تواصل معنا

نيتفليكس والأجندة الخفية (مقالة)

الوصف

أكثر ما تنشره من أفلام ومسلسلات هي ذات محتوى غير أخلاقي مثل المحتويات التي تدعو إلى الانحرافات الجنسية كالشذوذ الجنسي 

 

 

مقالة

"قمت بإلغاء اشتراكي مع نيتفليكس للأبد إن شاء الله" هذا ما كتبه أحد المدونين العرب الشباب، واصفا ما فعله بأنها خطوة تأخرت كثيراً رغم البداية المبكرة نسبيا لتبلورها في رأسي كما يقول الذي كان تحت تأثير أقوى أنواع الدعاية.

وتصاعدت المطالبات في مصر هذا الأسبوع بحظر بث شبكة نيتفليكس، بعد انتاجها أحد الأفلام بمشاركة فنانين عرب، ويشجع الفيلم الزنا والشذود تحت مسميات الخيانة الزوجية والمثلية الجنسية، مع ما تضمنه من ألفاظ وشتائم.

وهنا تدور الأسئلة حول حقيقة تلك الشبكة؟ ولماذا تقوم نيتفليكس ببث تلك النوعية من الأفلام والمسلسلات؟ هل هناك أجندة لهدم القيم والأخلاق واعادة هندستها في العالم؟ وهل هي جزء من الحرب التي تدور في بلاد المسلمين والتي اصطلح عليها باسم حرب الأفكار؟

للإجابة على هذه الأسئلة، يجب علينا في البداية أن نعرف ما هي نيتفليكس ونشأتها وتطورها، ثم نعرض بعد ذلك محتواها وما تبثه من أفكار واتجاهات.

النشأة والانتشار نيتفليكس هي شركة ترفيهية أمريكية أسسها ريد هاستنغز ومارك راندولف في عام 1997 في كاليفورنيا بأمريكا، تتخصص في تزويد خدمة البث الحي والفيديو حسب الطلب سواء كانت أفلام أو مسلسلات من كل التصنيفات ولكل الأعمار، أي كأنك

تشاهد فيلم على تلفازك لكن نيتفليكس تعمل عن طريق الإنترنت وتعمل على كل الأجهزة المعروفة تقريباً. ثم تطورت في عام 2013 نحو مجال صناعة الأفلام والمسلسلات وبدأ عرض أول مسلسل أصلي تقدمه الشركة "بيت من ورق"، بعدها ازداد عدد البرامج

الأصلية التي أنتجتها نيتفليكس من الأفلام المسلسلات البرامج الوثائقية، وبلغت أعمالها حوالي 126 عملًا أصليًا في عام 2016 أكثر من أي شبكة أو قناة كابل تلفزيونية، وامتدت لمنطقة الشرق الأوسط مصاحبة الترجمة العربية.

والخلاصة أن ما تقدمه تلك الشركة من البرامج والأفلام والمسلسلات على نوعين: الأول ما يتم شراؤه من منتجيها الأصليين، والنوع الثاني الذي يتم إنتاجه خصيصا من قبل منتجين متعاقدين مع نيتفليكس، والتي تحتكر حق عرض أعمالهم على منصتها ويتم تسميتها بأعمال نتفليكس الأصلية. وفي عام 2018 أعلنت شركة نيتفليكس عن زيادة عدد مشتركين الخدمة ليصل إلى 137 مليون مشترك من جميع أنحاء العالم من ضمنهم 58 مليون مشترك في الولايات المتحدة. وتشير الاحصائيات أن هناك ما يقرب من 12 مليون عربي مشترك في نيتفليكس.

ولم يتوافر لدينا احصائيات حديثة، ولكن بما أن الأرقام السابقة قد مر عليها أكثر من ثلاث سنوات فهي بلا شك قد تضاعفت الآن.

