تواصل معنا

الزعم أن الإسلام يهضم حرية المرأة بمنعها من السفر دون محرم (مقالة)

الوصف

الزعم أن الإسلام يهضم حرية المرأة بمنعها من السفر دون محرم (*) [1]  مضمون الشبهة:  يزعم أدعياء تحرير المرأة أن الإسلام يهضم حرية المرأة، ويستدلون على ذلك بأن الإسلام يمنع المرأة من السفر إلا مع زوجها أو أحد محارمها، ويهدفون من وراء ذلك إلى اتهام الإسلام بظلم المرأة وتقييد حريتها.

مقالة

الزعم أن الإسلام يهضم حرية المرأة بمنعها من السفر دون محرم (*) [1]

مضمون الشبهة:

يزعم أدعياء تحرير المرأة أن الإسلام يهضم حرية المرأة، ويستدلون على ذلك بأن الإسلام يمنع المرأة من السفر إلا مع زوجها أو أحد محارمها، ويهدفون من وراء ذلك إلى اتهام الإسلام بظلم المرأة وتقييد حريتها.

وجها إبطال الشبهة:

1) حاجة المرأة إلى الزوج أو المحرم في سفرها واضحة؛ لضعفها ولكونها عرضة لحوادث مختلفة من مرض، أو اعتداء بعض الأشرار، أو عدم اهتداء إلى المكان الذي تقصده.

2) أفتى بعض الفقهاء أن الرفقة المأمونة في السفر تقوم مقام الزوج والمحرم عند عدمهما، وذلك إذا تم الوثوق بأن المرأة المسلمة لن تتعرض في سفرها إلى ما لا يليق بها.

التفصيل:

أولا. حاجة المرأة إلى الزوج أو المحرم واضحة؛ لضعفها ولأنها تكون عرضة في سفرها لحوادث مختلفة:

إن حاجة المرأة إلى الزوج أو المحرم في السفر واضحة، فإنها عرضة لحوادث مختلفة من: مرض أو فقد نقود، أو عدم اهتداء إلى المكان الذي تقصده، أو اعتداء بعض الأشرار أو الفساق، أو نحو ذلك من المخاطر المتنوعة، التي تسبب لها مشاكل ومتاعب متعددة، فتحس بالضرورة القصوى إلى زوج أو محرم تركن إليه في محنتها حينئذ، فتتلفت هنا وهناك ولا تجد مغيثا؛ ولذا فإنها لا تكلف بالحج - وهو فريضة - ما لم تجد الزوج أو المحرم المرافق لها.

ولا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع زوج أو ذي محرم، كأب أو أخ أو ابن أو غيرهم من المحارم، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها».[2] وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم»[3] [4].

وفي ذلك يقول الشيخ محمد الغزالي: "سفر المرأة وحدها في حاجة إلى التروي، ودراسة الرحلة كلها من الذهاب إلى الاستقرار، وليس ذلك من قبيل التطير والتهمة واتباع الظنون، ولكنه من قبيل الحيطة والصون والاطمئنان، وجاء عن ابن عباس «أن رجلا قال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا؟ قال: انطلق فحج مع امرأتك»[5]!

وتعطيل رجل عن الجهاد ليصحب امرأته في حجها أمر له دلالته! والقاعدة الشرعية تقول: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، وانطلاق امرأة على ناقتها، تطوي الطريق بالليل والنهار وحدها، مظنة تهجم السفلة وقطاع الطريق عليها، ولم تخل الدنيا قديما ولا حديثا من أولئك الأوباش الذين يستضعفون النساء وينتهزون فرصة لاغتصابهن"[6]!

إن هذا من تمام الحكمة، فإن السفر مظنة التعب والمشقة، والمرأة لضعفها تحتاج لمن يؤازرها ويقف إلى جوارها، وقد ينزل بها ما يفقدها صوابها، ويخرجها عن طبيعتها في حال غياب محرمها، وهذا مشاهد معلوم اليوم لكثرة حوادث السيارات وغيرها من وسائل النقل.

