الوصف
هذه الفاحشة مُحرَّمة بإجماع فقهاء الإسلام، فكتب الفقه الإسلامي والتشريع أطلقت عليه اسم: الفاحشة، وبعض الكتب الفقهية تسميه اللواط، نسبة لفعل قوم لوط، وإن كرَّه بعضهم هذه التسمية؛ حتى لا يذكر اسم نبي الله لوط مرتبطًا بجريمة، بل يجب أن يسمَّى فعل قوم لوط، وأطلق عليه مصطلح: الشذوذ، ثم أخيرًا أخذوا يروِّجون لمصطلح المثلية، وأيًّا كان اسمه، فهو في النهاية اسمه: الفاحشة، أو الحرام، وهي من الكبائر، ومن أشنع المعاصي والذنوب، وأشدها حرمةً وقُبحًا في الكتاب والسنة النبوية الشريفة.
مقالة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا يخفى أن هناك هجمة عالمية منظمة من دعاة الفاحشة والرذيلة، تستهدف القيم الأخلاقية والإنسانية للمجتمعات عمومًا، والمجتمع الاسلامي خصوصًا، وذلك بإطلاق شعار رائج إعلاميًّا بما يسمى (ترند)، تحت شعار: (أنا مسلم ومثلي الجنس)، وتكمن خطورة هذه الظاهرة في تهديد المنظومة الأخلاقية والقِيَمِيَّة، ومحاولة هدمها بما ينافي الأعراف والقيم الدينية والمجتمعية والإنسانية، ومبادئ العقل والمنطق والفطرة السليمة.
ومن ذلك الترويج والدعاية للعلاقات الجنسية الشاذة التي تسمى بالمثلية الجنسية، واستخدام مختلف المنصات للترويج لذلك وتسويقه، بما في ذلك صناعة الأفلام السينمائية والكارتونية الموجهة للشباب والأطفال التي تدخل كلَّ منزل تدعو لهذه الفاحشة، وتبرِّر لها أنها من الحرية الفردية، وأنها ليست عيبًا يخجل منه أو حرامًا، وكذلك استغلال المباريات الرياضية للترويج لهذه الفاحشة، ورفع العلم الملون الذي يرمز لأصحاب هذه الفاحشة، والمستوحى من ألوان الطيف الشمسي المعروفة لكل الناس، بل وصل الأمر إلى تبني ذلك من قِبَل رؤساء دول عظمى وكبرى، ومنهم من جعل في برنامجه الانتخابي الدعوة إلى الحرية الجنسية للمثليين، وأنها من حقوق الإنسان، حتى صار لهم جماعات ضغط قوية جدًّا في العديد من البلدان الغربية، ووصلوا إلى مناصب وأماكن حساسة جدًّا، وصارت لهم كلمة مسموعة في السياسات الدولية والاقتصادية .
ومن ذلك أيضًا الترويج إلى تفسير ظاهرة المثلية والشذوذ الجنسي على أنها مرض مرتبط بجينات الإنسان التي تجعل ميوله تتغير من الطبيعة العادية وهي حبه للمرأة، إلى بحثه عن الرجل من نفس جنسه، أو العكس من قبل المرأة لجنسها، وعليه أن نتعامل معهم بشكل طبيعي، وأنهم مرضى وليس باحتقار وتشنيع فعلهم هذا، ولهذا قام جماعة من الأطباء الباحثين في إحدى الجامعات الامريكية في عام (2014م) بإثبات كذب هذا الادعاء بدراسة علمية شملت فحص الحمض النووي لـ (400) ذكر من المثليين الجنسيين، لم يتمَكن الباحثون من العثور على جين واحد مسؤول عن توجُّههم الجنسي.
وهذا دليل على أن الموضوع ليس له أي بُعد طبي أو علمي أكثر ما له بُعد سياسي وأخلاقي، ومخطط ماسوني خبيث، وأن العالم العربي المسلم ليس بعيدًا عن هذا المشروع الدخيل على الشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد العربية.