المحتوى من ملاحظاتي وقراءاتي لصفحات الأشخاص الذين يتابعون ما تنتجه هذه الشبكة، ومن تتبعي لعناوين أفلامها ومسلسلاتها والملخصات المكتوبة، وجدت أن أكثر ما تنشره من أفلام ومسلسلات هي ذات محتوى غير أخلاقي مثل المحتويات التي تدعو إلى الانحرافات الجنسية كالشذوذ الجنسي وزنا المحارم والاعتداءات الجنسية المختلفة والدعوة إلى التحرر وانتزاع أي روابط لها علاقة بالدين، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، عرضت منصة نتفليكس مؤخرا مسلسل "ثلاثة عشر سببا"، وهو عمل درامي للمراهقين ويتكون من أربعة مواسم تدور قصته حول انتحار تلميذة بالمرحلة الثانوية بسبب تعرضها للتنمر من زملائها، ويحاول أصدقاؤها طوال حلقات الموسم الاول من المسلسل الدفاع عن هذه الفتاة ووضعها في صورة الضحية.

وواجه المسلسل سيلا من الانتقادات من بعض المنظمات المدنية بأمريكا خوفا على أبنائهم من التأثير السلبي للفكرة التي يعرضها المسلسل، كما أن المسلسل يصدر بشكل غير مباشر فكرة تقبل المثلية الجنسية أو الشذوذ الجنسي، وأن الآباء والأمهات لابد من أن يشجعوا ابناءهم على تقبل ميولهم الجنسية ويعلنوا عنها بدون خجل وأن المثلى الجنس هو شخص مظلوم ومقهور ويجب أن ينتصر في النهاية وأن انتصاره هذا هو أسمى معاني الانسانية.

بالطيع تبث شبكة نيتفليكس محتواها بشكل تقني متطور حرفي بامتياز من حيث اختيار القائمين على العمل والإخراج الفني العالي والإنتاج الذي يتم الصرف عليه بأموال طائلة، وكل هذا يجذب أعدادا هائلة من المشاهدين، وخاصة من الفئة العمرية الشبابية والمراهقين، وساعدها في ذلك دخول الانترنت بشكل رخيص التكاليف وبسرعات عالية داخل كل منزل.

ولذلك تتعمد تلك الشبكة أن تدس أفكارها بشكل غير مباشر، خاصة الافكار المتعلقة بالشذوذ الجنسي في معظم أعمالها بشكل يفضح الاجندة التي يسعى صناع المحتوى لتحقيقها، والكارثة أن هذه الافكار تصل لعقول المراهقين بشكل تدريجي مما يعرض جيلا كاملا للتشوه الفكري واعتياد تلك الممارسات المخالفة للشرع والفطرة.

يحدثني أحدهم ممن كان يتابع بشغف ما تنتجه هذه الشبكة فيقول: حتى الافلام والمسلسلات ذات المضامين النقدية للسياسات الغربية، فإنها لا تخلو من مشاهد الشذوذ بشكل فج، وكأنها أقحمت في السياق الدرامي اقحاما بلا أي هدف يرتبط بموضوع الفيلم او المسلسل أصلا.

وقرأت لأحدهم ممن يتابعون ما تبثه نيتفليكس فكتب يقول: لا يحتاج المرء أن يكون حاصلا على الدكتوراه في علم النفس أو خبيراً بفنون البروباغاندا، حتى يستوعب أن الذي يحصل هنا عملية غرس منظم لقيم موجهة، تتمثل بإغراق المشاهد بسيل من اللقطات الصادمة حتى يتطبع عليها، وتتحول من أفكار ومشاهد صادمة إلى غير صادمة، وتواصل التطور فتصبح عادية، ثم تصير بعدها مقبولة، وأخيراً تنتهي بكونها طبيعية بل ومستحبة.

ولكن هل بالفعل توجد مؤامرة تستهدف المسلمين بهذه الشبكة؟ محتوى نيتفليكس لا يعاني منه المسلمون فقط بل كل دول العالم، فلا شك أن قيم العولمة والتي تستمد مفاهيمها من الغرب ويقف وراءها مؤسسات تريد نشر ثقافة الانحلال الأخلاقي تحت دعاوى التحرر الجنسي المنبثق عن التحرر من الدين في كل العالم، وتلك المؤسسات تمتلك مصادر تمويل غير محدودة.

ولكن الأوساط المتدينة والمحافظة في الغرب شعرت بخطورة هذه الشبكة، ومنذ فترة دشنت حملة في الولايات المتحدة لمقاطعة منصة نيتفليكس بسبب استغلالها للأطفال للترويج للممارسات الجنسية.

