تواصل معنا

تأملات في سمات الخطاب النقدي لقضايا “الفيمينزم” (مقالة)

الوصف

لخطاب النقدي : وأقصد به تلك المادّة المطروحة التي تحاول تمييز الجيد ودفع الرديء في القضايا التي تقدمها الحركات النسوية . • الفيمينيزم / النسوية : هي تلك الحركة التي تتبنّى النظرة التصنيفية بينها وبين الرجل فهي تعتبر نفسها في درجة أدنى من الرجل ، فتسعى من أجل تحسين وضعها الاجتماعي و غيره بوضع حقوق تساوي بينها وبين الرجل ، وهي من خلال ذلك تُقدِم أفكار شاذة متطرفة عن الدين والعرف وتشوّه علاقة الرجل بالمرأة .

مقالة

مصطلحات:

الخطاب النقدي : وأقصد به تلك المادّة المطروحة التي تحاول تمييز الجيد ودفع الرديء في القضايا التي تقدمها الحركات النسوية . • الفيمينيزم / النسوية : هي تلك الحركة التي تتبنّى النظرة التصنيفية بينها وبين الرجل فهي تعتبر نفسها في درجة أدنى من الرجل ، فتسعى من أجل تحسين وضعها الاجتماعي و غيره بوضع حقوق تساوي بينها وبين الرجل ، وهي من خلال ذلك تُقدِم أفكار شاذة متطرفة عن الدين والعرف وتشوّه علاقة الرجل بالمرأة .

لطالما كنت أؤمن أن الله يقيّض لهذه الأمة طائفة تذود عن هذا الدين وتدافع بحرقة عنه وتدفع في ذلك الغالي والنفيس ، وهذه عقيدة في قلوبنا أنّ الخير لا يعدم في الأمة مهما طغى وتجبّر الظلم والفسق …

 
وكان يلفتني من خلال ذلك الإقبال الرهيب في البرنامج الدعوي الذي يقوم دِفاعاً على المقومات ويقف في وجه العلمانية والحركات النسوية بعض ما يُطرح في الساحة اليوم ، وذلك على مواقع التواصل الاجتماعي غالباً …
 
وقد لمست فيهم ذلك الحماس الدعوي وتنوّع المحتوى والأخذ والرّد في النقاشات وإنّي أثمّنُ فيهم ذلك وآمُل حقّاً أن يكون لهم أثر إلى يوم يبعثون ….
 
غيرَ أنني وبينما جلستُ أتأمل في سمات هذا الخطاب وجدتُ بعض الثغرات التي ربما يمكنها أن تُثني نوعاً ما وصول هذا الطرح لهؤلاء ، وأعوذ بالله أن أكون هنا في مقام التوجيه أو تثبيط الجهود، ولا أريد سوى أن ألفت عناية المهتمين بهذا الشأن إلى هذا الأمر .
 
فأقول مستعينة بالله :
 
لاشكّ أنّ تأسفنا كبير ونحنُ نرى تَبعات الموجة النسوية والتي استفحلت بكيانها في فكر فتياتنا ، وأخذت حيّزاً لابأس به من قناعاتهن وأفكارهن وحتى لباسهن وميولاتهن ، فانطلقنا نترصّد بكلّ ما أوتينا من قوة نُحاول إنقاذ ما نستطيع إنقاذه من عقول وفطرة سليمة قبل أن تكون على موعدٍ معَ طمسٍ للهوية والمعتقدات …
 
لكننا للأسف ونحنُ نُحاول أن نُغّير أكسبنا الخطاب لمسة بعيدة كلّ البعد عن الواقع وجعلناها معركة بين خَصمين ، ونسينا أن نتفهّم بعض حالات فتياتنا والتي نلمسها في صور كثير من واقعنا، فكثيرٌ من ردود أفعال نسويات أوطاننا اعتبرناها مؤامرة ونسينا أن نضعها في سياقها الاجتماعي .
 
فمثلاً وأنتِ تخاطبين فتاة بضرورة طاعة الزوج وغيرها من النصوص التي تَضعينها لتجميل هذه النقطة بينما هذه الفتاة تملك تاريخاً أسوداً وذكرى أليمة في علاقتها الزوجية ولذلك قرّرت أن تتذمر على العادات والقيم وأنت هنا تتحدثين معها على أساس شرعي مرفوض رفضه فكيف من المنطق أن تجديها تتقبل هذا ؟
 
أيضاً جانب الحديث عن القرار في البيت وإعطاء نظرة عنصرية للعاملة وأنت أمام أمّ تقف بمفردها لتُعيل أسرة بكاملها لأن المسؤول عن إعالتها قد تخلى عن قوامته ….
 