وقد أجمعت جميع الشرائع والأديان، وكذلك القوانين الوضعية للدول المتحضرة - على حرمة هذه الفاحشة وتجريم فاعلها، وترتيب العقوبة الرادعة بحقه، فلا خلاف في تجريم الشذوذ الجنسي، سواء اللواط بين الذكور، أو السحاق بين الإناث.
وهذه الفاحشة مُحرَّمة بإجماع فقهاء الإسلام، فكتب الفقه الإسلامي والتشريع أطلقت عليه اسم: الفاحشة، وبعض الكتب الفقهية تسميه اللواط، نسبة لفعل قوم لوط، وإن كرَّه بعضهم هذه التسمية؛ حتى لا يذكر اسم نبي الله لوط مرتبطًا بجريمة، بل يجب أن يسمَّى فعل قوم لوط، وأطلق عليه مصطلح: الشذوذ، ثم أخيرًا أخذوا يروِّجون لمصطلح المثلية، وأيًّا كان اسمه، فهو في النهاية اسمه: الفاحشة، أو الحرام، وهي من الكبائر، ومن أشنع المعاصي والذنوب، وأشدها حرمةً وقُبحًا في الكتاب والسنة النبوية الشريفة.
وهناك الكثير من الآيات القرآنية المباركة التي تنص على تحريم هذا الفعل الشنيع ومنها:
1- قال الله تعالى: ﴿ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ [الشعراء: 165-166].
2- وقوله تعالى: ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ منَ الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴾ [الأعراف:80].
3- قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء:32].
4- قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف:33].
أما في السُّنة النبوية الشريفة، فقد ورد فيها عن عقوبة هذه الفاحشة أحاديث كثيرة؛ منها:
1- عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الفَاعِلَ وَالمَفْعُولَ بِهِ))؛ [حديث صحيح، سنن أبي داود4/269، سنن الترمذي4/57، سنن ابن ماجه 2/856، مسند أحمد 4/ 64، المستدرك على الصحيحين للحاكم 4/395، سنن الدار قطني 3/124].
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام في الذي يعمل عمل قوم لوط، قال: ((ارْجُمُوا الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ، ارْجُمُوهُمَا جَمِيعًا))؛ [سنن ابن ماجه 2/ 856، مسند أبي يعلى 12/42].
3- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن عليه الصلاة والسلام قال: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوهُ))؛ [رواه الحارث بن أسامه؛ كما في بغية الباحث 2/566، والمطالب العالية 9/35، والخرائطي في مساوئ الأخلاق 201/439، وابن عبدالبر في الاستذكار 82/24، وابن الجوزي في ذم الهوى ص163، واختلف العلماء فيه].
4- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: ((اقتُلوا الفاعلَ والمفعولَ به، والذي يأتي البهيمةَ))؛ [حديث صحيح، رواه الترمذي 4/57، وابن ماجه (2561)، وأحمد 4/458 ].
5- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: ((إِذَا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ، وَإِذَا أَتَتِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَهُمَا زَانِيَتَانِ))؛ [سنن البيهقي الكبرى 8/ 406، وهو مختلف فيه].
6- عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ثَلَاثًا))؛ [حديث صحيح مسند الامام أحمد 5/83، المستدرك للحاكم 4/396]، وتأكيد اللعن ثلاثًا يدل على شناعة هذا الفعل القبيح.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الجواب الكافي [1/168]: (وَلَمَّا كَانَتْ مَفْسَدَةُ اللوَاطِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَفَاسِدِ، كَانَتْ عُقُوبَتُهُ فِي الدنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَعْظَمِ الْعُقُوبَاتِ).
وأما العقوبة في الشرع الحنيف لهذه الفاحشة، فقد اتفق الفقهاء على حرمة السحاق بين النساء وأنه من الكبائر، وأنه لم يرد فيه حدٌّ معين، وإنما يجب فيه التعزير؛ لأنه معصية وكبيرة، وبما يقرِّر الحاكم وولي الأمر، وبما يراه رادعًا وزاجرًا.