كما أن سفرها بمفردها يعرضها للإغراء والمراودة على الشر، لا سيما مع كثرة الفساد، فقد يجلس إلى جوارها من لايخاف الله ولا يتقيه، فيزين لها الحرام. وقديما قيل: "إن امرأة جميلة كانت تطوف وحدها دون أن يصحبها في طوافها زوج أو محرم، وكان يتعرض لها بعض رجال السوء كلما رآها تطوف بنوع أذية، فاصطحبت معها ذات مرة أحد محارمها، فتنحي ذلك الرجل السيئ بعيدا عنها، فأنشدت البيت المشهور:

تعدو الذئاب على من لا أسود له

وتتقى صولة المستأسد الحامى[7]

وبهذا يتضح أن الإسلام سبق النظم كلها في رعاية المرأة وحفظها واحترامها وتقديرها، واعتبارها درة ثمينة يجب أن تصان عن المفاسد والشرور، ونحن نسلم لأمر الله وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - ونعلم أن فيه تمام الحكمة والرحمة؛ لأن الله تعالى لا يحرم على عباده إلا ما فيه مفسدة ومضرة لهم.

ثانيا. أفتى بعض الفقهاء أن الرفقة المأمونة في السفر تقوم مقام الزوج والمحرم:

يقول الشيخ محمد الغزالي: "هل يتغير هذا الحكم إذا ساد الأمان؟ من الأئمة من رأى جواز سفر الحاجة في رفقة مأمونة، فإن القافلة المأمونة تنفي القلق والوساوس، ولعله يشهد لهذا ما صح عن عدي بن حاتم، قال: «بينما أنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل - وكان ذلك قبل أن تستقر دولة الإسلام وتبسط الأمن في أرجاء الجزيرة كلها - فقال الرسول يا عدي، هل رأيت الحيرة؟ قلت لم أرها وقد أنبئت عنها! قال: فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف الكعبة، لا تخاف أحدا إلا الله!

قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دعار طيئ الذين سعروا البلاد؟ - كأنه يستبعد انقطاع دابر المفسدين - ثم قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعدي: "ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى"! قلت: كسرى بن هرمز؟ - استعظاما للخبر - قال: "كسرى بن هرمز"! - قال عدى: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة - على شاطيء الخليج - حتى تطوف بالبيت لا تخاف إلا الله، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز»[8] [9].

ويقول د. محمد بلتاجي: وربما جاز العمل بما يراه بعض الفقهاء من أن الرفقة المأمونة في السفر تقوم مقام الزوج والمحرم عند عدمهما, إذا تم الوثوق بأن المرأة لن تتعرض في سفرها إلى ما لا يليق بها، حيث يروي النووي في سفر المرأة لحجة الإسلام: وقال عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين ومالك والأوزاعي والشافعي - في المشهور عنه - لا يشترط المحرم بل يشترط الأمن على نفسها.

قال الشافعية: يحصل الأمن بزوج أو محرم أو نسوة ثقات، وقال بعضهم: قد يكثر الأمن ولا تحتاج إلى أحد، بل تسير وحدها في جملة القافلة وتكون آمنة.

وعلى الرغم من أن هذا النص في الحج خاصة، فإننا يمكن أن نطبقه في غير ذلك من الأسفار التي يجب على المرأة بحكم عملها، فإذا وجد الأمن الذي ابتغاه النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديثه للمرأة المسلمة، ووثقنا من حصوله تماما، كوفد رسمي يجمع نساء عديدات ثقات، فلا بأس[10].

وهذا في حال إحسان الظن بالمرأة، وأنها على درجة عالية من الدين وحسن الخلق، وإلا فإنه يخشى عليها من نفسها، فقد تجد حريتها فتسلك مسالك غير محمودة من مزاحمة الرجال والضحك معهم، أو نزع الحجاب والتكشف، أو نحو ذلك مما تحترز عنه أشد ما يكون الاحتراز حالة صحبة زوج أو محرم، وما نشاهده من تصرفات مثل هؤلاء النسوة في هذا الزمن غير خاف على ذي عينين[11].

الخلاصة:

  • لمي ظلم الإسلاما لمرأة حينما منعها من السفر إلا مع زوجها أو مع أحد محارمها، وإنما هدف الإسلام من ذلك حماية المرأة من تهجم السفلة وقطاع الطرق، ولم تخل الدنيا قديما ولا حديثا من أمثالهم، وكذلك عدم تحمل المرأة مشاق السفر ومتاعبه وحدها دون من يعاونها ويساعدها من الرجال.
  • أجازبعض الفقهاء سفر المرأة الحاجة بشرط الرفقة المأمونة، وبهذا يتضح أن الإسلام سبق النظم كلها في رعاية المرأة وحفظها واحترامها وتقديرها، واعتبارها درة ثمينة يجب أن تصان عن المفاسد والشرور.

المرفقات

أضف تعليقا