تواصل معنا

هل المرأة مصدر شؤم بالإسلام ؟ (مقالة)

الوصف

زعم بعض دعاة محاربة الذكورية أن من صور احتقار الإسلام للمرأة أنه جعلها سببًا للشؤم والضرر للإنسان (1) ، كما في قول النبي صل الله عليه وسلم : ” إنما الشؤم في ثلاثة في الفرس والمرأة والدار ” (2). ونحن لا ننكر صحة هذا الحديث، ولكن الشكلة عند المعترضين جاءت من جهة الفهم الخاطئ لمعناه ومدلوله وتحديد المراد منه، وقد بحث علماء الإسلام كثيرًا في دلالة الحديث منذ زمن مبكر جدًا، واختلفوا في تحديد معناه والمراد منه، وطال الخلاف بينهم فيه جدًا

مقالة

زعم بعض دعاة محاربة الذكورية أن من صور احتقار الإسلام للمرأة أنه جعلها سببًا للشؤم والضرر للإنسان (1) ، كما في قول النبي صل الله عليه وسلم : ” إنما الشؤم في ثلاثة في الفرس والمرأة والدار ” (2). ونحن لا ننكر صحة هذا الحديث، ولكن الشكلة عند المعترضين جاءت من جهة الفهم الخاطئ لمعناه ومدلوله وتحديد المراد منه، وقد بحث علماء الإسلام كثيرًا في دلالة الحديث منذ زمن مبكر جدًا، واختلفوا في تحديد معناه والمراد منه، وطال الخلاف بينهم فيه جدًا(3).

والحقيقة أن الحديث لم يأتي لأجل ذم المرأة ولا الفرس ولا البيت، ولا لأجل التحقير من شأنها؛ وذلك أن الصحيح في معناه أنه يراد به أحد معنيين :

  • المعنى الأول : الإخبار عن أن الشؤم يكثر حصوله في حياة الناس مصاحبًا لهذه الأمور الثلاثة، ولكونها من أكثر ما يعاشره الرجال ويخالطونه، فالحديث ليس فيه أن تلك الأمور الثلاثة مشؤومة في نفسها أو أنها مما توجب الشؤم، وإنما فيه أن الشؤم يحصل مصاحبًا لها كثيرًا.

فالبيت قد يسكنه أناس فيهلكون أو يمرضون، ثم يسكنه آخرون فيهلكون ويمرضون وهكذا، وكذلك الدابة قد يشتريها شخص فيهلك أو يخسر، ثم يشتريها آخر فيقع له مثل ما وقع للذي قبله، وهكذا، وكذلك المرأة قد يتزوجها عدد من الرجال فيموتون تباعًا عنها.

فالنبي صلى الله عليه وسلم حين أطلق نفي الطيرة والشؤم، نبه على أن الشؤم يقع كثيرًا مع هذه الأمور الثلاثة تحذيرًا وتنبيهًا، وهذا ما يدل عليه بعض روايات الحديث، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” لا عدو ولا طيرة، والشؤم في ثلاث : في المرأة والدار والدابة ” (4). وبناء عليه فإن هذا الحديث يكون مشابهًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” سعادة آدم في ثلاثة وشقوة ابن آدم في ثلاث، فمن سعادته : المرأة الصالحة والمسكن الواسع والمركب الصالح، ومن شقوته : المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء “(5).

وفهم حديث الشؤم على هذا المعنى هو الذي ذهب إليه الإمام مالك، فقد سئل مالك عن الشؤم في الفرس والدار فقال : ” كم من دار سكنها قوم فهلكوا ، ثم سكنها آخرون فهلكوا ، فهذا تفسيره فيما أرى “ (6).

وبناء على هذا المعنى فالشؤم ليس ملازمًا في كل الأحوال لهذه الأمور وليس خاصًا بها أيضًا ، فقد يكون في أمور أخرى، يقع معها مثل ما يقع مع تلك الأمور فالرجل مثلًا قد يكون مشؤومًا، فإنه قد يتزوج امرأة فتموت معه ، ثم يتزوج أخرى فتموت معه، وهكذا، فهذا الرجل مشؤوم بالنسبة للمرأة.

  • المعنى الثاني : أن معنى الحديث إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن الأسباب المثيرة للطيرة والتشاؤم، الكامنة في النفوس، وإخباره بذلك من باب التحذير والتنفير، وليس من باب إقراره الأمر وتأكيده (7).
    ومن خلال هذين المعنيين يتضح أن الحديث لم يأت في سياق ذم المرأة والدابة والبيت، ولا في سياق الاحتقار لها، وإنما جاء في سياق التحذير والإرشاد، سد باب الوقوع في التشاؤم.

ومما يزيد من وضوح هذا المعنى ويكشف عن خطأ ذلك الاعتراض ووقوعه في الاختزال وسوء الفهم : أن هناك أحاديث أخرى عديدة جاء فيها الثناء على المرأة والإعلاء من شأنها ، ومن أشهر تلك الأحاديث قول النبي صلى الله عليه وسلم : ” حبب إلي من الدنيا النساء والطيب ، وجعل قرة عيني في الصلاة ” (8) ، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ” إنما النساء شقائق الرجال ” (9).

المرفقات

المصدر

أضف تعليقا