واختلفوا في عقوبة اللواط على ثلاثة أقوال:القول الأول: ذهب الجمهور إلى أن حدَّ اللواط القتل مطلقًا، سواء كان بكرًا أم ثيبًا، فاعلًا أم مفعولًا به، وهو مذهب الإمام مالك والإمام أحمد، وقول للإمام الشافعي، وهذا القول مروي عن جماعة من الصحابة الكرام؛ منهم: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبدالله بن عباس رضوان الله تعالى عنهم جميعًا، بل قد نُقل إجماع الصحابة على أن الحد في اللواط القتل؛ [ينظر: المبسوط للسرخسي الحنفي 9/77، شرح مختصر خليل للخرشي المالكي 8/87، الحاوي الكبير للماوردي 9/821، المغني 9/61 ].
القول الثاني: أن حدَّه كحد الزنا القتل للمحصن والجلد لغير المحصن؛ لأَنَّهُ إيلَاجُ فَرْجِ آدَمِيٍّ فِي فَرْجِ آدَمِيٍّ، لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ، وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ، فَكَانَ زِنًا كَالْإِيلَاجِ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ، إذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ زِنًا دَخَلَ فِي عُمُومِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ فَاحِشَةٌ، فَكَانَ زِنًا، كَالْفَاحِشَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ.وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلَيْ الشَّافِعِي.
القول الثالث: هو قول الإمام أبي حنيفة، فقد ذهب الحنفية إلى أن اللواط جريمة عظيمة وشنيعة، ولكنه ليس كالزنا، فلا يكون حدُّه حدَّ الزنا، وإنما فيه التعزير الذي يراه الإمام رادعًا وزاجرًا لهذا الفعل الشنيع.
الخلاصة:ومما سبق نستنتج أن ما يسمى بالمثلية الجنسية أو الشذوذ الجنسي، مُحرَّمٌ في كل الشرائع والأديان والقوانين الوضعية، وأنه فاحشة وكبيرة من الكبائر، وجريمة وفعل مستقبح مستنكر، تأباه الفطرة الإنسانية السليمة، وأن عقوبته القتل كما قرَّر ذلك جمهور العلماء.
ويجب على الحكومات والدول تشريع القوانين الرادعة لهذه الظاهرة الخطيرة للحد من انتشارها، وتغليظ العقوبة على مرتكبي الشذوذ، وعدم تشريع وجودهم، ولا الترخيص لجمعياتهم ومهرجاناتهم.
وكذلك يجب على المنظمات العالمية والهيئات والمجامع الإسلامية والمنابر الإعلامية - التحذير من هذا الفعل الشنيع، ومنع الترويج له، وبيان آثاره الصحية الخطيرة والنفسية والاجتماعية على الفرد والمجتمع، للتنفير منه وعدم قبوله، والتكاتف والعمل من أجل محاربة الشذوذ بشتى الوسائل الفردية والجماعية، وتوعية الناس بمخاطره وعواقبه، والتذكير بخطورة نشر الفاحشة بين الناس؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا..))؛ [سنن ابن ماجه 2/1332، صحيح ابن حبان 10/259 ].
وكذلك الاهتمام بعلاج حالات الشذوذ، وتطوير الوسائل العلاجية التي تساعد الشاذ على التخلص من هذا الداء، ومنها العلاج النفسي الذي يُعد من أشهر أنواع العلاجات حاليًّا وأكثرها فعالية، والتركيز على التربية الأسرية الإسلامية الصحيحة؛ لأن قسمًا كبيرًا منهم مُضلَّلون جاهلون غافلون، ومن حقهم علينا تعريفهم بالنصوص الشرعية التي تحرِّم هذا الفعل وتعتبره من الكبائر، ودعوتهم إلى التوبة والعودة إلى الله عز وجل، وأن الله سبحانه وتعالى يغفر الذنوب جميعًا، وتذكيرهم بقوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [ الزمر:53]، والله تعالى أعلم.