم صفات كصفاتهم:

الإله لديهم سموه يهوه، وهو ليس إلهًا معصومًا، بل يخطئ ويثور، ويقع في الندم، وهو يأمر بالسرقة، وهو قاس، متعصب، مدمر لشعبه، إنه إله بني إسرائيل فقط، وهو بهذا عدو للآخرين، ويزعمون أنه يسير أمام جماعة من بني إسرائيل في عمود من سحاب.[1]

 

انتقاصهم من قدر الله تعالى وكذبهم عليه، ومن ذلك قولهم:

 النهار اثنتا عشرة ساعة في الثلاثة الأولى منها يجلس الله ويراجع الشريعة، وفي الثلاثة الثانية يحكم، وفي الثلاثة الثالثة يطعم العالم، وفي الثلاثة الأخيرة يجلس ويلعب مع الحوت والأسماك[2].

 

 ليس الله معصومًا من الطيش والغضب والكذب.

 

 الإله عند اليهود يصارعه أبيهم إسرائيل ويصرعه، ففي توراتهم تصارع يعقوب مع الرب فصرعه: "فبقي يعقوب وحده وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر"، "ولَما رأى أنه لا يقدر عليه ضرب حق، فخذه فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه ".


"وقال: اطلقني؛ لأنه قد طلع الفجر، فقال: لا أطلقك إن لم تباركني، فقال له: ما اسمك؟ فقال يعقوب: فقال: لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب، بل إسرائيل؛ لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت".


"وسأل يعقوب، وقال: أخبرني باسمك، فقال: لماذا تسأل عن اسمي وباركه هناك"؛ الكتاب المقدس سفر التكوين، إصحاح 32: 24-29.

تعالى عما يقولون علوًّا كبيرًا..

يتبع بإذن الله.

 

المرفقات

التصنيفات العلمية

أضف تعليقا