ولكن حملة نيتفيلكس في بلاد المسلمين اكتسبت بعدا جديدا، وأن من وراءها يتوقع أنه سيصطدم بحاجز سميك في بلاد المسلمين يتمثل في عقيدتهم والتي تأبى أن تمرر مثل هذه المفاهيم.

ومثلما تم تمرير حملات الغزو الفكري منذ عقود في بلاد المسلمين، تحاول نيتفليكس ان تسير على نفس النهج، فتنتشر فيها الدراما التي تبرز ما تطلق عليه حقوق المرأة المهضومة في المجتمعات المتدينة، ويكثر الحديث عن حقوق الداعرات ويطلقون عليهن عاملات الجنس، وفي نظر صناع المحتوى في هذه الشبكة فإن الدعارة حرفة شريفة نظيفة مثل أي حرفة، وهكذا يتم تمرير المفاهيم المغايرة لقيم الإسلام وعقيدته بالتدريج حتى يعتاد عليها الناس شيئا فشيئا.

وكمثال على ذلك فقد قام مسلسل تنتجه نيتفليكس، صدر منه موسم جديد مؤخراً تمثل إحدى شخصياته الرئيسية مسلمة فلسطينية ترتدي الحجاب وتنخرط في علاقات زنا مع رجال كثيرين، وطبعا تتنوع هذه العلاقات مع رجال من دينها ومن غير دينها، وتكمن الحبكة الدرامية القوية في صديقها الجديد، الذي تكتشف أنه يخونها مع أخيها! حتى المسلسل الذي انتجته الشركة عن محمد الفاتح وفتح القسطنطينية، يمتلئ بالمشاهد الصادمة الغير أخلاقية.

وتطاول شبكة نيتفليكس ليس مقتصرا على الأخلاق الإسلامية ولكنه تعدتها الى الجانب العقيدي، وأبرز مثال على ذلك مسلسل المسيح الذي يصور فيه شخصية تعبر عن المسيخ الدجال في العقيدة الإسلامية، وكذلك مسلسل (جن) الأردني الذي آثار ضجة في الشارع العربي والأردني لما احتواه من مشاهد مضادة للعادات والعقائد العربية والإسلامية.

وقد كشف إعلامي تركي معروف لقناة آر تي الروسية عن صدام بين الحكومة التركية التي يسيطر عليها حزب العدالة صاحب التوجهات المحافظة، ومنصة نيتفليكس للأعمال الدرامية، بسبب مسلسلات تروج للشذوذ، وقد يؤدي لتصبح تركيا أول دولة تحظر هذه المنصة. وتحدثت أنباء عن إنهاء منصة نيتفليكس رسميا كافة أنشطتها في تركيا بسبب قرار أنقرة منع ظهور الشخصيات الشاذة في المسلسلات التي تمثل والتي تعرض على أراضيها.

وذكرت الأنباء أن القرار الذي اتخذته تركيا يشمل جميع ما ينتج أو يعرض على أراضيها من مسلسلات تحتوي على مشاهد تروج للشذوذ الجنسي، ولا يخص نيتفليكس وحدها.

وقد أكد تلك الأنباء في لقاء تليفزيوني نائب رئيس حزب العدالة والتنمية ومسؤول الدعاية والإعلام بالحزب، ماهر أونال. نعلم عام اليقين أن الإسلام والمسلمين يتعرضون منذ عقود طويلة لمحاولة افسادهم واخراجهم من دينهم وعقيدتهم، ولكن العقد الأخير كان الأكثر فتنة وصد عن الدين وقيمه، وما تنفثه هذه الشبكة وغيرها من السموم الأخلاقية والفكرية والعقائدية، لحري بأصحاب العقيدة الحية أن ينفروا بجميع الوسائل للحيلولة دون أن تصل هذه الوسائل الى مبتغاها، وليعملوا على احتواء شباب المسلمين وانقاذهم من الفتن، والتي باتت تدخل حتى بيوت المسلمين ولا حول ولا قوة الا بالله.

 

 

المرفقات

التصنيفات العلمية

أضف تعليقا