كيف يمكنها أن تتقبل فكرة القرار في هذه الحالة ؟ وكيف تستطيع أن تنظر إليك وأنت تضعين تلك العاملة في مقام سيء – بعيدا عن بعض الاعتبارات- ..
ففي أحيان كثير يكون الخطاب النقدي ردود أفعال على حالات غضب لنساء كُنّ ضحايا ليس إلاّ ، ولكن الخطاب النقدي يتميز دائماً بكثير من الجرأة و فقد للإنسانية أو في أحيان أخرى يتميز بطابع استهزائي …
 
يقول الإمام الغزالي رحمه الله : “أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام، بتعصّب جماعة من جهلة أهل الحق، أظهروا الحق في معرض التحدي والإذلال، ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء، مما أدى إلى حصول المعاندة والمخالفة، ورسوخ الاعتقادات الباطلة، وتعذر على العلماء المتلطفين محوها.”
 
صدق الغزالي رحمه الله، فحقّاً يؤسفنا أن نكون في مقام التغيير لكننا نهدِم أكثر من أن نبني بسبب تبنّينا تلك النزعة المندفعة ..
 
هل يحسب أحدنا أنه لو استطاع غالبيتنا تمثيل صورة الإسلام في واقع أسرته كانت ستتزايد في أوساطنا هذه النماذج التي ترمي الثوابت عرض الحائط ؟
 
فلا شك أنّ هناك طائفة تشارك بتصرفاتها في تشكيل ردود الأفعال التي لا نستسيغها،
 
في حين نقابل ذلك بحماسٍ عالٍ بيْدَ أنّه علينا أن ندرس الأمور برُويّة، فنحن لا نريد أن نزيد الطين بلّه بل نريد أن ننمّي الخير في الوسط، وقد أشار الأستاذ بدر الثوعي إلى هذه النقطة قائلاً : “أنه علينا تسكين الثائرة وفهم الواقع و ليس فقط الرّد “
 
لا أريد أن أطيل عليكم بالكثير من الكلام أردت فقط أن أنبّه إلى ضرورة أن نوغل في هذا المجال برفقٍ ولين وندرس الأمور بعناية فائقة وأن لانساهم في الهدم من حيث قد أردنا البناء بل نخاطب بحكمة وجمال …
 
فإذا كنا في مقام التغيير فعلينا أن لا نكتفي بالرّد ومجرّد الرّد بل ندرس القضية ونوصل الفكرة مُراعين في نفوس الضحايا :
 
  • – العادات الجاهلية
  • – السلطة الذكورية
  • – الجهل بمحاسن هذا الدين
  • – التأثر بالغرب
ولاننسى أن نملأ الثغرات التي تساعد على الوصول إلى الحلول بدلاً من تضخيمها بالمبالغة في أخذها والرّد عليها وبالتالي تزويدها بالوقود الذي يشعلها أكثر من أن يخمدها ، أي علينا أن ننطلق من الأساسيات قبل أن ننتهي إلى الرّدود وذلك بأن :
 
  • – نتحدّث لهن عن الحلول لمشاكلهن في ظل التشريع الرباني بدلاً من إعطائهن الإجابة الواحدة .
  • – نتحدث عن التكريم الرباني للمرأة فلا نترك هذه الموجة تستغلهن بتلك المفاهيم الخاطئة.
  • – نوضح لهن العلاقة الصحيحة بين الرجل والمرأة والتي تتميز بالتكامل لا التفريق.
  • – ونوضّح لهن النظرة الربانية للرجل والمرأة وأنها قائمة على أساس العدل وليس كما تدّعيه الحركات النسوية .
فهؤلاء غالباً بحاجة لأن نرسم على قلوبهن جماليات هذا الدّين لنُمهّد لهنّ التسليم والرضا بالنصّ الشرعي قبل أن نحاول أن نقنعهنّ بخطابنا الذي يفقد بعض مايكمّله نوعاً ما ….
 
هذا وأخيراً أربأ بالمتصدرين لهذا الخطاب النقدي الأخذ بعين الاعتبار سمة فهم الواقع لنكون أكثر أثراً وقبولاً  ...
 
 

المرفقات

المصدر

أضف تعليقا